ابن سلمان بالقاهرة قبل واشنطن.. هل طريق العرش يمر بمصر؟

من المقرر أن يزور الأمير محمد بن سلمان مصر خلال الساعات المقبلة، ليلتقي قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في زيارة تثير التساؤلات حول أهدافها، خاصة أن ولي العهد السعودي لم يزر القاهرة على مدار العام الماضي كاملا.

وتسببت آخر زيارة لابن سلمان للقاهرة، الخميس 7 أبريل/ نيسان 2016، في جدل كبير، حيث تخللها توقيع الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، ومن ثم تنازُل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة.

وزار ابن سلمان مصر 3 مرات خلال عام 2015، التقى فيها السيسي، 15 كانون الأول/ ديسمبر، و29 تموز/ يوليو ، و14نيسان/ أبريل، وكانت جميعها لتوثيق العلاقات بين الدولتين، ولبحث الملفات العربية مثل اليمن وسوريا، وتشكيل التحالف الإسلامي ضد الإرهاب.

الأمير السعودي الشاب، أثار مؤخرا كثيرا من الجدل بقراراته، التي كان آخرها تغييرات كبيرة في الجيش والحكومة السعودية، وسبقها توقيف بعض الأمراء والوزراء ورجال الأعمال وعلماء الدين، مع تغييرات هيكلية طالت المجتمع السعودي، وقوانين بالسماح للمرأة بقيادة السيارات، وتحجيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنشاء هيئة الترفيه، وإقامة الحفلات الغنائية المختلطة، وظهور النساء بملاعب كرة القدم.

وعلى الجانب الدولي، يمثل ابن سلمان صورة الشاب الفتي الذي يتطلع لقيادة السعودية، وتحظى سياساته برضا كبير في الأوساط والدوائر الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما عبر عنه رئيس مؤتمر الحاخامات "الأحبار" الأوروبيين، نبخاس غولدشميدت، بالإشادة بنشاط ولي العهد السعودي، في حديث لموقع "سبق" السعودي، الثلاثاء.

مساعدة لرجلهم بمصر

من جانبه، يرى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية، الدكتور ممدوح المنير، أن زيارة ابن سلمان للقاهرة هذا المرة، بعد غياب، تأتي كدعاية انتخابية للسيسي، مشيرا إلى أنه "من المؤكد أيضا أن يعلن ابن سلمان من القاهرة عن مشروعات وهمية مع السيسي كمساعدة لرجلهم بمصر".

المنير، في حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن الزيارة لها علاقة بشكل أو بآخر بـ(صفقة القرن)، مضيفا: "لكن الأهم حاليا لهم هو تنصيب السيسي لفترة جديدة، باعتبار أن ذلك يعد ضمانا لإتمام الصفقة".

وأشار إلى احتمال وقوع تنازلات جديدة عن أراض مصرية، أو الاتفاق على مكاسب للسعودية، مقابل هذا الدعم من ابن سلمان للسيسي قبل الانتخابات، مؤكدا أن "رفح في الطريق"، معتقدا أن ملفي قطر وتركيا قد يكونا حاضرين في الزيارة بقوة.

طريق العرش يمر بمصر

وحللت الكاتبة الصحفية، مي عزام، زيارة ابن سلمان للقاهرة من زاوية مختلفة، مشيرة إلى زياته إلى واشنطن، الشهر الجاري، التي سبقتها مقابلة مهمة مع صحيفة "واشنطن بوست" دافع فيها عن سياساته، مؤكدة أن الزيارة تمهيد لتولي ابن سلمان العرش، وأن هذا الطريق يمر عبر مصر.

عزام، قالت لـ"عربي21"، إن ولى العهد السعودي يزور مصر حاليا، ثم يحج للبيت الأبيض، ويقدم أوراق اعتماده ملكا للسعودية، وخلال فترة وجيرة سيتنازل الملك سلمان لولي عهده.

وأضافت أن ابن سلمان في القاهرة لأنه آن الأوان أن يتأهل للعرش الذي هدم المعبد من أجله، وهو ذاهب إلى "أبو إيفانكا" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولا بد أن يحمل تعهدات واضحة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فيما يخص (صفقة القرن) الغامضة، ولمصر دور فيها، وكذلك موقف مصر حال حدثت حرب مع إيران.

وأضحت عزام أن الحلف العربي السني/الإسرائيلي أوشك على النضج، ولم يبق إلا الإعلان عنه، ولذا قام ابن سلمان بتغييرات في الجيش السعودي، متوقعة نشوب حرب محدودة ضد إيران، موضحة أن أمريكا تمني (ملك المستقبل) بأنها حرب خاطفة (مثل حرب اليمن) يستقر بها حكمه، وتحد من تمدد إيران في المنطقة، وتكسر أجنحتها، مضيفة أن أمريكا لن تقبل الخسارة أمام الحلف الروسي الإيراني بسوريا.

وتساءلت: هل تنضم مصر لهذا الحلف؟ أم تظل على حيادها وتمسكها باستقرار لبنان وعدم المساس بحزب الله، أو الحرب مع إيران؟ مشيرة إلى ضغوط تمارس على السيسي من قبل الإعلام الغربي في توقيت حساس.

محاور الزيارة

وأكد الكاتب الصحفي والمتخصص في الشؤون العربية، معتز صلاح الدين، أن ابن سلمان يبدأ جولة خارجية بزيارة مصر، ليمر بعدها ببريطانيا في 7 آذار/ مارس الجاري، ثم أمريكا يوم 19 وحتى 22 من الشهر نفسه، ثم فرنسا.

صلاح الدين، قال لـ"عربي21"، إن زيارة ابن سلمان لمصر تندرج تحت عدة محاور، أولها: الحرب التي تقودها القاهرة ضد الإرهاب، وتطال كل الدول العربية، إلى جانب بحث الموقف العربي مع دولة قطر.

وأشار إلى أن المحور الثاني هو محاولة حلحلة الموقف الفلسطيني، واستعادة فرصة العودة لحل الدولتين وفقا لمبادرة السلام العربية في 2002، مضيفا أن زيارة القاهرة قد تكون تحركا سعوديا لحل الموقف، وخلق موقف عربي لإثناء ترامب عن قراره بنقل السفارة الأمريكية للقدس، ومحاولة إحياء جهود السلام، التي يعتبر لمصر فيها الباع الأكبر، لما لها من علاقات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأضاف أن ملف اليمن قد لا يغيب عن الزيارة، خاصة بعدما حققه التحالف العربي من نجاحات على الأرض بعد وفاة الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح، رغم عدم حسم القتال على مدار سنتين، موضحا أنه ونظرا لدور مصر في حماية باب المندب بقطع بحرية مصرية، فإن الملف سيكون قيد النقاش؛ لأن مصر والسعودية هما جناحا الأمة.

وأشار صلاح الدين إلى أن الجانب الاقتصادي لزيارة ابن سلمان لن يغيب، متوقعا الإعلان عن مزيد من الاستثمارات السعودية في مصر، وزيادة التعاون الاقتصادي بينهما.