نشر موقع "
فرانس أنفو" الفرنسي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على عجز
الأمم المتحدة في حل الأزمات الكبرى، وهو ما بدى جليا خلال الحرب السورية.
وظهر العجز عبر الكثير من المظاهر، لعل أبرزها الفشل في مد محاصري الحرب بأدنى المساعدات، والفضل في الوساطة الأممية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 22 شباط/ فبراير حول الأزمة السورية، صرح ممثل فرنسا الدائم في الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، "أنه يجب الحرص على ألا تكون الحرب السورية بمثابة المقبرة بالنسبة للأمم المتحدة".
وبعد مضي حوالي الشهر ونصف، وتحديدا بين يومي 14 و15 نيسان/ أبريل، وجهت كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة ضربة عسكرية ضد النظام السوري دون إذن من الأمم المتحدة، العاجزة بدورها عن وضع حد للحرب.
وتطرق الموقع إلى
حق النقض أو
الفيتو في
مجلس الأمن الدولي. وبشكل عام، يستوجب الحصول على موافقة تسعة أعضاء من أصل خمسة عشر عضوا، من أجل تمرير قرارات مجلس الأمن. وتشترط هذه العملية أيضا عدم استخدام حق النقض من قبل الأعضاء الدائمة.
وفيما يتعلق بالوضع في
سوريا، تواصل استخدام الفيتو منذ سنة 2011 للتصويت حول هذه القضية من العضوين الدائمين روسيا والصين. واستعملت روسيا حق الفيتو خلال 12 مناسبة من أجل حماية النظام السوري.
والتجأت روسيا إلى رفع الفيتو الأول، في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وذلك من أجل إبطال إجراءات تستهدف النظام السوري بعد القمع الدموي لاحتجاجات المعارضة في سوريا.
ويضاف إلى ذلك الفيتو المشترك الذي قدمته كل من روسيا والصين، في 22 أيار/ مايو 2014، بهدف منع إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية.
وذكر الموقع أنه تم تعطيل كل القرارات التي تقيد النظام السوري على غرار الفيتو الروسي- الصيني خلال 28 شباط/ فبراير سنة 2017، بشأن عقوبات تم تسليطها على قرابة 12 مسؤولا وتنظيمات لها علاقة باستعمال الأسلحة الكيميائية. في المقابل، لم تنجح سوى القرارات المتعلقة بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، دون تسليط عقوبات.
ونقل الموقع عن القاضي والباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ريتشارد غوان، أن "روسيا تستغل مجلس الأمن من أجل تعقيد وعرقلة جهود السلام في سوريا".
وأضاف غوان أن "الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها متورطون في هذا الأمر".
ويستنكر الباحث "دور المتفرج الذي تلعبه هذه الدول أمام التلاعب الروسي بنظام مجلس الأمن، في حين أن الحل الوحيد يتلخص في تدخل عسكري لإيقاف الحرب. ومع ذلك، لم تتحرك واشنطن وحلفاؤها إلا من أجل تحقيق مصالحها في ظل اللعبة الدبلوماسية، غير آبهين بالشعب السوري".
ونقل الموقع على لسان الأخصائية في الشؤون الأممية الفرنسية، كلوي موريل، أن "الأمم المتحدة عاجزة أمام حق الفيتو".
وأضافت موريل أن "الأمم المتحدة كانت عاجزة في الماضي أمام المجزرة التي حصلت في رواندا خلال سنة 1994، ومذبحة سربرنيتشا في البوسنة والهرسك سنة 1995".
وتذكر المؤرخة "أنه خلال ولاية الأمين العام، كوفي عنان، اقترح المسؤول تعطيل العمل بالفيتو في حال ثبوت مجازر جماعية تتطلب التدخل السريع، إلا أن هذا المقترح لم يمر إلى التصويت".
وتحدث الموقع عن استحالة نجاح الوساطة الأممية في الحرب السورية، فقد تعددت المحاولات الفاشلة، الواحدة تلوى الأخرى.
وكانت محاولة الوساطة الأولى، خلال سنة 2012، من نصيب الأمين العام السابق، كوفي عنان.
وعرض المسؤول حينها ست نقاط لاقتراح عملية انتقال سياسي في سوريا قبل أن يلقي المنديل، في غضون خمسة أشهر، ويعلن "أنه قد قدم أكثر مما يمكن فعله". ثم كانت المحاولة الثانية من نصيب وزير الشؤون الخارجية السابق الجزائري، الأخضر الإبراهيمي.
وقال الموقع إن الإبراهيمي يعد العقل المدبر لاتفاق الطائف، الذي وضع حدا للحرب الأهلية في لبنان سنة 1989.
لكن بعد عملية الوساطة للخروج بحل ينهي الحرب السورية، قدم المسؤول استقالته بعد قرابة السنتين من الجهود الفاشلة.
وأفاد الإبراهيمي بأنه "لم يتوصل إلى أي حل، وأن الاستقالة الوسيلة الوحيدة لاستنكار لامبالاة المجتمع الدولي بالقضية السورية".
ثم تلت هذه المحاولة الوساطة الثالثة للمبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، الذي أشرف على مفاوضات طويلة بين النظام السوري والمعارضة خلال سنتي 2016 و2017 حتى بداية سنة 2018.
لكن، لم تكلل هذه العملية بالنجاح.
ونوه الموقع إلى أن الأمم المتحدة لم توفق أيضا في إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، رغم أنها من بين المهام الأبرز لهذه المنظمة الدولية. وفي ظل هذا الصراع، كان تمرير المساعدات لمناطق الحرب رهين موافقة النظام من عدمه.
وفي السياق ذاته، ونقلا عن صحيفة لوموند، صرح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بأن "النظام وافق على 27 في المئة فقط من مطالب دخول القوافل الإنسانية، أي ما يقارب 47 مطلبا من أصل 127".
وفي الختام، قال الموقع استنادا إلى تصريحات الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في دمشق، ليندا توم، إنه "من المزعج أن نقول إننا غير قادرين على الوصول إلى الأشخاص الذين يبعدون ثلاثين دقيقة بالسيارة، لدينا القدرة على القيام بالكثير".
في الأثناء، أصبحت القوانين والاتفاقيات، التي وضعتها الأمم المتحدة منذ نشأتها، محل تساؤل حيث يعتبرها الخبراء "بمثابة وسيلة في أيدي الدول الأعضاء".