هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا، تقول فيه إن مؤلفي أكبر مراجعة لفوائد الأدوية المضادة للاكتئاب استنتجوا أن تلك الأدوية يجب أن توصف لمليون بريطاني إضافي على الأقل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن البحث قادنه جامعة أكسفورد، وتم نشره في الدورية الطبية البريطانية "ذي لانسيت"، حيث تمت دراسة 552 تجربة تضمنت 21 نوعا من الدواء على مدى أربعة عقود، لافتا إلى أن الدراسة وجدت أن كلها فاعلة، لكن مؤلفي التقرير حذروا من أن شخصا واحدا فقط من كل ستة مرضى يعانون من الاكتئاب يستخدمون العلاج.
وتورد الصحيفة نقلا عن باحثين، قولهم إن العديد من الأطباء العامين "شديدو الحساسية" بشأن وصف الأدوية المضادة للاكتئاب، في وقت لا يترددون فيه بالتأكد من أن مرضى السرطان والقلب يتم علاجهم.
ويلفت التقرير إلى أن الدراسة كانت الأولى التي أدرجت قوائم مقارنة لمضادات الاكتئاب المختلفة، مشيرا إلى أن الدراسة وجدت أن بعض مضادات الاكتئاب الأكثر شهرة في بريطانيا، مثل "بروزاك"، والأكثر وصفا مثل "سيتالوبرام"، كانت هي الأقل فعالية، بالإضافة إلى أن الأدوية الأقل شهرة، مثل "أميتريبيتلين" و"ميرتازابين"، كانت الأكثر فعالية في تخفيف أعراض الاكتئاب.
وتذكر الصحيفة أن العلماء حثوا الأطباء العامين على القيام بالاطلاع على الأدلة مع التحول إلى الأدوية التي أثبتت أنها الأكثر فعالية بعد تجارب شارك فيها حوالي 120 ألف مريض، معظمهم يعاني من اكتئاب متوسط إلى شديد، لافتة إلى أن المملكة المتحدة تعد رابع أكثر الدول وصفا لمضادات الاكتئاب في العالم الغربي، حيث تضاعف مستوى الوصف ثلاثة أضعاف منذ بداية الألفية الثانية.
ويورد التقرير نقلا عن رئيس قسم الطب النفسي في جامعة أكسفورد البروفيسور جون غيديس، قوله: "إمكانية الوصول إلى العلاج سيئة، فحوالي واحد فقط من كل ستة أشخاص يعانون من الاكتئاب يتم علاجهم بشكل فعال في البلدان ذات الدخل العالي"، ويضيف: "إن أدركت أن الناس يعانون من مرض ما، يجب أن تتوقع أن يستطيعوا تلقي العلاج الناجع.. فلنصل إلى 6 من 6".
ويتابع غيديس قائلا: "ماذا كنا سنقول لو أن (مرضى يعانون) من ضغط الدم أو السرطان لم يصلوا إلى العلاج المتوفر؟"، مشيرا إلى أن الكثير من الأطباء العامين يترددون في وصف الأدوية التي تعالج الأمراض العقلية.
ويقول غيديس: "أظن أننا نميل للحساسية المفرطة بخصوص هذا الموضوع، حيث هناك وصم يرتبط بهذا الموضوع، وبعض الناس لا يعدها أمراضا أو اضطرابات".
وتنقل الصحيفة عن المؤلف الرئيسي للتقرير الدكتور أندريا سيبرياني، قوله إنه كان "متحمسا" للنتائج، التي قال إنها وفرت "جوابا نهائيا" للجدلية حول فعالية العقاقير، مشيرا إلى أن كثيرا من التردد في وصف الأدوية سببه "مبدئي" أكثر من كونه قائما على أدلة.
وينوه التقرير إلى أن الدراسة قامت بتحليل 522 تجربة مزدوجة التعمية وعشوائية تحت ظروف مضبوطة، بما في ذلك تجارب لم تنشر نتائجها من قبل، تمت فيها مقارنة 21 نوعا من مضادات الاكتئاب مقابل أدوية وهمية ومقابل بعضها البعض.
وتفيد الصحيفة بأن كلها كانت أكثر فعالية من الأدوية الوهمية، حيث شدد الباحثون على أن كلها قد تكون العلاج الملائم لبعض المرضى، لكنهم طالبوا الأطباء العامين بأخذ الأدلة بعين الاعتبار والتحول إلى الأدوية الأكثر فعالية.
ويكشف التقرير عن أنه وجد أن "أغوميلاتين" و"أميتريبتايلين" و"إيسيتالوبرام" و"ميرتزابين" و"باروكيتين" و"فينلافاكسين" و"فورتيوكسيتين" كانت الأكثر فعالية، في الوقت الذي كانت فيه "فلوكسيتين/ بروزاك" و"فلافوكسامين" و"ريبوكسيتين" و"ترازودون" هي الأقل فعالية، منوها إلى أن مقياس اعتبار العقار فعالا هو إن حقق تحسنا في الأعراض لدى نصف المرضى على الأقل على مدى شهرين.
وتنقل الصحيفة عن سيبرياني، قوله إن التحدي الأكبر هو الزيادة من تناول العقار، والتأكد من أن الذين يعانون من الاكتئاب لا يستسلمون ويتركون العلاج قبل التشافي، وأضاف: "يتوقف 80% عن تناول مضادات الاكتئاب خلال شهر"، لكن الآثار لا تظهر عادة قبل مرور شهرين على الأقل.
ويورد التقرير نقلا عن رئيسة الكلية الملكية للأطباء العامين البروفيسورة هيلين ستوكس-لامبارد، قولها: "يجب أن يطمئن هذا البحث المرضى الذين يتعالجون، أو يفكرون بالتعالج، باستخدام مضادات الاكتئاب، ويطمئن الأطباء الذين يصفون هذه الأدوية بأنها أدوية فعالة لعلاج الاكتئاب على المدى القصير"، وأضافت أن على الأطباء العامين أن يحاولوا تقديم العلاجات الشفوية لئلا يصبحوا "معتمدين كليا على العقاقير".
وتنقل الصحيفة عن البروفيسور كارمين باريانتي، من معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب، والمتحدث باسم الكلية الملكة للأطباء النفسيين، قوله: "هذه التحليلات للدراسات السابقة يجب أن تنهي الجدليات المتعلقة بمضادات الاكتئاب، وتبين بشكل واضح أن هذه العقاقير تعمل لتحسين المزاج، وتساعد معظم الناس الذين يعانون من الاكتئاب، والمهم أن الدراسة تحلل بيانات غير منشورة لدى شركات الأدوية، وتظهر أن تمويل الدراسات من هذه الشركات لا يؤثر على النتيجة".
ويورد التقرير نقلا عن أستاذ الأدوية النفسية في جامعة "كنغز كوليج" البروفيسور أنثوني كلير، قوله: "إنها (الدراسة) عمل مهم"، وأضاف أنها "تنهي فكرة أن مضادات الاكتئاب ليست فعالة، فالواحد وعشرون عقارا كلها كانت أكثر فعالية من الأدوية الوهمية في علاج الاكتئاب.. كما غيرت الرأي الذي كان سائدا بأن مضادات الاكتئاب جميعها متساوية تقريبا، ولكن الدراسة أظهرت أن بعض العقاقير تعمل بشكل أفضل من غيرها".
وتنقل الصحيفة عن أستاذ الأدوية النفسية من جامعة "كنغز كوليج" في لندن البروفيسور ديفيد تايلور، قوله: "هذا التحليل لعدد كبير من الدراسات التي أجريت على مضادات الاكتئاب يؤكد بأنها أكثر فعالية من الأدوية الوهمية، التي تعد علاجا قويا لأمراض الاكتئاب، الفرق بين مضادات الاكتئاب ذاتها أقل، مع أن العقاقير الجديدة تميل لأن تحتمل أكثر.. لكن كان أكثر العقاقير فعالية هو (إميتريبتايلين) – وهو عقار تم اكتشافه في خمسينيات القرن الماضي، وبشكل عام فإن هذا التحليل لأكثر من 500 دراسة منشورة وغير منشورة حول مضادات الاكتئاب أثبت أن هذه العقاقير تعطي نتائج".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول أستاذ الطب النفسي في جامعة "إمبيريال كوليج" الدكتور جيمس وارنر: "هذه الدراسة الدقيقة تؤكد أن مضادات الاكتئاب لها مكان في علاج الاكتئاب.. ويتسبب الاكتئاب بالمعاناة للآلاف كل عام، وهذه الدراسة تضيف إلى الأدلة الموجودة بأن العلاج الفعال متوفر، وتضيف هذه الدراسة أيضا إلى الوضوح حول مدى الفعالية، ومدى تحمل مضادات الاكتئاب المتوفرة كلها، وستساعد الأطباء والمرضى في اختيار العقار الملائم".