هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر "المركز الاستراتيجي الروسي للثقافات" تقريرا بين فيه كيف أصبحت منطقة الشرق الأوسط محط أنظار الصين، التي لا تخفي طموحاتها واستعدادها للدفاع عن مصالحها بحزم، في هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة في العالم.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ اندلاع الأزمة السورية، اتخذت الصين موقف الشريك التجاري الرئيس لسوريا.
ولكن، يبدو أنه لدى بكين خطط أخرى أكبر بكثير تنوي تنفيذها انطلاقا من سوريا.
ففي خضم الحرب، قدمت بكين الدعم لدمشق، واستخدمت شتى الطرق لعل أبرزها؛ الدعم المالي، وحق النقض في مجلس الأمن الدولي لمعارضة مشاريع القرارات الموجهة ضد نظام الأسد.
وأشار الموقع إلى أن روسيا والصين تتشاركان العديد من القضايا الهامة فيما يتعلق بسوريا، مثل دعوة دمشق إلى استعادة مرتفعات الجولان المحتلة، وانتقاد الدعم الأمريكي والتركي للقوات المعارضة للنظام السوري.
ومن ناحية أخرى، تتفق بكين وموسكو على ضرورة القضاء على من تسميهما بـ"الإرهابيين" الموجودين في سوريا، والحيلولة دون عودتهم إلى مواطنهم.
وأفاد الموقع بأن الحزب الإسلامي التركستاني، وهي منظمة مسلحة أويغورية انفصالية يقاتل عناصرها إلى جانب التنظيمات المناوئة لقوات الأسد، يدعو إلى إقامة دولة الخلافة.
ومنذ أوائل سنة 2015، كانت وحدات الإويغور تنشط في سوريا ضمن فصائل جبهة فتح الشام. ويصل المقاتلون المنتمون إلى هذه الجماعات إلى سوريا عبر الأراضي التركية بمساعدة خدمات سرية.
وأورد الموقع أن التغييرات الجذرية الحاسمة التي أعقبت المواجهة بين قوات النظام والتنظيمات المسلحة في سوريا، فضلا عن الدعم الروسي للأسد، دفعت الصين لتكثيف اتصالاتها مع دمشق.
وخلال سنة 2017، زارت العديد من الوفود الصينية رفيعة المستوى دمشق ووقع الطرفان العديد من الاتفاقات والعقود.
اقرأ أيضا: هذه أسباب تواجد الجيش الصيني في سوريا
ونوه الموقع إلى أنه في الخامس من شباط/ فبراير سنة 2015، توصل الطرفان السوري والصيني إلى اتفاق بشأن تقديم المساعدة الإنسانية من خلال التعاون التقني والاقتصادي.
وفي أوائل شهر تموز/ يوليو، وقع الطرفان وثيقة لإنشاء منطقة صناعية للاستثمارات الصينية في صفقة بلغت ملياري دولار، ما يعني إنشاء 150 شركة صينية وتوفير 40 ألف وظيفة في سوق الشغل السورية.
وفي آب/ أغسطس من سنة 2017، أدى وفد عسكري صيني برئاسة الجنرال، غوان يو فييم، (رئيس مكتب التعاون الدولي للجنة العسكرية المركزية الصينية) زيارة رسمية إلى دمشق، حيث كان في استقبالهم وزير الدفاع السوري، فهد جاسم الفريج.
وبعد المحادثات مع الجانب الصيني، أدلى وزير الدفاع السوري بالتصريح أكد فيه "تجمعنا علاقات وطيدة مع الصين، ويعمل الجيش الصيني على مواصلة تعزيز التعاون والتواصل في المجال العسكري مع سوريا".
وذكر الموقع أن نسبة المعدات العسكرية صينية الصنع في الجيش السوري تقدر بنحو 15 في المئة، وتعتزم بكين زيادة هذه النسبة مستقبلا في سوريا بشكل ملحوظ.
اقرأ أيضا: الصين تدخل الحرب لمؤازرة الأسد.. حماية مرقد "ساسوكي"
وتجدر الإشارة إلى أن قوات الأسد تعتمد على أنظمة قتالية صينية متنوعة؛ من بينها أحدث تصاميم الطائرات من دون طيار للاستطلاع والهجوم.
ويسعى الطرفان إلى مزيد تعزيز التعاون في المجال العسكري. فعلى سبيل المثال، ساعدت الصين في تجهيز وتدريب وحدات القناصة المتخصصة، وتلقي المعلومات بشأن المتشددين الأويغور، وغيرها من المسائل الأمنية والعسكرية.
وأكد الموقع أنه من القضايا الاستراتيجية التي تشغل الصين إعادة إعمار سوريا بعد الحرب. ففي التاسع من تموز/ يوليو من سنة 2017، أشار السفير السوري لدى الصين، عماد مصطفى، إلى أن "الحكومة السورية، فيما يتعلق بفرص الاستثمار والبناء، تعطي الأولوية للشركات الصينية. لذلك، من المتوقع أن تضطلع الصين بدور كبير في إعادة بناء البلاد بعد الحرب".
وفي شهر شباط/ فبراير من سنة 2018، قال السفير الصيني لدى دمشق، تشي تشيانجين، إنه "قد آن الأوان لتلعب الصين دورا أكثر نشاطا في بناء مستقبل هذا البلد".
وأفاد الموقع بأن الصين بدأت فعليا في الخطوات الأولى لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، التي تشمل عملية ترميم المستشفيات، حيث يتجاوز مجموع المشاريع التي ستتكفل الصين ببنائها 20 مشروعا. ولكن، تظل استعادة صناعة النفط والغاز الطبيعي من المسائل ذات الأولوية بالنسبة للصين.
وأشار الموقع إلى أنه قبل الحرب، استثمرت بكين في قطاع الطاقة بشكل كبير، إذ تملك مؤسسة البترول الوطنية الصينية حصصا في كبرى الشركات السورية العاملة في مجال النفط. وقد بدأت الصين في استعادة سيطرتها على مجال النفط في سوريا منذ شباط/ فبراير من سنة 2017.
ولا تزال هناك العديد من العقود سارية المفعول التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، التي تهدف إلى استكشاف حقول نفط جديدة.
وفي الختام، أكد الموقع أن إعادة إعمار سوريا ستكلف ما لا يقل عن 150 مليار دولار، ومن المرجح أن يرتفع هذا المبلغ إلى حدود 180 مليار دولار، وذلك وفقا لتقديرات رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، في نيسان/ أبريل من سنة 2016.
ونظرا للمخاطر الكثيرة التي تعرقل تنفيذ المشاريع، باتت إعادة بناء البنية التحتية صعبة للغاية، إلا أن بكين تؤكد بوضوح استعدادها للمشاركة بنشاط في ذلك.