دعا الخبير المالي
العراقي عبد العزيز حسون،
السلطة النقدية العراقية المتمثلة في البنك المركزي، إلى مواصلة المساعي الهادفة إلى ترغيب الجمهور في التعامل مع المصارف وترك عادة الاكتناز، خصوصاً مع ارتفاع عدد الملاحظات التي ترد من المصارف ومؤسسات المال العالمية حول هبوط حجم الودائع في المصارف العراقية عن رؤوس الأموال في عدد من هذه المصارف.
وأشار وفقاً لصحيفة "الحياة"، إلى أن بعض المصارف العراقية عمدت إلى تأخير سحوبات المودعين أو تتردد في تأديتها، وهو ما يتطلب تدخل
المصرف المركزي الذي يراقب المؤسسات المالية، ووضع سياسات مراقبة ومساءلة هذه المؤسسات، وفقاً لقانوني البنك المركزي والمصارف.
ولفت إلى هبوط حجم الودائع في المصارف بنسب تفوق رؤوس أموالها، وهي حالة مرفوضة تماماً في عالم المصارف والصيرفة، خصوصاً أن أسس العمل المصرفي ترتكز على استقطاب الودائع لتشغيلها وتحقيق عائدات من خلالها.
وأشار إلى أن 77 في المئة من الكتلة النقدية للدينار العراقي موجودة في جيوب الناس، وفي حال كانت السلطة النقدية جادة في إسناد بنود الموازنة بالدينار فيجب عليها استقطاب هذه الكتلة في شكل رئيس، من خلال وسائل عدة منها اللجوء إلى البيع المباشر للدولار داخلياً، ما يحقق على الأقل وقف النزوح الرأسمالي الذي يكاد يفرغ البلد من أي قدرة رأسمالية.
وأوضح أن البنك المركزي العراقي اتخذ إجراءات بوضع بعض المصارف تحت الوصاية، ولكنها كانت قاصرة إذ إن الهدف من الوصاية هو صيانة الجهاز المصرفي وحفظ حقوق المودعين والمساهمين، وهو ما لم يحدث، إذ يجب وعند بدء الوصاية تقويم الوضع المالي للمصرف، والاستحواذ على أصوله وموجوداته، لحفظ ودائع الزبائن ما يحقق جانبا كبيرا من الطمأنينة ويعزز الثقة بالجهاز المصرفي.
وأشار إلى أمر بالغ الأهمية والخطورة يتمثل في أن الأموال التي تخرج من العراق وتستقر في بلد آخر من دون علم الحكومة العراقية، تكون بلا حماية عندما تتعرض إلى أي أخطار نتيجة التقلبات السياسية والقانونية في تلك البلدان.
وطالب الحكومة والسلطات النقدية باتخاذ إجراءات توعوية في شأن أخطار الأموال، والحد من هجرة الأموال العراقية إلى المصارف الخارجية أسوة بالدول الكبرى مثل الولايات المتحدة التي تصدر بين حين وآخر قرارات للتعرف على مواقع أموال مواطنيها، وفرنسا التي لا تسمح لأي شخص طبيعي أو قانوني إيداع أمواله في مصارف خارجية من دون إذن السلطات.
ويبرر البنك المركزي العراقي النهج الذي يسير عليه منذ 15 عاماً، بأنه يمول الموازنة بالدينار العراقي من خلال ما يطرحه من الدولار الأميركي عن طريق نافذة بيع العملة الأجنبية. ويشير حسون في هذا الإطار إلى أن هذا التفصيل يقف عائقاً أمام انفلات أسعار الصرف، وهو أحد أهداف المركزي، إضافة إلى خفض التضخم. ولكنهما لم يتحققا بسبب النهج القائم إلى يومنا.
ولفت إلى واقع الجهاز المصرفي العراقي الذي يضم العدد الأكبر من المصارف بين بلدان المنطقة، إذ تشير أرقام بياناتها المالية إلى أن مجموع الودائع فيها لا يتجاوز ما لدى أي مصرف متوسط في دول الجوار، ولا يوجد بند في موازناتها يؤشر إلى مساهمتها في تمويل السوق الداخلية أو الخارجية.
وأضاف أن غياب المنهج
الاقتصادي عن السلطة التنفيذية ساهم في شكل كبير في ما وصلت إليه الحال من التراجع، رغم أن المحاولات استمرت ومنذ عام 2003، في تقديم الدراسات والمقترحات والمشاريع لإيقاف حالة التدهور التي تداعت منذ ذلك الحين.
ولاحظ أن العلاقة بين السلطتين المالية والنقدية متنافرة ومتضادة منذ عام 2003، إذ تنسجمان عادة في الاقتصادات المستقرة بعدما يتوحد منظورهما تجاه الهدف العام، غير أن السلطتين تتصارعان في العراق من دون الالتفات إلى أن الصراع لن يحقق سوى مزيد من التخبط.