هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بالرغم من مرور شهر على الحملة العسكرية الشاملة التي أطلقها رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي في سيناء تحت عنوان "سيناء 2018"، إلا أن الأرقام التي أعلنها المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية في بياناته الأربعة عشر التي صاحبت الحملة حتي الآن، لم توضح ما حققه الجيش من نتائج طبقا للأهداف التي أطلقها مع بداية الحملة.
ووقفا لخبراء ومحللين، فإن جميع بيانات المتحدث العسكري منذ بداية الحملة في التاسع من شباط/ فبراير 2018، لم تقدم سوى معلومات عن مقتل عناصر تكفيرية أو القبض علي مشتبهين، أو تدمير أوكار في الجبال، وحرق مزارع للحشيش والخشخاش، بينما الهدف الأساسي وهو اعتقال رموز تنظيم الدولة أو الإعلان عن القضاء عليهم أمرا لم تشمله البيانات الرسمية.
من جانبه أكد الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية عبد المعز الشرقاوي لـ "عربي21" أن القوات المسلحة المصرية تقدم بيانات عن عملية هي وحدها التي تعرف أسبابها وأهدافها، وهو ما يمثل صعوبة في تقييم ما حققته العملية لأن المعلومات المتوفرة تأتي من جانب واحد فقط وهو المتحدث العسكري.
ويضيف الشرقاوي أنه رغم القوة الكبيرة التي تصاحب العملية، وانطلاقا من بيانات الجيش نفسه بالسيطرة على سيناء بشكل كامل، فإن هناك ما يقرب من عشرة ضباط بخلاف المجندين وضباط الصف قد لقوا حتفهم في مواجهات مع عناصر اعتبرتها القوات المسلحة إرهابية، وهو ما يثير المخاوف من صحة البيانات التي تطلقها القوات المسلحة، لأن فقدان ضباط وجنود مع كل هذه القوة والإمكانيات يشير إلى أن العملية لا تسير بالشكل الذي يتم الترويج له، وأن القوات المسلحة دخلت منطقة ربما لن تستطيع الخروج منها بسهولة.
اقرأ أيضا: مواطنو سيناء يعانون حصارا خانقا.. إقامة جبرية وقطع للاتصالات
ويؤكد الشرقاوي أن المواجهة المعلنة هي مع العناصر الإرهابية، بينما واقع البيانات أن المواجهة مع تجار المخدرات والتهريب وجنائيين استخدموا دروب سيناء مأوي لهم، وبالتالي فإن فكرة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بسيناء أصبحت محل شك.
ودعا الشرقاوي هيئة عمليات القوات المسلحة إلى الإعلان عن أهداف الحملة وما حققته، وعدم ترك الأمور بهذا الشكل، خاصة وأنه لن يستقيم بأي حال من الأحوال أن يصاحب هذه العملية الواسعة هذا الغموض المقلق سواء على مصير الأفراد أو مصير الأهالي.
ويشير الشرقاوي إلى أن ما نفهمه من الحملة، أن السيسي بدأها لتحقيق حالة نجاح داخلية له، بالإضافة للترويج الخارجي بأنه مستعد للقيام بأي أدوار مطلوبة منه في ظل الحملة الأمريكية ضد الإرهاب، وانطلاقا من ذلك، فقد حقق فشلا داخليا لأن نتائج الحملة غير ملموسة في الحياة المعيشية للمواطن الذي أصبح يتحرك داخل المحيط وليس بجواره، وعلى الصعيد الخارجي لم تحظ الحملة بدعم دولي كما كان يريد السيسي.
ويشير الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي كمال علام، إلى أن هناك تساؤلات فرضتها الحقائق التي أبرزتها الحملة، وهي تساؤلات بحاجة لإجابات مقنعة من قبل القوات المسلحة، من أهمها علاقة الحملة بعمليات التهجير التي جرت قبل الحملة وخلالها، وهل هذا له علاقة بصفقة القرن التي تهدف لتوطين الفلسطينيين الغزاويين في رفح والعريش.
وأوضح كمال لـ "عربي21" أن تزامن زيارة وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة للقاهرة مع العمليات الدائرة بسيناء، يثير الشكوك، خاصة وأن كثيرا من المتابعين القريبين للمباحثات أكدوا أن مصر طرحت بالفعل على الحركة تصورها لصفقة القرن، وأنها مارست ضغوطا من أجل إقرار الحركة لها.
وتساءل علام: "أليس من المنطق أنه بعد شهر كامل من هذه الحرب الشاملة، وإعلان القوات المسلحة أنها حققت الكثير من أهدافها، أن يعود أبناء سيناء الذين أجبرتهم الظروف على الهجرة من مدنهم وقراهم، وفك العزلة عن الأهالي الذين لم يجدوا ما يأكلوه بعد فصل الأرض التي يعيشون فيها عن باقي مصر وتعليق الدراسة بالمدارس والجامعات؟".
اقرأ أيضا: كيف يغطي الإعلام عملية الجيش المصري في سيناء؟
ويشير علام إلى أن الاستغاثات التي وجهها أبناء سيناء رغم عزلهم عن العالم المحيط بهم كشفت أن العمليات الدائرة لها أهداف أخرى غير محاربة ووأد الإرهاب، ولذلك تعامل السيسي مع الانتقادات التي بدأت تخرج للعلن ضد العملية وأهدافها المخفية، بإعلانه أن التشكيك أو الانتقاد للجيش والشرطة بمثابة خيانة عظمى، وبعد أقل من 24 ساعة تم تأديب أحد أبرز الإعلاميين القريبين منه لأنه ألمح لإساءة إلى الشرطة، وبالتالي كانت الرسالة واضحة بأن الحديث عما يجري بسيناء سوف يواجه بكل قوة غاشمة كما سبق للسيسي وأن أكد ذلك.