هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثيرت مخاوف مئات الآلاف من العمال المصريين من "الفصل التعسفي" أو الاضطرار لقرار "المعاش المبكر" كما حدث لهم في عهد حسني مبارك؛ وذلك في ظل ما أعلنته حكومة الانقلاب من طرح 23 شركة حكومية بالبورصة، خلال العامين القادمين، وطرح ما بين 4 و6 شركات هذا العام.
نشطاء وقيادات عمالية أعلنوا مخاوفهم من أن تكون خطة النظام ببيع حصص الشركات الحكومية بطرحها بالبورصة بداية لأزمة جديدة تعصف بعمال القطاع العام إما بتسريح الملاك الجدد والإدارات التابعة لها عدد كبير منهم أو إجبارهم على المعاش المبكر، كما حدث إثر موجة الخصخصة بعهد حسني مبارك بفترة التسعينيات من القرن الماضي.
يذكر أن مصر على موعد مع انتخابات النقابات العمالية في 16 أيار/ مايو المقبل، والتي تجرى في البلاد لأول مرة منذ عام 2006، على إثر قانون النقابات الذي أقره البرلمان الحالي عام 2017، وسط توقعات باستخدام النظام تلك الانتخابات لكبت حريات العمال وتقريب أنصار قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
حجم الأزمة
وفي تحليله لأهداف النظام من طرح هذا الكم من الشركات الحكومية بالبورصة، قال الناشط العمالي السيد حماد، إنه "يسعى للحصول على الأموال من أي باب وذلك لسداد فوائد الديون الخارجية"، مضيفا أنه "وفي ظل إحجام دول الخليج عن تقديم المال له، فما كان أمامه إلا أن يبيع شركات القطاع العام".
حماد، كشف أبعاد الملف لـ"عربي21"، بقوله: "ولأن الجميع يتحدث عن قضية البيع فإن النظام غير أسلوبه بالطرح في البورصة وليس بالبيع بشكل مباشر"، مؤكدا أنه "سيطرح كل الشركات واحدة تلو الأخرى للصرف منها وتعويض عجز الميزانية العامة للدولة".
وعن أوضاع العمال في ظل ما يحدث، أشار حماد، إلى أنهم "بالطبع يدخلون نفق أزمة عميق لا يعرف أحد إلى ماذا سينتهي"، متوقعا "تشريد آلاف العمال"، ومعتقدا أن نتائج ذلك خطيرة وتسبب زيادة نسبة البطالة، التي ستزيد من الجرائم المجتمعية والأخلاقية من السرقة إلى الخلافات الأسرية وأزمات الجيران وتفشي الفوضى بالمجتمع"، مشيرا إلى أنه "يمكن أيضا استغلال طوابير العاطلين في القيام بالعمليات الإرهابية مقابل المال".
اقرأ أيضا: بعد قانون النقابات الجديد.. خريطة موظفي وعمال مصر (إنفوغرافيك)
ويرى حماد، أن "المستفيد من تلك الخطوة هم رجال الأعمال المقربون من النظام، كما كان الحال بعهد حسني مبارك"، مشيرا لما كان يتم من "خسارة متعمدة وتقليل أسهم الشركات الحكومية حتى يشتريها رجال الأعمال بأثمان بخسة، ومن ثم انتقال العمالة الفنية المدربة لتلك الشركات، وهو ما يأتي على حساب العمالة صغيرة السن وحرمانها من الحصول على وظائف ورواتب بتلك الشركات".
وتحدث حماد، عما يحدث الآن من "إسكات لصوت العمال وتشريدهم وسجنهم"، ضاربا المثل بما حدث لعمال "مصنع قنا للغزل والنسيج"، معتبرا أن "الانتخابات العمالية القادمة فرصة للنظام حتى يتخلص من رجال مبارك ومن العمال المعارضين، ويصنع ظهيرا جديدا له وسط العمال عبر انتخابات تشبه انتخابات الرئاسة".
وحول دور النقابات العمالية في حفظ حقوق العمال، أكد عدم تفاؤله لما هو قادم في الوسط العمالي، مشيرا إلى أن وزير القوى العاملة الحالي كان نقابيا ورغم ذلك وبمجرد تعيينه بالمنصب أقال المجلس النقابي المنتخب لشركة "إنبي" للبترول وقام بتعيين مجلس آخر موال للنظام.
هذا هو الحل؟
الخبير الاقتصادي السابق بالأمم المتحدة الدكتور إبراهيم نوار، يرى أن الأمر "يتوقف على طبيعة عمليات الخصخصة"، مؤكدا أنه "إذا ظلت الدولة تحتفظ بملكية أغلبية الأسهم (51% فأكثر) أو كانت المساهم الرئيسي وصاحبة الحق بالإدارة؛ فإن ما أعلنته حكومة شريف إسماعيل، بهذا الخصوص –أن الخصخة لن تطال حقوق العمال- يظل صحيحا بشرط تمسك الحكومة بتعهدها".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار نوار، إلى أن "رئيس الوزراء لم يحدد مدة زمنية معينة لالتزام الحكومة ببقاء العمالة الحالية"، معلنا مخاوفه من أن يكون "هذا الالتزام موقوتا، بسنة أو أكثر على سبيل المثال، ومن المستحيل أن يكون مطلقا".
وأوضح المستشار السابق بوزارة التجارة، أن "المشكلة هنا هي أن دخول مساهمين جدد لمجلس الإدارة يؤدي لتغيير السياسات والاستراتيجيات للشركات المباعة"، مؤكدا أنه "كلما فرضت الحكومة شروطا بعمليات الخصخصة، بما في ذلك شرط المحافظة على العمالة الحالية؛ قللت هذه الشروط من جاذبية الشركات للمستثمرين، وخفضت سعر أسهم الشركات المباعة".
وقال إن "الحل يكمن أولا بتطوير تلك الشركات وتحويلها لشركات ذات ربحية عالية وعدم تخلي الدولة عن أسهم الأغلبية بالشركات المباعة"، موضحا أنه "في هذه الحالة سترتفع قيمة الأسهم المباعة، ولن يتم خصخصة الشركات بأسعار بخسة كما حدث في السابق عندما بيعت الأصول الرأسمالية للشركات التي تم خصخصتها بما يعادل 10 بالمائة فقط من قيمتها السوقية، الأمر الذي يمثل جريمة في حق أصحاب المدخرات الذين شدوا الأحزمة على بطونهم لعشرات السنين حتى يتم بناء القطاع العام".
اقرأ أيضا: قانون النقابات العمالية الجديد يثير جدلا بمصر
ويبلغ عدد شركات قطاع الأعمال العام، نحو 125 شركة، تندرج تحت 8 شركات قابضة، وشركة تاسعة تتبع وزارة التموين هي القابضة الغذائية، وبعض الشركات التابعة لوزارة الري، ويبلغ عدد عمالها نحو 235 ألف عامل يصل حجم أجورهم 13 مليار جنيه، بينما عدد الشركات الخاسرة هو 68 شركة، فيما وصل إجمالي أصول شركات قطاع الأعمال 131 مليار جنيه.