هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتواصل الأزمة السياسية في تونس، بالتزامن مع إعلان رئيس الجمهورية تعليق العمل بخارطة الطريق "قرطاج 2" بعد تعذّر التوافق بين الأطراف الحزبية والمنظمات الوطنية حول مصير الحكومة الحالية، وفي ظل حرب التصريحات والبيانات بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة ونجل الرئيس السبسي من جهة أخرى.
ورأى مراقبون أن الكلمة المتلفزة التي وجهها الشاهد، مساء الثلاثاء، للتونسيين شكلت تصعيدا واضحا ضد نجل الرئيس إثر تحميله المسؤولية الكاملة في "تدمير حزب نداء تونس ونقل الأزمة الداخلية ومعارك الحزب إلى مفاصل الدولة ما أثر سلبا على استقرار العمل الحكومي".
وأقر رئيس الحكومة في كلمته بوجود أزمة سياسية تعيشها البلاد، انطلقت من حزبه نداء تونس، ثم تسربت لمفاصل الدولة، موجها أصابع الاتهام لنجل السبسي والمحيطين به قائلا: "حزب نداء تونس الذي انتميت له في 2013 لم يعد نفس الحزب وحافظ قائد السبسي والمحيطين به دمروا الحزب وقادوه من هزيمة إلى هزيمة آخرها هزيمة الانتخابات البلدية".
وشدد الشاهد على "عدم تشبثه بالمنصب" نافيا سعيه خوض معركة الرئاسيات في 2019 "على عكس ما يروج له الكثير من القيادات الندائية"، ولكنه أعلن مقابل ذلك بقاءه في منصبه كرئيس للحكومة مع القيام بتحوير وزاري، "مراعاة للمصلحة الوطنية" على حد تعبيره، مجددا دعوته لمختلف الأطراف للعودة لطاولة الحوار.
وجاءت كلمة الشاهد بعد بيان وصف بشديد اللهجة حمل توقيع رئيس الهيئة التنفيذية لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي، بعد الإعلان عن تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2، اعتبر فيه أن "الحكومة الحالية تحولت إلى عنوان أزمة سياسية أفقدتها صفتها كحكومة وحدة وطنية".
وعبر الحزب في ذات البيان عن "رفضه تلقي أي دروس من أي كان في الحرص على المصلحة الوطنية واستقرار البلاد"، معلنا عن إبقاء اجتماعه مفتوحا استعدادا لأخذ القرارات اللازمة.
وفي أول تعليق لقيادي في نداء تونس حول كلمة الشاهد، كتب خالد شوكات تدوينة عبر صفحته الشخصية خاطب فيها الشاهد بالقول: "ويحك .. لقد قطعت الشعرة يا رجل".
كما اعتبر القيادي المؤسس في نداء تونس رضا بلحاج ومنسق عام "حركة تونس أولا" أن "استغلال رئيس الحكومة يوسف الشاهد لمرفق عمومي للحديث عن مشاكل حزبية ضيقة محاولة منه لتعبئة الشارع التونسي لخدمة مصالحه للبقاء في السلطة أو للتهيئة لمرحلة انتخابية جديدة"، وفق تعبيره
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "المشاكل التي تعصف بنداء تونس ليست بالجديدة ولكن الغريب أن الشاهد يتحدث عن مصلحة البلاد العليا وهو من شارك قبل ذلك في إزاحة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد وشارك في اجتماعات النداء بقيادة حافظ قائد السبسي الذي أصبح يهاجمه اليوم".
ورأى أن توقيت خطاب الشاهد "في ظل غياب رئيس الجمهورية بحكم مشاركته في المفاوضات الخاصة بالفرقاء الليبيين بفرنسا هو التفاف على مؤسسات الدولة ومحاولة انقلابية من خلال أخذ البلاد كرهينة بين يديه".
من جانبه، اعتبر القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي أن إقحام رئيس الحكومة لمشاكل حزبه الداخلية "غير موفق"، مضيفا: "حديث رئيس الحكومة عن الخلافات الداخلية في حزب نداء تونس لا يعني اتفاقية قرطاج في شيء ولا يخدم الرهان على إثراء الحوار في اتفاقية قرطاج المعطلة أصلا".
وشدد الشهودي في حديثه لـ"عربي21" على "أهمية عودة جميع الأطراف المتفاوضة إلى طاولة الحوار والنأي عن الخلافات الحزبية والشخصية الضيقة وحرب التصريحات الكلامية من هنا وهناك التي تزيد في تعقيد الأزمة السياسية الراهنة".
وفي وقت سابق، أكد أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي أن الاتحاد "أصبح غير ملزم بأي اتفاقيات أو تعهدات على إثر تعليق رئيس الجمهورية المفاوضات بين الأطراف السياسية".
وشدد في تعليقه على خطاب الشاهد على "أن الأزمة سياسية بامتياز ولا علاقة لها بالاستحقاقات الوطنية والاجتماعية التي تنتظرها فئات واسعة من الشعب التونسي مرتبطة بتقسيم المواقع والنفوذ والمحطات السياسية القادمة"، في إشارة واضحة لمعركة الانتخابات الرئاسية القادمة التي بدأت تدق طبولها باكرا بين الشاهد ونجل الرئيس.