هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قد يعتقد البعض أن علم الفلك لا علاقة له ولا دور في تحديد مواقيت
العبادات الدينية، وهو اعتقاد خاطئ بالكلية؛ لأن علم الفلك من العلوم اللصيقة
بالعبادات، فعلم الفلك له تخصصات مختلفة، أحد تلك التخصصات هو الفلك الشرعي.
فعلم
الفلك الشرعي الذي يقوم بدراسته وتطويره علماء الفلك المسلمين، وبمشاركة علماء
الشرع، يهدف لتسهيل معرفة وتحديد مواقيت العبادات الدينية على المسلمين، ذلك أن
مسألة تحديد مواقيت العبادات ترتبط بجانب شرعي من حيث تحديد العلامات والأوصاف
التي تدل على دخول الوقت، كما ترتبط بجانب فلكي حسابي من حيث تحويل العلامات التي
حددها علماء الشرع إلى معادلات رياضية نستطيع من خلالها تحديد موعد العبادات
الدينية بكل سهولة ويسر.
ولأهمية
حساب التوقيت والتقويم في الإسلام نجد أن الله عز وجل ذكره في مواضع عديدة في
القرآن الكريم، فقد قال تعالى في سورة يونس: "هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر
نورًا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" فمن يستطيع تحديد منازل القمر
وبكل دقة؟، وفي موضع آخر يقول تعالى في سورة الإسراء: "وجعلنا الليل والنهار
آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا
عدد السنين والحساب"، فمن يستطيع تحديد عدد السنين ويحسبها؟.
وحينما
ننظر إلى أركان الإسلام الخمسة-وعليها يقوم الدين الحنيف-نجد أن أربعة منها تعتمد
على الوقت والتقويم الذي يحدده علماء الفلك الشرعي، فنجد الحاجة ملحة لدور الفلك
في تحديد مواقيت ثاني الأركان وهو الصلاة، أليس للحساب الفلكي دور وجهد في تحديد
مواقيت الصلاة بدقة بالغة!!
أليس الحساب الفلكي هو الذي يحدد لنا اتجاه القبلة الذي هو شرط صحة
الصلاة!!، ثم يأتي بعد ذلك ثالث الأركان وهو الزكاة، أليس شرط وجوب إيتاء الزكاة
مرور الحول!!، والحول هو عام هجري وليس ميلادي، وعلماء الفلك هم من يحدد هذا العام
الهجري، ثم رابع الأركان وهو الصوم، أليس علم الفك هو الذي يقوم بتحديد موعد ميلاد
هلال شهر رمضان لبدء الصيام، وكذلك هو الذي يحدد موعد ميلاد هلال شوال لينتهي
الصيام، ثم يأتي آخر الأركان الخمسة وهو الحج، أليس لعلم الفلك دور في تحديد بداية
شهر (ذو الحجة) ومعرفة بدايته الصحيحة!! فبتحديد البداية الصحيحة لشهر ذو الحجة
تؤدَّى مناسك الحج في ميقاتها الشرعي الذي حدده رب العالمين.
من
أجل تلك الأمور المترابطة بين علم الفلك وتحديد موعد العبادات الدينية نجد أن
الكليات الشرعية كانت تُدرس علم الفلك الشرعي لطلابها قديمًا، حتى يصبح الطالب على
دراية بعلم الفلك الشرعي. وذلك ليتفهم بعدم إمكانية استغناء العبادات وأدائها
الصحيح عن علم الفلك.
من
خلال تلك المقتطفات السريعة يتبين لنا أن الكثير من العبادات الدينية تعتمد على
علم الفلك كمصدر ومرجع لتحديد وقتها وبدقة عالية، فالعلامات والظواهر الفلكية التي
بها يتحدد وقت كل صلاة أو دخول الشهر الهجري يحددها علماء الشريعة، ثم يأتي دور
علماء الفلك في تحويل تلك العلامات وتلك الظواهر الفلكية إلى معادلات نستطيع من
خلالها معرفة وقت الصلاة بالنظر إلى الساعة فقط، ودون أدنى مشقة أو عناء.
الشرق القطرية