هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
برزت مصر كإحدى أكثر الوجهات في العالم جذبا للمستثمرين الأجانب في أدوات الدين، بعدما لامست عائدات أدوات الخزانة المصرية القصيرة الأجل 22 بالمئة، وسط تحذيرات من عدم وجود سقف للاقتراض، ورهن القرار الاقتصادي للدولة بالمؤسسات المقرضة، وتحميل الأجيال أعباء تعيق النمو والتنمية الاقتصادية.
وتقول وزارة المالية المصرية إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية بلغت 23.1 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس، وبلغ متوسط سعر الفائدة 18.5 بالمئة في 2017-2018، وهو الأعلى عالميا، ما أثار علامات استفهام حول النهم المتبادل في الرغبة في الاقتراض والرغبة في العطاء.
وتوقعت وزارة المالية المصرية، أن تقترض الحكومة نحو 203.4 مليارات جنيه (11.5 مليار دولار) من الخارج، خلال العام المالي المقبل 2018-2019، من صندوق النقد الدولي، وعبر إصدار سندات دولية، وقروض من ألمانيا وفرنسا.
وتعتزم الحكومة المصرية اقتراض 511.2 مليار جنيه (29.1 مليار دولار) محليا من خلال البنوك، عبر إصدار سندات وأذون خزانة.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع تموز/ يوليو، ويستمر حتى نهاية حزيران/يونيو من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.
شبهة الاقتراض؟
ووصف مدير المركز العربي للتنمية البشرية، والخبير الاقتصادي، عبدالصمد الشرقاوي، حجم الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين "بالرقم المخيف"، قائلا: "إن تلك الديون تشكل عقبة أمام الدولة، وتحد من قدراتها في اتخاذ قراراتها بشكل مستقل، ومرهون برغبات المؤسسات الدولية المقرضة".
مضيفا لـ"عربي21": "الدين مقلق للشعب المصري، وهناك تساؤلات يجب الإجابة عليها، كطريقة السداد، ومدته، وما هي المصادر التي ستمول سداد الدين أو حتى فوائدة البالغة نحو 540 مليار جنيه في العام الحالي فقط".
وأعرب عن تخوفه من تحول الديون "المعوق للاستثمار، وليس المشجع له، فالدولة عندما تكون مديونة بمبالغ كبيرة وقريبة من الإفلاس تسمى دولة (فاشلة)"، متوقعا أن "تستمر في الاقتراض لأن قرار الاقتراض ليس بيد الوزير أو الحكومة بل بيد شخصيات أكبر من الوزير والحكومة".
تدليس الحكومة
المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، قال لـ"عربي21": "عندما تسمى القروض تحت أي مسمى استثمارا فهو يعتبر "تدليسا""؛ مضيفا أن "الدولة فشلت في تحقيق ما تم التوقيع عليه مع صندوق النقد الدولي، وهو جذب استثمارات بنحو 21 مليار دولار من بينها 9 مليارات دولار استثمارات مباشرة أي إقامة مشروعات بأموال من الخارج، وليس بسندات دولية، والذي من خلال عوائدها يتم سداد الديون وفوائدها".
وأضاف: "نحن الآن على مقربة من الوصول إلى ثلي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فهل ثبت الدين العام؟ هل قل عجز الموازنة؟ هل تراجعت فوائد الدين؟ هل حققت أرقام الحكومة المعلنة المرجو من الاتفاقية للإصلاح المالي والاقتصادي في مصر أم تؤكد فشله؟".
اقرأ أيضا: مصر تعود للأسواق الدولية وتعتزم اقتراض 4 مليارات دولار
وعلل بروز مصر كوجهة جاذبة للاستثمار في الدين بسبب "تباطؤ النمو الاقتصادي في العالم، ووجود فوائض مالية لدى العديد من الدول تبحث عن مثل تلك الأماكن التي تمنح فوائد مرتفعة، والسلطة الآن تستبدل الديون قصيرة الجل بأخرى طويلة الأجل ما يشكل خطرا على الأجيال القادمة".
واعتبر أن حديث الحكومة بأن ذلك يعد ثقة في الاقتصاد المصري "تضليل، وحق يراد به باطل؛ لأن حجم الدين العام في مصر تجاوز النسبة الآمنة وهي 60% من الناتج القومي، وعندما يأتي مسؤول ويقول إنه نوع من الثقة فهو تدليس وكذب"، متسائلا: "متى تسدد الدولة ديونها إذا كان 90% من حجم الموازنة استهلاكية و10% فقط استثمارية، متوقعا ألا تتوقف مصر عن الاقتراض طالما ظلت إدارة مصر تحت ما يسمى بمدرسة الجباية".
مميزات ومساوئ
واعتبر الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، محمود العربي، إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين أمرا إيجابيا من ناحية، وسلبيا من ناحية أخرى، قائلا: "الإقبال على شراء أدوات الدين يعني أن المستثمر الأجنبي لديه ثقة في الاقتصاد المصري، ويعزز من جذب استثمارات أخرى فعلية، قد تأتي للبلاد للاستثمار في مشروعات صناعية وتجارية وزراعية وغيرها".
وأضاف لـ"عربي21": "أما الشق السلبي فيتمثل في أنها تعد أعباء مرحلة على الأجيال القادمة، ويفضل أن تكون تلك الاستثمارات وتمويلها من الداخل"، مشيرا إلى أن الاقتراض في حد ذاته ليس سيئا، ومعمول به في جميع بلاد العالم غنيها وفقيرها. ولكن السؤال هنا هل لدى الحكومة المصرية القدرة على سداد التزاماتها؟".
اقرأ أيضا: مصر تواصل الاستدانة وتقترض 15.5 مليار جنيه من البنوك
وأوضح أن "الديون في مصر حتى الآن أمنة، ولكن في حال ظلت على نفس الوتيرة، والاعتماد على الدين الخارجي، فمن المرجح أن يشكل خطورة على الاقتصاد"، مطالبا "بالاهتمام بالاستثمار الداخلي وتشجيعه، وزيادة الإنتاج والصادرات، والاهتمام بقطاع السياحة الذي بدأ ينشط بعودة السياح الروس".