هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كتب مراسل صحيفة "الغارديان" السابق في القدس، بيتر بيومنت، مقالا عن الغارة الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، قائلا إن القادة الإسرائيليين أساءوا تقدير الموقف الروسي، وحذر من أن النتائج ستكون خطيرة.
ويقول بيومنت في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنى تاريخه السياسي على مواجهة إيران، وجعل إسرائيل حاجزا ضد تمددها، إلا أن فشله يسهم في التصعيد الذي سيترك آثارا كارثية على منطقة الشرق الأوسط".
ويضيف الكاتب أن "الصوت الذكي في الشرق الأوسط عادة ما يفقد ذكاءه ولوقت طويل، وكمثال على هذا اتفاق (تجنب الصدام) بين روسيا وإسرائيل بعد دخول الطيران الروسي إلى سوريا، للوقوف إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد".
ويشير بيومنت إلى أن "نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفاوضا على الترتيب، واعتبر الاتفاق دليلا على مهارات نتنياهو الدبلوماسية، وهو ترتيب سمح للطيران الإسرائيلي بحرية الحركة لضرب أهداف إيرانية وقوافل أسلحة في طريقها لحزب الله".
ويجد الكاتب أنه "إذا كان هذا الترتيب منذ بدايته يشمل على مظاهر ضعف، إلا أن الرد الروسي والإيراني على غارات هذا الأسبوع التي نفذتها إسرائيل ضد قاعدة جوية سورية، وقتل مستشارين إيرانيين، كشف بعنف عن افتراض حرية التحرك الإسرائيلي، وبالضرورة التسامح الروسي معه".
ويؤكد بيومنت أن "إسرائيل ونتنياهو بالتحديد أساءا قراءة مسار عودة المشاركة الروسية في منطقة الشرق الأوسط، الذي قام على تفسير ضيق للمشروع الإيراني وتأثيره في الغرب وقريبا من الحدود السورية". ويتساءل الكاتب عن السبب الذي يجعل من إساءة التقدير الإسرائيلي الأخير على محور المجهول أو غير المرئي، وفي سياق الحمى التي تبعت الهجوم الكيماوي الأخير في سوريا.
ويلفت بيومنت إلى أنه "على الجانب الأمريكي، فإن الغموض يكتنف نوايا وخطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتقلبه، حيث كان متناقضا وفي خلال أيام، من داعية للخروج من سوريا إلى مخطط لهجوم عسكري محتمل".
ويرى الكاتب أن "نتنياهو، الذي طالما هاجم إيران، ودعا لمواجهتها، إن في سوريا أو على أراضيها، يواجه اليوم نتيجة كلامه البلاغي وتداعيات أفعاله، بل ضرباته الدموية بطريقة لا يمكن لطهران تجاهلها الآن، فعلى الجانب الآخر هناك بوتين، الذي تبدو حساباته غامضة؛ ليس بسبب نواياه، بل طموحاته وخطوطه الحمراء، بشكل أنتج وضعا ملتهبا يعقد على كل طرف في المعادلة معرفة ما يريده الطرف الآخر أو كيف يعمل".
ويفيد بيومنت بأن هذا ما وصفه الباحث ستيفن بينكر في كتابه عن الحرب والعنف، وناقش فيه ما تتركه محاولات دول رفع درجة الأمن لديها على مواقف الدول الأخرى، التي تسارع للقيام بأعمال وقائية، بشكل يفتح الباب أمام تصعيد جديد، لافتا إلى أنه مع احتمال اندلاع عنف جديد، فإن ما يثير الخوف هو أن الآلية الرئيسية التي يمكن من خلالها تجنب التصعيد، أي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ضعيفة؛ بسبب "عسكرة" كل من الولايات المتحدة وروسيا الفيتو.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "علمنا التاريخ أن الحروب، من الحرب العالمية الأولى إلى الحرب الكورية وحرب الأيام الستة والفوكلاند، تتغذى وتندلع بسبب الرسائل المتناقضة والفشل في تفسيرها، وبالنظر حول الشرق الأوسط اليوم، فإن هذا صحيح في ظل نقص كبير في العقول الحكيمة".