هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا للصحافية صابرة أيريس، حول المرتزقة الذين تستخدمهم روسيا في سوريا وأوكرانيا.
وتبدأ أيريس تقريرها بسرد قصة ستانيسلاف ماتفيف، الذي ترك بيته في جبال الأورال في أيلول/ سبتمبر؛ للالتحاق بشركة عسكرية روسية خاصة، مشيرة إلى أن ماتفيف قتل بعد خمسة أشهر في غارة جوية أمريكية في 7 شباط/ فبراير في شرق سوريا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أرملته يلينا ماتفيف تريد أجوبة من الكرملين حول موت زوجها، وبحسب بعض التقارير فإن الكثير من "المتعاقدين" الروس قتلوا، وقالت في مقابلة مع الموقع الإخباري الروسي "زناك": "أريد أن يعرف الجميع عن زوجي.. وليس فقط زوجي، لكن جميع الشباب الذين ماتوا هناك لأسباب سخيفة، إلى أين أرسلوا ولماذا؟ لم تكن لديهم أي حماية، كانوا كالخنازير التي أرسلت للذبح".
وتتساءل الصحيفة قائلة: "لكن من أرسلهم؟ الجواب على هذا السؤال ليس سهلا، فلا شيء رسميا يربط بين وزارة الدفاع والكرملين وبين الشركات العسكرية الخاصة، لكن التقارير الإعلامية والباحثين جمعوا ما يكفي من الأدلة التي تشير إلى أن المرتزقة يوظفهم الجيش الروسي أو يوجههم على الأقل، لكن الكرملين ينكر ذلك".
وتقول الكاتبة: "لا يعلم سوى القليل عن المجموعات العسكرية وكيف تعمل، لكنها أصبحت في الواجهة بعد الغارة الأمريكية في سوريا في 7 شباط/ فبراير، وقالت أمريكا بأنها كانت ترد على هجوم من قوات تعد بالمئات تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالقرب من مدينة دير الزور السورية".
ويورد التقرير نقلا عن الإعلام الروسي، قوله إن ما لا يقل عن ثمانية مرتزقة روس قتلوا في الغارة، وإن كانت بعض التقارير قالت إن هذا الرقم أقرب إلى 200، وهو ما رفضته المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، ووصفته بأنه "معلومات كاذبة" من الصحافة الغربية، وقالت: "ليس هناك 400 ولا 200 ولا 1000 ولا 10".
وتفيد الصحيفة بأن الحكومة الروسية أكدت مقتل 5 وليس 8، مع التأكيد أنهم لم يكونوا جنودا، مشيرة إلى أنه بحسب المقابلات مع عائلات الثمانية الذين عرفوا، فإنهم جميعا كانوا مرتزقة في سوريا بعقد مع شركة عسكرية اسمها "فاغنر غروب".
وتكشف أيريس عن أنه يعتقد بأن من يقف خلف الشركة هو ديمتري أوتكن، وهو مواطن أوكراني سابق، حارب إلى جانب الانفصاليين في شرق أوكرانيا، ثم قام بإنشاء "فاغنر غروب" عام 2014، وسمى الشركة باسمه الحركي "فاغنر"، لافتة إلى أن مثل أوتكن، فإن الكثير من المرتزقة المتعاقدين مع شركته قاتلوا في شرق أوكرانيا أولا، حيث دعمت روسيا المليشيات الانفصالية ضد القوات الأوكرانية منذ عام 2014.
ويلفت التقرير إلى أنه لم تتم الإشارة إلى "فاغنر" في التقارير حول التدخلات الروسية في الانتخابات الأمريكية، مستدركة بأنه بحسب تقارير الصحافيين الاستقصائيين في سانت بطرسبرغ في موقع "فونتانكا نيوز" الروسي، فإن أحد داعمي "فاغنر" هو ييفغيني بريغوزهين، وهو رجل أعمال مرتبط بالكرملين، ويعرف باسم "طباخ بوتين"، ويمتلك بريغوزهين أيضا ما وصف بمصنع الأكاذيب الإلكترونية.
وتذكر الصحيفة أن التهم وجهت يوم الجمعة لكل من بريغوزهين ومصنع الأكاذيب في أمريكا، باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير قانوني لزرع الفتنة السياسية في أمريكا، بالإضافة إلى توجيه التهم لاثني عشر روسيا آخر على علاقة بمصنع الأكاذيب وشركتين روسيتين.
وتجد الكاتبة أن الصراع الأوكراني أثبت وجود مصدر تجنيد دائم لشركة "فاغنر"، فبحسب الإعلام الروسي، فإن مقاتلي "فاغنر"، الذين قتلوا في سوريا في الغارة الجوية الأمريكية في 7 شباط/ فبراير كانوا مقاتلين مع الثوار الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
ويبين التقرير أنه بسبب منع الشركات العسكرية الخاصة في روسيا، فإن شركة "فاغنر" مسجلة في الأرجنتين، لافتا إلى أن معظم المحللين العسكريين يقدرون بأن لدى "فاغنر" 2000 مقاتل من المرتزقة في سوريا.
وتنقل الصحيفة عن ييلينا ماتفيف، قولها بأن زوجها ستانيسلاف عاد إلى البيت لمدة عام بعد القتال في إقليم دونباس في شرق أوكرانيا، قبل أن يخبرها بأنه ذاهب في مهمة غير محددة، وأضافت للمراسلين بأنها علمت أنه اتصل بممثلين عن شركة "فاغنر" خلال وجوده في شرق أوكرانيا.
وتوضح أيريس أن الشركات العسكرية ليست خاصة بروسيا، حيث قدمت شركات مشابهة الخدمات للجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق، واستخدم الأمريكيون المرتزقة للأمن والاستقرار بعد كسب الأراضي، لكن الروس يستخدمونهم للقتال في المعارك، بحسب ما قاله محلل الشؤون العسكرية والأمنية الروسية في مركز ويلسون للدراسات في واشنطن مايكل كوفمان.
وينقل التقرير عن المحلل السياسي الروسي فلاديمير فرولوف، قوله إن الكرملين يستطيع من خلال استخدام المرتزقة، إنكار التدخل المباشر في الصراعات، مثل أوكرانيا، ويتجنب تبرير أعداد الضحايا.
وتذكر الصحيفة أن الكرملين أنكر اتهامات المخابرات الغربية بأن قوات روسية شاركت في القتال الدائر بين الانفصاليين في إقليم دونباس والقوات الحكومية الأوكرانية، مشيرة إلى أنه عندما كان يقتل أو يؤسر مقاتلين من روسيا في شرق أوكرانيا فإن الكرملين كان يسميهم متطوعين أو مجندين "مجازين"، وهو ما يسخر منه المحللون السياسيون في الغرب وروسيا.
ويقول فرولوف للصحيفة بأن الحكومة في الغالب تدير المرتزقة في سوريا أيضا، ويضيف: "لا أصدق عدم وجود تنسيق دقيق بين (المرتزقة الروس في سوريا) والقيادة العسكرية الروسية.. فهناك طرف يمدهم بالأسلحة وأدوات الحرب ويدعمهم ميدانيا".
وتفيد الكاتبة بأن تحقيقات موقع "فونتانكا نيوز" وغيره من الباحثين الروس، أظهرت أن مجموعات المرتزقة مرت في معسكر تدريب في إقليم كراسنودار الروسي الجنوبي، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع الروسية تملك ذلك المعسكر وتديره.
ويورد التقرير نقلا عن كوفمان، قوله: "لا نعلم بشكل أكيد من يدفع لهم، لكن الجيش الروسي يقوم بدعمهم ونشرهم ونقلهم من مكان إلى آخر، فيمكننا استنتاج شيء من هذا".
وتقول الصحيفة إن الطريقة التي يتعامل فيها الكرملين مع حالات وفاة المرتزقة بدأت تزعج العائلات الروسية، التي فقدت أحبة في حرب يسعى الكرملين لتصويرها بأنها صراع قليل الخسائر، فيقول كوفمان: "محليا، هذا يعني تقارير صحافية سيئة قبل شهر ونصف من الانتخابات".
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الانتخابات الرئاسية ستعقد في روسيا في 18 آذار/ مارس، حيث هناك توقع على نطاق واسع بأن فلاديمير بوتين سيكسب الانتخابات، وهو ما سيعني دورة رابعة له في الرئاسة.