هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء ومختصون أن القمة التي
جمعت رئيس الإنقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في
القاهرة، لم تحقق تقدما ملموسا في الأزمة الأخطر بين البلدين وهو سد النهضة، رغم
القسم الذي تلاه الطرفين لعدم الإضرار بمصالح الطرف الآخر.
وطبقا لخبراء تحدثوا لـ"عربي21" فإن
رئيس الوزراء الإثيوبي لم يقدم ما يفيد بمشاركة مصر بأعمال التشغيل والإدارة لسد
النهضة أو حتى طريقة التخزين، وهي الفرصة الأخيرة للقاهرة للحفاظ على حصتها من
مياه النيل، مؤكدين أن الزيارة هي في الأساس لصالح الجانب الإثيوبي الذي يريد
تهدئة الملفات الساخنة التي تحيط به.
والتقى السيسي برئيس الوزراء
الإثيوبي الذي يزور القاهرة للمرة الأولى استجابة لدعوة من وزير الخارجية المصري
خلال اجتماعات اللجنة التساعية بأديس أبابا أيار/ مايو الماضي، وعقد الطرفان جلسات
مباحثات انتهت لاستمرار التباحث بشأن سد النهضة والتوصل لاتفاق بما لا يخل بمصالح
أي طرف، والاتفاق على زيادة فرص الاستثمارات المصرية بإثيوبيا، ودعم الاتفاقات
الثنائية بما فيها إقامة منطقة صناعية مصرية بإثيوبيا، وتشجيع اتفاقات استيراد
اللحوم الإثيوبية.
وأكد الطرفان أهمية التعاون في مجالات
الاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية والمزارع السمكية والصحة، وإنشاء صندوق ثلاثي
بين مصر والسودان وإثيوبيا لتمويل مشروعات البنية التحتية بما يحقق المصالح
المشتركة للدول الثلاث، بناء على الاجتماع المقرر أن تستضيفه القاهرة يومي 3 و4 تموز/
يوليو المقبل، ومناقشة الأوضاع الإقليمية وبالأخص ملفات جنوب السودان، والوضع بالصومال،
والعلاقات الإثيوبية الإريترية.
اقرأ أيضا: السيسي يطلب من رئيس وزراء إثيوبيا ترديد قسم مثير (شاهد)
وطبقا لمساعد وزير الخارجية المصري
الأسبق عبد الله الأشعل، فإن "القسم" الذي تلاه كل من السيسي وآبي أحمد
لن يفيد عند الحديث عن الاتفاقيات الرسمية بين الجانبين وقت التنفيذ، خاصة أن ما
جرى لا يعد جزءا من الاتفاقيات السياسية الموقعة بين الطرفين فيما يتعلق بتفاهمات
السد.
ويضيف الأشعل لـ"عربي21"
أن "رئيس الوزراء الإثيوبي ليس لديه حرية حركة مطلقة فيما يتعلق بسد النهضة،
باعتبار أن هذا المشروع هو الحلم الذي ينتظره الشعب الإثيوبي، وبالتالي لن يقبلوا
أي تفريط في الإنجازات المنتظرة من مشروع السد، وهو ما ظهر في حديث رئيس الوزراء
الإثيوبي الذي لم يقدم أي وعد ملموس لمصر فيما يتعلق بملء وإدارة وتشغيل السد".
وعلي عكس ما ذهب إليه السفير
الأشعل، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي أن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي حول الحفاظ
على حصة مصر التاريخية بمياه النيل وحديثه عن زيادة حصص مصر المائية، يعطي مؤشرات أولية
حول وجود حلول فنية في الاجتماع التساعي القادم الذي تستضيفه القاهرة.
وقال بيومي في تصريحات صحفية إن
الاتفاق على وجود منطقة حرة بين البلدين ووجود مشروعات تنموية، يشير إلى حرص الدولتين
على علاقاتهما المشتركة.
وهو الرأي الذي يخالفه السفير
السابق الدكتور باهر الدويني، الذي أكد أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لا يجب أن
يتم تقييمها بعيدا عن الخطوات التي قام بها خلال الأيام الماضية، سواء في الداخل
الإثيوبي أو في علاقته بدول الجوار.
ويوضح الدويني لـ "عربي21"
أن رئيس الوزراء الإثيوبي يعتمد في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها بلاده، على
سياسة تهدئة الملفات الساخنة التي تحيط ببلاده، ولذلك اتخذ مبادرة تهدئة الحدود مع
إريتريا، كما أقال رئيس المخابرات ورئيس الأركان، وفتح خط تواصل مع الصومال، واستمر
في دعم علاقته بالسودان، وبالتالي جاءت زيارته للقاهرة في هذا الإطار لتهدئة الأجواء
بين البلدين حول مشروع سد النهضة.
ويشير الدويني إلى أن المنظمات وهيئات
التحكيم الدولية لا تعترف إلا بالوثائق الرسمية، أما التعهدات الشفهية، فليس لها
أي اعتبار قانوني، وإنما هو أسلوب يتم استخدامه لتهدئة الأجواء الساخنة بين الدول.
وأضاف الدويني أن اللغة التي تعامل
بها رئيس الوزراء الإثيوبي، وإن كان لا يعتد بها أمام المؤسسات الدولية، إلا أنها
تشير لوجود حالة إثيوبية مختلفة تجاه مصر، على عكس موقف قادة إثيوبيا السابقين،
وهو ما يمكن الاعتماد عليه في اللقاء التساعي المقبل بالقاهرة، الذي يشارك فيه
وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات بمصر والسودان وإثيوبيا.
ويري الدويني أن أهم ما خرج به
رئيس الوزراء الإثيوبي، هو محاولة إبعاد مصر عن دعم المعارضة الإثيوبية الموجودة
بإيرتريا وجنوب السودان، التي كانت سببا في توتر العلاقات بين أديس أبابا
والخرطوم من جانب وأسمرة والقاهرة من جانب آخر قبل عدة أشهر، أما باقي ما تم
التوصل إليه، فهي أمور دبلوماسية لا يمكن الاعتماد عليها في مستقبل أزمة سد النهضة.