هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استعرض تقرير لصحيفة
"فيلت" الألمانية الوسائل والمحاولات التي يلجأ إليها النظام السوري لمنع
السوريين من العودة لبلادهم وكان لآخرها القانون الذي سنه لتمكين الحكومة من مصادرة منازل وممتلكات
المعارضين الذي غادروا البلاد.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأسد يسعى حاليا لتطبيق خطته الخاصة
بشأن إعادة إعمار سوريا، في ظل فشل القوى الغربية في الاتفاق على منهج محدد في هذا
الصدد.
ويطمح الأسد من خلال
خطته إلى إحكام سيطرته على البلاد تماما. ومؤخرا، قاد النظام حملة تطهير واسعة في
صفوف المعارضين ومؤيديهم، مما أدى إلى فقدان الملايين من السوريين لمنازلهم. ومن
المرجح أن هذا الأمر سيؤدي إلى صراعات من نوع آخر في المستقبل، فضلا عن أنه سيحول
دون عودة السوريين اللاجئين في الخارج إلى بلادهم.
وأفادت الصحيفة أنه
قبل أسبوعين أصدرت دمشق قانونا، ستقوم بموجبه الحكومة ببناء وحدات سكنية للسوريين
في الأراضي التي يسيطر عليها النظام، ويشمل ذلك كافة الأراضي بلا استثناء، ضمن خطة
لإعادة إعمار هذه المناطق. وطالب السلطات بالتوجه إلى الجهات المختصة لتسجيل
ممتلكاتهم الخاصة وأراضيهم ومنازلهم في غضون شهر واحد فقط.
وأوردت أن الأفراد
عليهم تقديم وثائق تثبت ملكيتهم للعقار، في حين أن كل سوري يعجز عن القيام بذلك
خلال المهلة المحددة سيفقد كل ما يملك. وفي هذا الصدد، تنص الفقرة الثانية من
القانون الجديد على دخول الأراضي التي لم يثبت ملكيتها ضمن خطة إعادة هيكلة أراضي
الدولة، وبذلك، ستعود ملكيتها للنظام.
وتابعت الصحيفة أن نصف
العقارات والأراضي السورية لم تكن تحظى بوثائق رسمية، حتى قبل بداية الثورة
السورية في سنة 2011. علاوة على ذلك، دمرت أغلب مكاتب التسجيل العقاري تماما أثناء
الحرب، وبطبيعة الحال، أتلفت معها وثائق الملكية. ونتيجة لذلك، يسهل على النظام
اتخاذ إجراءات تعسفية في حق الأشخاص العاديين الذين يطالبون باسترجاع ملكية عقار
محدد، خاصة في حال كان المالك الجديد لهذا العقار مسؤولا في الدولة، أو في الجيش
أو أحد قادة الميليشيات.
وأكدت الصحيفة أن
الاحصائيات تشير إلى أن نحو 11 مليون سوري حاليا تركوا منازلهم، من بينهم ستة
ملايين نزحوا داخل البلاد، وخمسة ملايين هاجروا إلى الخارج.
وحسب دراسة أعدها
المجلس النرويجي للاجئين، لا يملك سوى 17 بالمائة من السوريين، الذين فروا خارج
البلاد، وثائق تثبت ملكيتهم لبعض العقارات. في الوقت ذاته، تؤكد دراسة أجرتها
منظمة الأمم المتحدة أن 9 بالمائة من الأفراد فقط داخل البلاد يملكون وثائق ملكية.
وبالتالي، لن يقدم العديد من السوريين على المجازفة بإقامتهم في ألمانيا والعودة
إلى سوريا.
والجدير بالذكر أن
الكثير من اللاجئين يخشون بالفعل من العودة إلى بلادهم. ويرجع ذلك إلى أن أغلبهم
على القوائم السوداء للنظام السوري، وفي حال عودتهم، فهم مهددون بالاعتقال
والتعذيب حتى الموت.
وحيال هذا الشأن، أورد
الناشط السياسي المعارض وأحد الفارين إلى ألمانيا، عمر، أن "نظام الأسد يعاقب
كل من يعارضه، لقد فقدنا نحن أيضا أرضنا في حلب".
وأبرزت الصحيفة أن سلب
الملكية له دوافع عرقية ودينية، خاصة في صفوف السوريين من السنة والأكراد. فمن
جهة، يعتبر السوريون السنّة نواة الثورة الحقيقية ضد الأسد، في حين يحاول الأكراد
الحصول على منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا. ومن المتوقع أن يجعل هذا القانون حملات
التهجير القسرية ضد السنة والأكراد أسهل بالنسبة للنظام السوري. وعلى الرغم من أن
قرارات الأمم المتحدة تلزم الأسد بتسهيل عودة اللاجئين إلى ديارهم، إلا أن العكس
هو ما يحدث حاليا.
ويدعي النظام السوري
أن هذا القانون سيعتمد لحل مشاكل المنازل المأهولة بالسكان فقط، من أجل الإسراع في
عملية إعادة إعمار الأحياء المدمرة. ولكن حسب ما أكدته العديد من المنظمات المدنية
المحايدة، يقوم النظام منذ سنوات بالاستيلاء على المنازل والممتلكات تحت ذريعة
"الإرهاب والأمن"، في حين عمد بالفعل إلى الاستيلاء على ممتلكات
اللاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى أن
النظام يحاول حاليا توطين عائلات المقاتلين الأجانب، الذين جاؤوا إلى سوريا من
أفغانستان والعراق ولبنان وإيران، ويقاتلون إلى جانب جيش النظام. ومما لا شك فيه،
تحتاج الحكومة إلى آلاف المستوطنات للقيام بذلك. ومن جانبه، يسعى الأسد إلى مكافأة
قادة الجيش والميليشيات، الذين حاربوا معه ضد المعارضة، من خلال منحهم ملكية بعض
هذه الأراضي والمنازل. وسيعزز "قانون رقم 10"، كما أطلق عليه نظام
الأسد، ممتلكات النظام بالمزيد من الأراضي، في ظل وضعية شبه الإفلاس التي تعاني
منه سوريا.
وقالت الصحيفة إنه
وفقا للبنك الدولي، تعد سوريا في حاجة إلى 200 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار.
وبينما تحجم إيران وروسيا عن إنفاق المزيد من الأموال في سوريا، تأبي كذلك الدول
الغربية ودول الخليج دفع أي أموال قبل حدوث أي تغيير سياسي جذري في سوريا.