كل المؤشرات الميدانية والسياسية والمعطيات الخاصة؛ تشير إلى أن المنطقة الممتدة من
فلسطين إلى
إيران ستعيش صيفا ساخنا مفتوحا على كل الاحتمالات والتوقعات.
فكيف هي صورة الأوضاع اليوم؟ وإلى أين تتجه الأمور في المرحلة المقبلة؟
ففي قطاع غزة
سقط عشرات الشهداء في المواجهات الممتدة بين الشعب الفلسطيني والجيش الصهيوني، ومصادر الفصائل الفلسطينية في بيروت تؤكد أن "مسيرات العودة ستتواصل، وأن التصعيد الفلسطيني مستمر". وفي المقابل، فإن الجيش
الإسرائيلي اتخذ قرار واضحا باستخدام كل أشكال العنف لوقف هذه المسيرات وإنزال أكبر عدد من الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني. وقد تزامن هذا التصعيد مع افتتاح السفارة الأمريكية في القدس وعودة الحديث مجددا عن صفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية، وكل ذلك يؤكد أن الأسابيع المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد على الجبهة الفلسطينية - الإسرائيلية.
وفي سوريا، فإن
التصعيد الإسرائيلي في مواجهة الجيش السوري وإيران وحزب الله سيستمر حسب كل المعطيات المتوفرة لدى المصادر القيادية في حزب الله، فالإسرائيليون لن يسمحوا باستمرار الوجود العسكري لإيران وحزب الله في سوريا، والغارات الإسرائيلية على مراكز الجيش السوري ومواقع الحزب وإيران ستتواصل. وفي المقابل، فإن الرد على هذه الغارات سيتواصل، كما جرى في الأيام القليلة الماضية، وكل ذلك سيجعل الأوضاع في هذا البلد مفتوحة على كل الاحتمالات. والأمريكيون ليسوا بعيدين عن هذا التصعيد؛ لأنهم لن يوافقوا على رسم خريطة جديدة للواقع السياسي في سوريا دون أن يكون لهم دور فاعل في ذلك، مما يؤكد أن الأوضاع في سوريا ستشهد المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة. ورغم أن جميع الأطراف الأساسية ليس لها مصلحة في تحول الاشتباكات والتصعيد المتبادل إلى حرب شاملة وواسعة، فإنه لا أحد يمكن أن يمنع تحول هذا التصعيد إلى حرب واسعة لن تبقى محصورة في سوريا، بل قد تمتد إلى كل المنطقة.
وعلى الجبهة الإيرانية،
فالتصعيد الأمريكي يتواصل. فبعد سحب الموافقة الأمريكية على الاتفاق النووي مع إيران وبدء انعكاس ذلك على المشهد الإيراني الداخلي، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والمالي، فإن الأوساط المطلعة في إيران تتحدث عن المزيد من التصعيد الأمريكي – الإسرائيلي ضد إيران في الفترة المقبلة، وأن هذه الضغوط تهدف إلى تقييد الدور الإيراني الإقليمي في المنطقة ووقف تطوير الأسلحة الباليستية الإيرانية. ومع أن القيادة الإيرانية حرصت على إعطاء فرصة للمفاوضات مع الأوروبيين من أجل استمرار الاتفاق النووي، فإن كل المؤشرات الواردة من طهران تشير إلى أن القيادة الإيرانية غير مطمئنة للتطورات في المرحلة المقبلة، وأن هناك تخوفا كبيرا من المزيد من التصعيد المالي والاقتصادي، وصولا للتصعيد السياسي والعسكري على إيران، من أجل محاصرتها وإعادة تحجيم دورها في المنطقة.
وبموازاة كل هذه التطورات، فإن نتائج الانتخابات النيابية في
لبنان والعراق ستكون حاضرة في المشهد السياسي في المنطقة في المرحلة المقبلة، وقد يدخل البلدان في صراعات سياسية مفتوحة على صعيد تشكيل الحكومة في البلدين، مع بروز خريطة سياسية جديدة وتغير المعطيات الشعبية والسياسية، وإذا كان حلفاء إيران وسوريا في لبنان قد حققوا بعض التقدم في لبنان، فإن المشهد العراقي حمل معطيات متنوعة على صعيد القوى السياسية العراقية مع التقدم الكبير لأنصار السيد مقتدى الصدر، والذين لا يظهرون الود لإيران.
وفي المحصلة، فإن كل المعطيات السياسية والميدانية من فلسطين إلى إيران، مرورا بسوريا والعراق ولبنان، تؤكد أننا سنكون أمام صيف ساخن مفتوح على كل الاحتمالات، والهدف إعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة وتصفية القضية الفلسطينية، فمن سيربح في حرب الإرادات الجديدة؟