في الوقت الذي بلغت فيه الأزمة السياسية في
تونس، طريقا مسدودا بعد إعلان الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش
الاثنين 28 أيار/ مايو 2018، عن تعليق الرئيس العمل بخارطة الطريق "قرطاج
2"، إثر استحالة التوافق وتباين المواقف بين الأطراف المشاركة تعالت أصوات
داخل الحزب الحاكم باتهام نجل الرئيس حافظ
السبسي بقيادة انقلاب داخلي لمصالحة
الخاصة.
ويعد السبسي الابن من أكثر المتمسكين بإقالة
رئيس الحكومة المنتمي لنداء تونس، رغم معارضة شق كبير من القيادات في الحزب، وكان
حافظ قائد السبسي قد علق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخانقة التي
تعيشها البلاد على حكومة يوسف الشاهد في تدوينة له أثارت جدلا كبيرا داخل الحزب
وخارجه.
ورد نجل الرئيس في التدوينة المطولة على الانتقادات التي طالته حول إصراره على
عزل الشاهد ومخاوف البعض من خلق حالة من "اللااستقرار" متسائلا: "ما هو الاستقرار الذي تطالبون بالمحافظة عليه، الاستقرار في تدهور المقدرة
الشرائية للشعب التونسي؟ الاستقرار في الانهيار المريع لكل المؤشرات الاقتصادية؟
الاستقرار في انهيار قيمة الدينار؟ الاستقرار في أزمة المالية العمومية؟
الاستقرار في العجز عن إنجاز أي إصلاح وحيد يذكر؟ الاستقرار في التداين من أجل
خلاص الأجور؟ الاستقرار في غياب أي رؤية للإصلاح الاقتصادي؟ الاستقرار في التلاعب
بالعلاقة مع الأطراف الاجتماعية الفاعلة من المسايرة السلبية إلى التوتر
والصدام"، وشدد
في ختام تدوينته على أن الاستقرار مرتبط بالمؤسسات وليس بالأشخاص.
في هذا الإطار اتهمت النائبة في نداء تونس وفاء
مخلوف رئيس الهيئة التنفيذية للحزب
حافظ السبسي بمحاولة خلق فوضى في البلاد وتحويل
وجهة الصراع على البرامج والإصلاحات إلى صراع شخصي مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وأضافت لـ"
عربي21": "توقعت أن
تكون النتائج الهزيلة التي تحصل عليها نداء تونس في الانتخابات البلدية بمثابة الهزة التي ستجعل السبسي الابن يقوم بإصلاحات
جذرية للبيت الداخلي للنداء ويجمع من حوله القيادات المستقيلة أو المغضوب عليها،
لكنه لم يستوعب الدرس وظل مستمرا في البحث عن مصالحه الشخصية والاستفادة من عمليات
البيع والشراء في المناصب".
وأضافت مخلوف: "هذا تعد وانقلاب واضح على
قرارات الهيئة السياسية للحزب التي لم تنعقد منذ أشهر وظل السبسي الابن يتخذ
قراراته بمفرده في مشهد بعيد عن الديمقراطية الحزبية".
وتهدد ممارسات رئيس الهيئة التنفيذية للحزب
الحاكم بحدوث انشقاقات جديدة داخل الحزب الذي شهد قبل ذلك تصدعات وموجة استقالات،
حيث كتبت النائبة عن الحزب زهرة إدريس تدوينة دعت فيها نجل الرئيس لعقد اجتماع
الهيئة السياسية خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة.
من جانبه، شن القيادي السابق والمؤسس في حزب
نداء تونس لزهر العكرمي هجوما كاسحا على نجل الرئيس متهما إياه بالعبث بالحزب
والدولة خدمة لمصالحه الشخصية والعائلية.
وتابع لـ"
عربي21": "هذا الشخص
لم أعامله مطلقا كرئيس حزب بل أعتبره من ذوي الاحتياجات الخاصة ووالده أصبح رئيس
الجمهورية وسلمه الحزب بالقوة وبأجهزة الدولة وقاد الابن والأب انقلابا على الحزب
وأخذوه كغنيمة لهم".
وحول العداء الشديد الذي يكنه نجل السبسي ليوسف
الشاهد وإصراره على إزاحته من الحكم بشتى الطرق يقول العكرمي: "كل من لم
يخدم عائلة الرئيس وزوجته سيكون من المغضوب عليهم والدور جاء اليوم على يوسف
الشاهد الذي يمثل وجوده خطرا محدقا يتعارض مع طموحات نجل الرئيس في رئاسيات
2019".
وأضاف : "هناك مصالح متقاطعة ووساطات بين
نجل الرئيس ورجال أعمال ولوبيات الفساد، وهذا الشخص يدير الحزب والدولة
بعقلية رجل العصابة وليس بعقلية السياسي
المحنك ورجل الدولة".
وشدد العكرمي على أن قيادات الصف الأول التي كانت
من المؤسسين للحزب وتمثل العمود الفقري له، أزاحها السبسي الابن بالقوة ليخلو له
المكان.