هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدأ عدد من السياسيين والعسكريين السابقين بمصر الترويج لفكرة الاستعانة بدول صديقة للضغط على إثيوبيا لقبول الاقتراحات المصرية الخاصة بسد النهضة، بينما طالب آخرون صراحة الاستعانة بإسرائيل كوسيط له نفوذ على إثيوبيا، ويتمتع في نفس الوقت بعلاقات قوية مع النظام المصري.
من الذين كانوا أكثر جرأة في الدعوة للاستعانة بإسرائيل خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدرسات السياسية، وهو مركز بحثي مدني ذات صلة بالمخابرات المصرية، حيث أكد رفعت بصفحته الخاصة على "فيسبوك" أن الحل الوحيد لأزمة سد النهضة هو وساطة إسرائيل، لأن مصر لن تستطيع القيام بعملية عسكرية أو عمل مخابراتي ضد إثيوبيا التي وقعت اتفاقيات دفاع مشترك مع إسرائيل وتركيا والسودان.
وأضاف رفعت "الحل هو أن ندرك أن مفاتيح سد النهضة ليست فى أديس ابابا بل فى تل أبيب، وبالطبع لن نستطيع الحرب معهم وبالطبع لن نخضع لشروطهم، طب ايه الحل؟".
اقرأ أيضا: وزير سابق يكشف عن كارثة جديدة تهدد مصر.. هذه تداعياتها
وتابع رفعت، أن الحل بالتفاوض من خلال أوراق ضغط على إسرائيل وهي طبقا لقوله: "زي اشعال انتفاضة جديدة أو إقامة علاقات مع حزب الله، وهناك طرق كثيرة لن أنشرها علنا، ولكن كلها ممكن تجبر الصهاينة على التفاوض، وساعتها حتلاقي إسرائيل هي اللي بتفاوضك على مدة ملو السد مقابل إيقاف أوراق الضغط بتاعتك عليهم .. إسرائيل نفسها قصير جدا ولن تتحمل الضغط عليها لأسابيع قليلة فقط".
ما طرحه مدير المركز البحثي ذات الصلة بالمخابرات أكدت خطواته عملية كشفت عنها صحيفة "الزمان" اللندنية، حيث نشرت عبر موقعها الإلكتروني تأكيدات لمصادر دبلوماسية مصرية خاصة بها بأن القاهرة أجرت خلال الأيام الماضية اتصالات مع الصين والسعودية للضغط على إثيوبيا قبل جولة المفاوضات في أيار/ مايو المقبل، كما أنه من المنتظر أن يقوم وفد أمريكي بالوساطة خلال زياراته للدول المشاركة في المفاوضات. ولم يستبعد المصدر الدبلوماسي لجوء مصر لإسرائيل للتدخل لدى الجانب الإثيوبي خاصة في ظل النفوذ الواسع لها في إثيوبيا.
هذه الوساطات المطلوبة من الدول الصديقة دعا إليها أيضا عدد من العسكريين السابقين والأعضاء بالبرلمان الحالي، من بينهم اللواء يحيى الكدواني وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، واللواء جمال محفوظ عضو لجنة العلاقات الخارجية، واللذين أكدا في تصريحات مختلفة أن مصر تفكر جديًا في الاستعانة بأدوات ضغط جديدة؛ لإجبار إثيوبيا على استكمال ملف التفاوض حول سد النهضة، مثل اللجوء للتحكيم الدولي أو وساطة دول ذات تأثير على إثيوبيا، دون الإعلان عن هذه الدول بشكل محدد.
اقرأ أيضا: إثيوبيا: مصر مسؤولة عن فشل مفاوضات السد.. والقاهرة ترد
من جانبه، أكد الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي، عبد المعز الشرقاوي، لـ "عربي 21" أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها طرح اسم إسرائيل كوسيط في أزمة السد، حيث سبق للإعلامي توفيق عكاشة أن كشف عن استعداد إسرائيل للقيام بهذه الوساطة بعد لقائه بالسفير الإسرائيلي في القاهرة منتصف 2016، كما كشفت مواقع بحثية ذات صلة بالإدارة الأمريكية أن مصر تحدثت بالفعل مع إسرائيل للضغط على إثيوبيا في هذه الأزمة.
ويضيف الشرقاوي أن القاهرة نفت وقتها على لسان الخارجية وجود مثل هذه التحركات أو المطالبات، إلا أنها في الحالة الراهنة لم تعلق بالسلب أو الإيجاب على هذه الدعوات التي بدأت تنتشر لدخول إسرائيل كوسيط في حل الأزمة، موضحا أن بروز مثل هذه المطالبات أو الاقتراحات لا يأتي إلا بعد الحصول على ضوء أخضر من الأجهزة الأمنية لتهيئة الشارع لمثل هذه الخطوة.
ويؤكد الشرقاوي أن السيسي ليس لديه أي مانع في دخول إسرائيل كوسيط، لأنه لا ينظر إليها ككيان عدو وإنما كدولة صديقة لنظامه، ولذلك فهو ربما يسعى لتأزيم المفاوضات الثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، حتى تظهر إسرائيل وقتها بدور المنقذ، وهو ما يُمَكِّن السيسي من الدفع بقوة نحو ملف التطبيع الكامل الذي يرفضه الشعب المصري.
ويرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية والمخابراتية، كمال علام، أن إسرائيل يمكنها أن تلعب دورا في أزمة السد لأنها في الأساس تبحث عن مصالحها الخاصة، ومن ضمن مصالحها استمرار واستقرار نظام السيسي، وكذلك أن تقوم بدور لم تكن تحلم به في مصر. كما أنها تمتلك علاقات قوية للغاية بإثيوبيا التي تعتبر تل أبيب محطة أساسية في دعمها الاقتصادي والسياسي والعسكري.
ويضيف علام لـ "عربي 21" أن نظام السيسي يحاول بكل السبل إذابة الكره المصري ضد إسرائيل، كما أنه يرفع شعار أن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي فإنه في سبيل الخروج من مأزق السد قبل القمة الثلاثية في الخامس من أيار/ مايو المقبل بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا، يمكن أن يفعل أي شيء للخروج من الأزمة بمكاسب تعوض فشله السياسي والاقتصادي، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الخيارات المصرية أصبحت محدودة للغاية في أزمة السد.