هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا سلط من خلاله الضوء على سوء المعاملة التي تتعرض لها المعينات المنزليات، اللاتي تستقدمهن مكاتب التشغيل واستقطاب العمالة في السعودية من بنغلاديش.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الوضع المأساوي الذي تعيشه الخادمات البنغلاديشيات أجبر المسؤولين الدبلوماسيين على إقامة منازل آمنة داخل المملكة العربية السعودية لحماية هؤلاء النساء، اللواتي يقدر عددهن بالمئات. ووفقا لبرقيات السفارة التي تم تسريبها لموقع ميدل إيست آي، تتراوح هذه التجاوزات بين الإساءة الجسدية والجنسية من قبل أرباب العمل.
ونقل الموقع التقرير الذي أرسله الدبلوماسيون إلى دكا، عاصمة بنغلاديش، حيث أفادوا بأن الخادمات اللاتي قدمن إليهم وصفوا أهوال عملهن؛ فقد اضطررن إلى العمل لساعات إضافية، وكن يتحملن الإساءة اللفظية وأعمال التعذيب التي يمارسها أرباب العمل. وقد دفعتهن أوضاع العمل المزرية إلى طلب المأوى داخل الملجأ. وفي مذكرة يعود تاريخها لسنة 2015، أشار الدبلوماسيون إلى أن الخادمات البنغلاديشيات يلتمسن اللجوء بمعدل ثلاث أو أربع نساء في اليوم الواحد.
وأورد الموقع أن السفارة البنغلاديشية في السعودية تفتقر لمستشار يعنى بمثل هذه المسائل، فضلا عن عدم وجود العنصر الأنثوي في الطاقم الدبلوماسي لمد يد العون للنساء المضطهدات. فمعظمهن لا يحملن جوازات سفر، ويرجع ذلك بالأساس إلى اعتياد أرباب العمل السعوديين على افتكاك الأوراق الثبوتية للخادمات فور وصولهن. وهو ما يعني عدم توفر خيارات متعددة في حال قررن الهرب.
اقرأ ايضا: بعد الجدل.. السعودية تفتح تحقيقا في "بيع" الخادمات المغربيات
كما تطرق الموقع إلى اعتياد أصحاب العمل السعوديين على تقديم تشكيات لدى المحاكم السعودية ضد المعينات المنزليات، ما يعرقل مسار عودتهن إلى بنغلاديش مرة أخرى. وحسب المعطيات التي أفادت بها المذكرة، تستغرق عملية إعداد أوراق الخادمات اللازمة بين 15 يوما وشهر كامل، وقد تستغرق الإجراءات ستة أشهر في بعض الحالات.
وشدد الموقع على حاجة بنغلاديش لإنشاء المزيد من البيوت الآمنة داخل الأراضي السعودية لتلبي احتياجات العاملات، اللواتي يتقدمن بمطالب لجوء بصفة يومية. ولكن، يبدو أن صدى المعاملة السيئة التي تتعرض لها نظيراتهن لا تثنيهن عن السعي لكسب لقمة العيش داخل جدران المنازل السعودية. ففي أول شهرين من سنة 2018، سجلت السعودية قدوم 16624 امرأة بنغلادشية لكسب الرزق.
وأشار الموقع إلى معاناة النساء داخل البيوت الآمنة، حيث يطول انتظارهن لإتمام إجراءات عودتهن لمسقط رأسهن، ويشعرن بأنهن محتجزات داخل هذه الملاجئ. وحيال هذا الشأن، قالت زبيدة، وهي خادمة سابقة لدى إحدى الأسر السعودية وقع ترحيلها إلى بنغلاديش خلال شهر آذار/ مارس الجاري، إنها اضطرت للبقاء لثلاثة أشهر داخل البيت الآمن قبل استكمال الوثائق اللازمة للعودة لبنغلاديش.
كما ذكرت زبيدة أنها تعرضت إلى كم لا يحتمل من الإساءة الجنسية وسوء المعاملة، قبل أن ينتهي بها المطاف داخل البيت الآمن رفقة أكثر من 70 امرأة أخرى، تتشارك معهن نفس المعاناة والمصير ذاته.
ونقل الموقع تصريحات زبيدة، التي وصفت ظروف إقامتها في الملاجئ المخصصة لاستقبال الخادمات البنغلاديشيات بالجيدة نسبيا. لكن ذلك لم يمنع بعض النساء من محاولة الخروج منها نظرا لشعورهن بأنهن محتجزات. ويبدو هذا الأمر منطقيا لنساء تعرضن للضرب المبرح من قبل أرباب العمل، ناهيك عن حرمانهن من تلقي رواتبهن لعدة أشهر، تعرضن خلالها لكافة أنواع التحرش الجنسي.
وأورد الموقع إفادة روثنا بيغوم، باحثة حقوق الإنسان في منظمة هيومن رايتس ووتش ومختصة في حقوق العمال المحليين في دول الخليج، التي أكدت أن الدول التي ترسل عمالها إلى السعودية بدأت بالفعل في اعتماد خطوات مماثلة، وبناء ملاجئ خاصة بالعمال، على غرار الفلبين والهند.
وأوضح الموقع أن هذه البيوت الآمنة تشيد في العادة ضمن الأراضي التابعة السفارة. وشددت بيغوم على ضرورة بناء مثل هذه الملاجئ، نظرا لأن القانون السعودي يسمح باعتقال الخادمات اللواتي يهربن من منازل أرباب العمل بتهمة "الفرار"، مما يخل بوضعهن القانوني ويخضعهن للتتبعات القضائية. وأضافت الباحثة أن ذلك سيساهم في درأ خطر الإساءة المستمرة التي ينتهجها المشغلون، الذين يستغلون واقع عدم وجود مهرب.
وذكر الموقع أن السعودية فرضت حظرا على استقدام جميع العمال من بنغلاديش، باستثناء الخادمات، مما يكرس الممارسات المخلة التي تنتهجها العائلات السعودية بتفويض من الدولة نفسها بصفة غير مباشرة. وبما أن الأرقام خير إثبات، فإن عدد العاملات البنغلاديشيات في المملكة يبلغ 68286 امرأة.
وفي الختام، نوه الموقع بأن المعاملة السيئة التي تتعرض لها الخادمات البنغلاديشيات لن تحول دون تواصل دفق العاملات إلى المملكة العربية السعودية. ويعزى ذلك إلى أن الدولة التي تندرج ضمن لائحة أفقر الدول في العالم، غير مستعدة لخسارة التحويلات المالية الضخمة التي تقوم بها العاملات في الخارج، وهو ما ينذر بتواصل هذه الأزمة.