هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وافق البرلمان المصري على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بعد فصله عن قانوني الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وقرر البرلمان إحالته لمجلس الدولة لمراجعته قبل إصداره في شكله النهائي.
ووصف صحفيون وإعلاميون بنود القانون الذي تمت الموافقة عليه بأنها استكمال لفرض هيمنة الدولة على الصحافة والإعلام، ومنح الجهات الإدارية سلطات أوسع تحت مسمى حماية الأمن القومي في مراقبة ومتابعة والتحكم في المواد المنشورة بوسائل الصحافة والإعلام المختلفة، بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدوا أن القانون الجديد فرض قيودا مالية ضخمة على إصدار الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، كما أنه أقر فرض ضريبة على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الإجتماعي لنشرها إعلانات تخص السوق المصرية، بالإضافة لمنح السلطات الإدارية الحق في غلق الصفحات الخاصة للأفراد التي يبلغ عدد متابعها خمسة آلاف متابع، إذا نشرت ما يمثل ضررا على الأمن القومي أو أمن الأفراد والهيئات أو يحمل ما يمكن اعتباره سبا وقذفا للأشخاص والهيئات.
ووسع القانون طبقا للمتابعين من سلطات المجلس الأعلى للإعلام رغم تقليص عدد أعضائه، ومنحه صلاحيات كبيرة في محاسبة الوسائل الإعلامية والصحفية، كما أنه ألزم المواقع الإلكترونية بتسليمه نسخة من المواد المنشورة بها، ومنحه حق إصدار التراخيص أو سحبها، فضلا عن وقف تجديدها من عدمه.
اقرأ أيضا: "مراسلون بلا حدود" تدعو لوقف حملة قمع الصحافة بمصر
وقد دعا عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين لعقد اجتماع عاجل لمجلس النقابة لمناقشة تداعيات هذه القوانين التي تنم عن روح عداء واضحة للصحافة والإعلام وطرق إدارتها، إلى جانب تنوع القوانين بخصوص موضوع واحد، بالرغم من مطلب الجماعة الصحفية والإعلامية بوجود قانون موحد للصحافة والإعلام.
ووصف عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفيين وأحد الداعين للاجتماع، القانون بالكارثي، سواء في ما يتعلق بعباراته المطاطة أو الصلاحيات التي منحها للجهات الإدارية، مؤكدا لـ "عربي21" أن المعركة الحقيقية سوف تكون بعد إجازة عيد الفطر، وإما أن ينتصر الصحفييون والإعلاميون والفاعلون في المجال الإعلامي لحرية الصحافة والنشر أو أن الأمر سيؤدي لمزيد من الكوارث.
من جانبه قال الوكيل السابق لنقابة الصحفيين خالد البلشي إن القانون منح الدولة دور الأخ الأكبر للمجتمع الصحفي، مشيرا في تعليق نشرته الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أن تزامن إصدار القانون مع ذكرى يوم الصحفي الذي انتفض فيه الصحفيون ضد القانون 93 لسنة 95، المعروف بقانون اغتيال حرية الصحافة وحماية الفساد، يشير إلى أن الدولة ترفع شعار "انتهى زمن الصحافة الحرة".
موضحا أن نصوص تشكيل الهيئات الصحفية والإعلامية في القوانين الثلاثة يرسخ لهيمنة السلطة التنفيذية وتحديدا رئيس الجمهورية على الإعلام بشكل قانوني وكامل، بخلاف ما سيتبع ذلك من إعادة النظر في القيادات الصحفية والاعلامية.
ويشير البلشي إلى أن القوانين الثلاثة ترسم المشهد الأخير في مرحلة السيطرة على الإعلام والنشر بشكل عام، حتى على الصفحات الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث فتحت مواد قانون تنظيم الصحافة خاصة المادتين 5 و19 الباب لتقنين الحجب والمصادرة بنصوص غريبة، أو عبر التوسع في استخدام العبارات المطاطة لمعاقبة الصحفيين، والسيطرة على مهنة الكتابة، وصولا لمطاردة الكلام حتى عبر الفيسبوك.
اقرأ أيضا: السيسي يهيمن على الإعلام برجال مبارك عبر مجلس وهيئتين
ويضيف الخبير الإعلامي حسن البحيري لـ "عربي 21" أن خطورة هذا القانون أنه يحمل عبارات ومواد فضفاضة يمكن لأي جهة تفسيرها طبقا لهواها، وأن الدعاية التي مارسها أعضاء البرلمان قبل تمرير القانون بأنهم انتصروا لحرية الصحافة وأنهم تصدوا لغلق الصحف، كلها دعاية كاذبة، حيث منح القانون المجلس الأعلى للإعلام صلاحيات واسعة لتحجيم الصحافة والإعلام من المنبع.
ويشير البحيري إلى أن أخطر ما جاء في القانون هو مساواته للصفحات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بالصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، سواء في المساءلة أو الحجب، ومنح المجلس الأعلى للإعلام حق تحويل صاحب الصفحة للنيابة العامة إذا رأى المجلس أن ما ينشره صاحب الصفحة مخالفا لأعراف الدولة أو الحكومة.
ويوضح الخبير الإعلامي أن القانون وسع من حقوق الدولة على حساب حرية النشر، وأنه حتى منع الحبس في قضايا النشر أصبح أمرا يخضع لرؤية المسؤولين وليس لها ضوابط أو أعراف حاكمة، كما أن القانون وسع من صلاحيات المجلس الأعلى وهو مجلس معين، على حساب نقابة الصحفيين المنتخبة، بالإضافة للضوابط المالية غير الطبيعية لإصدار الصحف وإطلاق المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، والتي تصل لستة ملايين جنيه (350 ألف دولار) لإصدار صحيفة يومية، وخمسين مليون جنيه (3 ملايين دولار) لبث قناة فضائية إخبارية.
ويؤكد البحيري أن هذه الاشتراطات المالية التي يصعب تحقيقها سيكون لها تأثيرات سلبية على سوق العمل الصحفي، وعلى تنوع الإصدارات والوسائل الصحفية والإعلامية، بما يعني أن المؤسسات والأجهزة العملاقة هي وحدها التي سوف تتحكم في كل المجالات الصحفية والإعلامية.