هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، اعده كريم فهيم ولافدي موريس، يتساءلان فيه عن توقيت الاعتقالات الأخيرة في السعودية، التي طالت ناشطات سعوديات داعيات للرؤية التي يروج لها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ذاتها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قدم نفسه على أنه مصلح يدعو إلى منح المرأة المساواة، وسمح لها بقيادة السيارات.
ويستدرك الكاتبان بأن الناشطين السعوديين الذين دعوا للأمور ذاتها اعتقلوا واتهمتهم السلطات بتهديد الأمن القومي، ووصموا بالخيانة في الصحف المؤيدة للحكومة.
وتقول الصحيفة إن حملة الاعتقالات القاسية التي شنتها الحكومة، شملت الداعيات لحقوق المرأة، وبينهن نساء شاركن في أول حملة لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات قبل عقدين، وتم سجنهن بسبب تحديهن للسلطات.
ويجد التقرير أن حملة الاعتقالات مثيرة للحيرة من ناحية التوقيت، حيث جاءت قبل أسابيع من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات رسميا، مشيرا إلى أن السعوديين صعقوا من خطورة الاتهامات الموجهة لهن والهجمات الشخصية عليهن، حيث تم توزيع صورهن في وسائل الإعلام المقربة من الحكومة، فيما عده نشطاء حقوق الإنسان بأنه حملة تشويه تهدف لإسكات الدعوات المطالبة بحقوق المرأة.
ويفيد الكاتبان بأن العمل النسوي كان هو النشاط الوحيد المسموح به في السعودية، التي يقودها نظام ملكية مطلق، فيما أصبحت بعض أهداف الناشطات، مثل إلغاء النظام الذي يطالب المرأة بالحصول على إذن من وليها للسفر أو الزواج، جزءا من الحديث العام، و"لا يبدو أنه تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها السلطات عندما يتحول النشاط إلى سياسة".
وتنقل الصحيفة عن امرأة سعودية (33 عاما)، أصبحت مشاركة في الحملة ضد قوانين الولاية بعدما حاول شقيقها تزويجها لشريكه التجاري، قولها: "الصوت الوحيد الذي ظل هو الحديث عن الولاية"، مشيرة إلى أنها رفضت ذلك، واتصلت بالخط الساخن التابع للحكومة، إلا أن الرجل الذي استمع لشكواها وقف مع شقيقها، مؤكدا ضرورة طاعتها لوليها.
ويورد التقرير نقلا عن المرأة، قولها عن زميلاتها الناشطات: "لم تكن هناك أي أجندة سرية ضد الحكومة.. ولم نطالب بحقوق سياسية، بل طالبنا بحقوق الإنسان".
ويبين الكاتبان أنه على المستوى العلني، فإن ولي العهد بدا داعما للناشطات، حيث تحدث في مقابلة مع برنامج "ستون دقيقة" على شبكة "سي بي أس" هذا العام، عن إيمانه بالتساوي بين الرجل والمرأة، قائلا: "كلنا بشر ولا فرق بيننا".
وتستدرك الصحيفة بأن اعتقال هؤلاء النسوة يتماشى مع أشكال أخرى مشابهة خلال العام الماضي، ومحاولة ولي العهد تقوية مركزه، ففي العام الماضي سجنت السلطات عددا من المعارضين الذين عدتهم أعداء، منهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان وأمراء ورجال أعمال.
وبحسب التقرير، فإنه لم يتم الكشف عن هوية المعتقلين في اعتقالات سابقة، حيث قال المسؤولون إن هذا من أجل حماية خصوصيتهم.
ويعلق الكاتبان قائلين إنه على ما يبدو فإن القوانين مختلفة عندما يتعلق الأمر بالنساء، فبعد انتشار الأخبار عن اعتقال خمس نساء ورجلين يوم الجمعة، فإن الناشطة السعودية هالة الدوسري، التي تعرف عددا من المعتقلات، قالت: "بدأت أقرأ تصريحات تفيد بأنهن خائنات ويستحقن العقاب".
وتذكر الصحيفة أن يومية سعودية نشرت صور كل من لجين الهذلول وعزيزة يوسف على الصفحة الأولى، وتعلق الدوسري قائلة: "شعرت بالقلق لأن هذا شيء غير معهود".
وينوه التقرير إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تعتقل فيها النساء أو يتعرضن لحملات تشهير، مستدركا بأن معظم من اعتقلن حذرن مرارا من السلطات بألا يتحدثن عن حظر قيادة السيارات في النشاطات العامة.
ويذكر الكاتبان أنه بالإضافة إلى الهذلول ويوسف، فإن هناك مديحة العجروش وعائشة المناع، اللتين شاركتا في الاحتجاج الأول ضد استمرار حظر قيادة السيارات عام 1990، وكذلك الأستاذة الجامعية والمدونة المعروفة إيمان النجفان.
وتنقل الصحيفة عن الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كريستين سميث ديوان، قولها إن الاعتقالات بدت كأنها "مثل ما شاهدناه في السابق، من توجيه تحذيرات للناشطين، وإظهار أن النشاط لا يحقق شيئا، والتأكد من تنفيذ التغيرات تحت قيادة السلطة"، لافتة إلى أنه مع زيادة الهجمات على الناشطات، فإنها بدت كأنها عملية "فضيحة عامة ومحاولة لتعبئة المجتمع لدعمها".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول ديوان إن عملية الاعتقال ارتبطت بمحاولة تعزيز وضع الحكومة في النقاش العام، أو تهدئة المؤسسة الدينية الغاضبة على قرار رفع الحظر عن قيادة السيارات، والتأكيد لها بأنه "لن نسمح للناشطات الخارجات بتسلم مواقع القيادة".