هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ما يمثل تحركا جديدا للمعارضة المصرية، بدأت الحركة "المدنية الديمقراطية" بالتوجه لتشكيل حكومة ظل في مواجهة الحكومة المرتقبة التي من المفترض أن يشكلها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي مع بدء ولايته الثانية في حزيران/ يونيو المقبل.
ورأى مراقبون للأوضاع في مصر أن الفكرة التي بدأت تتوسع داخل الحركة المدنية، هي محاولة من المعارضة لإثبات وجودها بعد التهميش المتعمد الذي تعرضت له في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها السيسي مؤخرا، كما أنهم اعتبروها وسيلة ضغط سياسية قبل انتخابات المحليات المرتقبة.
وطبقا لمصادر داخل الحركة فإنهم توصلوا بالفعل لعدد من الشخصيات المرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء وهي شخصيات توافقية بين مختلف الأحزاب والحركات المشاركة في الحركة المدنية، ربما يكون من بينهم زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، كما أنهم توصلوا لما يقرب من 40 شخصية ليتم اختيار 15 من بينهم لتولي الوزارات، وهم شخصيات تكنوقراط متخصصون في المجالات المختلفة.
اقرأ أيضا: سخرية واسعة من السيسي بسبب الصواريخ البلاستيكية (شاهد)
القيادي في الحركة المدنية الديمقراطية، أمين اسكندر، أكد في تصريحات صحفية أن "تشكيل حكومة ظل مشتركة من أهم الأفكار التي تحاول المعارضة تنفيذها خلال الفترة المقبلة، من خلال الالتفاف حول شخصيات أساسية تمثل نبض الوطن، من أجل تقديم فكرة ورؤى جديرة بالتنفيذ" حسب قوله.
من جانبه، قال الباحث في العلوم السياسية أسامة أمجد لـ"عربي21" إن "فكرة حكومة الظل ليست جديدة في مصر، حيث حرص حزب الوفد على تشكيلها باستمرار خلال فترة حكم حسني مبارك، كما أنه شكل ثلاث حكومات للظل في عهد السيسي، تولى رئاستها بالترتيب علي السلمي ثم صلاح حافظ واختار المستشار الاقتصادي سامح عادل صدقي لحكومة الظل في 2016".
وأردف: "وقد ضمت حكومات الوفد عددا من الشخصيات الذين تم اختيارهم كوزراء ومحافظين في الحكومات الرسمية التي تم تشكيلها في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013".
وأوضح أمجد أن "فكرة حكومات الظل متعارف عليها في الأنظمة الديمقراطية التي تعتمد على نظام الحكم البرلماني، حيث يشكل الحزب الذي يتزعم المعارضة حكومة ظل، تمكنه من إحراج الحكومة الحقيقية، وتساعده في حالة توليه الحكم".
وأشار الباحث السياسي إلى أن "النظم الجمهورية مثل مصر وفرنسا وأمريكا وتونس وغيرها لا تعرف مثل هذه الحكومات لأن نظام الحكم فيها لا يتيح لهذه الحكومة فرص عمل، ولعل ما يؤكد ذلك هو فشل حكومات الظل التي شكلها حزب الوفد علي مدار أكثر من 30 عاما، وتحديدا منذ شارك في الحياة السياسية بعد عودته للعمل عام 1984".
وعن الحالة المصرية الراهنة، قال الكاتب الصحفي أحمد الجيزاوي لـ "عربي21" إن "فكرة حكومة الظل من المفترض أن تمنح الحياة الحزبية فرصة للحركة وتحويل برامجها من برامج نظرية إلي برامج عملية، وهو ما يوسع من فكرة المنافسة التي تمنح الحياة السياسية حركة ونشاطا كبيرين".
ونوه إلى أنها "تتطلب في الوقت نفسه أن يكون هناك تناغم وتوافق بين المشاركين في هذه الحكومة، ولذلك فإن فكرة تشكيلها من مجموعة أحزاب أو قوى حتى لو كانت من إطار فكري واحد لن يوفر لها فكرة التوافق، وبالتالي فهي مجرد محاولة من المعارضة لإعادة صياغة وجودها مرة أخري في الشارع المصري، بعد الهزيمة التي لحقت بها في الانتخابات الرئاسية الماضية سواء بعدم السماح لها بالمشاركة أو حتى المعارضة".
اقرأ أيضا: لم يخالف السيسي حليفتيه السعودية وأمريكا ويدعم الأسد سرا؟
وأضاف الجيزاوي أن "العائق الثاني أمام نجاح حكومة الظل بمصر هو شخصية السيسي نفسه، والذي لن يقبل بوجود حكومة موازية لحكومته الرسمية، وفي حال كانت الحكومة الموازية قوية فإنها يمكن أن تمثل أزمة للحكومة الرسمية لأن الجماهير سوف تقارن بين كلتا الحكومتين، وهي أمور لن يوافق عليها السيسي الذي يرسخ لفكرة حكم الفرد المدعوم بمؤسسة عسكرية تحصل في مقابل تأييدها له على كثير من المزايا والامتيازات".
ورأى الجيزاوي أن "السيسي أثبت في ظل إدارته خلال السنوات الماضية أنه لا يقبل النصح، وأن دوائر مستشاريه محدودة للغاية ولا تخرج عن العسكريين القريبين منه حتى لو كان الأمر متعلقا بالشؤون المدنية، كما أن الحكومة بالنسبة للسيسي مجرد سكرتارية وليس لها حرية حركة في العمل التنفيذي، فهي حكومة الشخص الحاكم وليست حكومة الحزب الحاكم".
وأشار إلى أنه "في مقابل ذلك عمل السيسي على إضعاف الحياة الحزبية والسياسية، وبالتالي قتل المنافسة السياسية، وهي أمور كلها تشير إلى أنه لن يجازف بفكرة التنظيمات الموازية الحقيقية وليست الهشة مثل حزب الوفد، حتى لا يكرر خطأ مبارك من وجهة نظره، عندما ترك الفرصة لأن تقوم المعارضة بتشكيل البرلمان الشعبي الموازي، والاتحادات الطلابية الموازية وكذلك النقابات الموازية وهي تنظيمات كان لها تأثير كبير في إشعال ثورة كانون الثاني/ يناير 2011".