كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن المجموعات المسلحة في
ليبيا، بما فيها التابعة للسلطات الرسمية تحتجز آلاف الأشخاص بشكل تعسفي ومطول ودون مسوغ قانوني، ويتعرضون للتعذيب والضرب والانتهاكات.
وقال مفوض
الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إن هذا التقرير لا يكشف عن الانتهاكات والتجاوزات المروعة التي يتعرض لها الليبيون المحرومون من حريتهم فحسب، بل يوثق أيضاً للرعب المطلق وتعسفية هذه الاعتقالات للضحايا وأسرهم على حد سواء، مضيفاً أنه “ينبغي إيقاف هذه الانتهاكات والتجاوزات ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم على نحو تام".
انتماءات السياسية
وجاء في التقرير أن المجموعات المسلحة تحتجز الرجال والنساء والأطفال في جميع أنحاء ليبيا بصورة تعسفية أو حرمانهم بصورة غير مشروعة من حريتهم بسبب انتماءاتهم القبلية أو العائلية أو انتماءاتهم السياسية، مشيرا إلى أن عددا قليلا من المحتجزين تم عرضهم على القضاء، والباقي لا يُسمح لهم بذلك على الإطلاق.
وبحسب التقرير فإن المجموعات المسلحة منذ الانقسام السياسي 2014 تقوم باحتجاز المشتبه بهم من معارضيها ومنتقديها والناشطين والعاملين في المجال الطبي والصحفيين والسياسيين.
وأوضح التقرير تفشي ظاهرة احتجاز الرهائن بغرض مبادلتهم مع السجناء أو للحصول على فدية، مشيرا إلى أن سلطة المجموعات المسلحة تنامت دون رقابة وبقيت بلا إشراف حكومي فعال.
احتجاز تعسفي
وتابع التقرير أن حوالي 6500 شخص محتجزون في سجون رسمية تشرف عليها الشرطة القضائية التابعة لوزارة العدل. ولا تتوافر إحصاءات بشأن مراكز الاحتجاز التابعة إسمياً لوزارتي الداخلية والدفاع، ولا تلك التي تديرها المجموعات المسلحة بشكل مباشر
وبيّن التقرير أن عدد المحتجزين في سجن معيتيقة الجوي بلغ 2600 معتقل من الرجال والنساء والأطفال، لم يتم عرض معظمهم على السلطات القضائية. فيما بلغ عدد المحتجزين في سجن الكويفية، والذي يعد أكبر مركز احتجاز في شرق ليبيا، حوالي 1,800 شخص.
وذكر التقرير أن هذه المراكز معروفة بتفشي مظاهر
التعذيب وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات ضد حقوق الإنسان.
وبحسب التقرير فإن المجموعات المسلحة تقوم بحرمان المحتجزين من أي نوع من التواصل مع العالم الخارجي في الفترات الأولى من اعتقالهم، موضحا أن أفراد أسر المحتجزين، تقوم بالبحث عن ذويهم في مراكز الاحتجاز المعروفة والتماس المساعدة من المعارف الذين لهم صلات بالمجموعات المسلحة أو أجهزة الأمن أو المخابرات للوصول إلى ذويهم في مراكز الاحتجاز والاطمئنان عليهم.
جثث في القمامة
وأورد التقرير أن بعض المحتجزين فارقوا الحياة أثناء الاعتقال وتم العثور في شوارع ومستشفيات ومكبات النفايات على المئات من الجثث التي تعود لأناس اقتيدوا واحتجزوا على أيدي المجموعات المسلحة، وكانت العديد من هذه الجثث مكتوفة الأطراف وتحمل آثار تعذيب وطلقات نارية.
وأشار التقرير إلى أن أفراد المجموعات المسلحة الذين يقومون بالاعتقالات التعسفية والتعذيب حتى الموت، لا يتم محاسبتهم ويفلتون تماماً من المساءلة والعقاب.
تحرك عاجل
وطالبت الأمم المتحدة في تقريرها السلطات الليبية بالتحرك العاجل والفوري وبدعم من الأمم المتحدة لوقف حالات الاحتجاز والاعتقال التعسفي التي تقوم بها المجموعات المسلحة، موضحة أن هذا التحرك يجب أن يوفر سبل الانتصاف للضحايا وأسرهم ويحول دون تكرار وقوع مثل هذه الجرائم.
وكخطوة أولى، ينبغي للجهات الحكومية وغير الحكومية التي تسيطر فعلياً على هذه المناطق وتضطلع بمهام كالحكومية أن تفرج عن المحتجزين تعسفياً وكذلك أولئك الذين سُلبت حريتهم بشكل غير قانوني. ويجب نقل جميع أولئك الذين اعتقلوا بصورة قانونية إلى السجون الرسمية الخاضعة لرقابة الدولة الفعلية والحصرية، بحسب ما جاء في تقرير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وحثّ التقرير السلطات المعنية على الإدانة العلنية والقاطعة لحالات التعذيب وسوء المعاملة والإعدامات بإجراءات وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وخلص التقرير إلى أن استمرار الإخفاق في التصدي لهذا الأمر لن يؤدي إلا إلى إلحاق مزيد من المعاناة بالآلاف من المحتجزين وأسرهم فقط بل سيفضي أيضاً إلى مزيد من الخسائر في الأرواح. كما أنه سيقوض أي جهود ترمي إلى تحقيق الاستقرار وبناء السلام والمصالحة.
وشمل التقرير الأشخاص المحتجزون على خلفية الثورة الليبية عام 2011 حيث يُحتجز العديد منهم بدون تهمة أو محاكمة مشيرا إلى أن فترة احتجازهم تجاوزت الست سنوات.
يذكر أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا سجّلت 143 حالة اعتقال تعسّفي و186 حالة اختطاف في مختلف مناطق ليبيا.