تعددت التحليلات السياسية التي تشير إلى أن الأراضي
السورية ستكون مسرحا قادما لحرب ما بين
إيران وإسرائيل، على خلفية التسخين الحاصل
ما بعد الضربات التي وجهتها تل أبيب التي استهدفت قواعد عسكرية إيرانية في
سوريا.
وتجلت آخر أوجه التصعيد ما بين البلدين بتهديد وزير
الطاقة
الإسرائيلي يوفال شتاينتز بقتل رئيس النظام السوري بشار الأسد والإطاحة
بنظامه، في حال استمراره السماح لإيران بالعمل داخل الأراضي السورية..
الأمر الذي ردت عليه إيران على لسان نائب رئيس لجنة
أمنها القومي أبو الفضل حسن بيغي بالقول: إن "إسرائيل لا تقدر أن تفعل شيئا،
ولا تستطيع القيام بهذا الأمر لأن وجودنا الاستشاري في سوريا شرعي وبطلب من
الحكومة السورية".
ويرى مراقبون أن الأمر البارز الذي يجب التوقف عنده، هو
الموقف الروسي في حال نشوب المواجهة الإسرائيلية الإيرانية في سوريا، الدولة التي
تعتبر نفسها وصية على الأراضي السورية.
روسيا أكبر المتضررين
وفي هذا الصدد قال الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي،
طه عبد الواحد، إن كلا من إيران وإسرائيل لا يريدان نشوب مواجهة مباشرة لأن ذلك قد
يشمل المنطقة بأسرها، مضيفا لـ"
عربي21": "لكن المشهد السوري المعقد
ينذر باحتمال نشوب مواجهة".
وعن موقف روسيا في حال حدثت المواجهة، رأى عبد الواحد أن
"موسكو ستكون المتضرر الأكبر، وقد تمنع المواجهة موسكو من مواصلة سياستها
القائمة على توازن العلاقة مع تل أبيب وطهران في الآن ذاته".
وأضاف: "إلى جانب ذلك فإن أي هجوم إسرائيلي جديد على
إيران في سوريا سيضع الروس في موقف معقد للغاية، وتحديدا في أوساط الرأي العام
الموالي للنظام السوري، الذي لا بد وأنه سيتحرك تحت ضغط إيراني لمطالبة الروس
بتقديم الدعم، مقابل ما حصلوا عليه من امتيازات في سوريا وقواعد وغيره".
حياد واستفزاز
وفي السياق ذاته بدا عبد الواحد جازما بأن موسكو لن
تنخرط في حرب بين إيران وإسرائيل، وقال "موسكو ستعمل على وقف تلك
الحرب".
واستدرك بالقول: "لكن ما تخشاه روسيا استفزازات ضد
قواعدها وعسكرييها في سوريا"، وحينها لا شك بأن الروس لحفظ ماء الوجه لن
يقفوا مكتوفي الأيدي إن تسبب المواجهات بإصابة أو مقتل عسكريين في القواعد الروسية
في سوريا، أو إن استهدف أي من الطرفين تلك القواعد".
وأكد عبد الواحد أنه "حتى لو تورطت موسكو، فهي
ستضبط نشاطها بما يضمن الرد المناسب على الاعتداء، لكن ضمن حدود جغرافية وزمنية
محددة، تحول دون انجرار للحرب كطرف رئيسي".
مأزق
واعتبر الباحث في السياسات الدولية هشام منوّر، أن نشوب
مواجهة إسرائيلية إيرانية في سوريا سيضع روسيا أمام موقف محرج ومأزق حقيقي.
وأوضح منور لـ"
عربي21"، أن "روسيا حليف
لكلا الطرفين، سواء إيران التي تقف في معسكرها وتربطها بها اتفاقيات أستانة
والكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية الأخرى، أو إسرائيل التي زار رئيس
حكومتها بنيامين نتنياهو موسكو مرات عديدة خلال العامين الأخيرين".
ورأى منوّر أن هذه المأزق الروسي، سيحتم على موسكو
الحياد، حتى لو كانت ممتعضة من تزايد النفوذ الإيراني في سوريا، فهي لن تشجع
إسرائيل على ضرب المليشيات الإيرانية في سوريا.
وفي السياق ذاته، لفت الباحث إلى استضافة روسيا كأس
العالم، قائلا: "تعول روسيا على هذا المونديال، ونجاحه ويفرض عليها أن تكون
أكثر تحكما بمواقفها الخارجية، ولذلك لا ترغب روسيا بتعكير الأجواء على الأقل في
الوقت الراهن".