هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، عن أمله بأن تكون الانتخابات الرئاسية في مصر شفافة ونزيهة، ثارت التساؤلات حول تجاهل الإدارة الأمريكية لما قام به قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، من إزاحة لكل المرشحين الجادين، ومنحه ضوءا أخضر وتأييدا مطلقا.
وقبل بضعة أسابيع على الانتخابات، المقررة في 26 آذار/ مارس المقبل، والتي من المرجح أن يفوز فيها السيسي بولاية جديدة، زار تيلرسون القاهرة مساء الأحد، وعقب لقائه السيسي، الاثنين، أعلن أن بلاده تأمل بأن تكون الانتخابات الرئاسية "شفافة ونزيهة".
وأثناء المؤتمر الصحفي الذي جمع تيلرسون بوزير خارجية مصر سامح شكري، لم يجب الوزير الأمريكي عن سؤال أحد الصحافيين ما إذا كانت واشنطن ستجمد جزءا من معونتها العسكرية لمصر إذا لم تكن الانتخابات ذات مصداقية.
وشهدت ساحة الانتخابات الأسابيع الماضية انسحابات وإقصاءات وسجنا لمرشحين محتملين بمواجهة السيسي، خصوصا آخر رئيس وزراء بعهد حسني مبارك، أحمد شفيق، ورئيس أركان الجيش المصري الأسبق سامي عنان، والمحامي الحقوقي خالد علي، والعقيد أحمد قنصوة.
ونهاية الشهر الماضي، أعربت الخارجية الأمريكية، في تعليق لها على تلك التطورات، عن قلقها إزاء اعتقال وانسحاب واستبعاد مرشحين من العملية الانتخابية، وأنها تريد أن ترى "انتخابات نزيهة".
دفاع أمريكي
وردت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، هيثر نورت، الثلاثاء، على الانتقادات الموجهة لتيلرسون؛ بسبب عدم تشديده على ملفات حقوق الإنسان، ووقف الانتهاكات خلال زيارة مصر، وقالت إن واشنطن تتابع قضية توقيف المستشار هشام جنينة، المقرب من الفريق سامي عنان.
وأكدت أن "الوزير تيلرسون خلال لقاءاته بنظيره المصري والسيسي تطرق لملف حقوق الإنسان وقضايا الاعتقالات وشدد على أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة"، وأضافت أن "نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، كان في مصر الشهر الماضي، وتحدث عن قلقه حيال قانون الجمعيات الأهلية".
دعم منفذ السياسات
واعتبر نائب رئيس حزب الجبهة، مجدي حمدان، أن حديث تيلرسون حول انتخابات شفافة يعد تجاهلا من الإدارة الأمريكية لما قام به السيسي، من إزاحة للمرشحين الجادين، وتأييدا مطلقا له، وقال إنه "بالطبع مؤشر على أن أمريكا ستظل داعمة للسيسي، حتى وإن وصلت الانتخابات إلى مرحلة استفتاء".
السياسي المصري، أكد لـ"عربي21" أن هذا الدعم الأمريكي للسيسي يأتي في ظل ما لواشنطن من مطامع وملفات لم تستوف بعد، وهي ترى في السيسي المنفذ لتلك الملفات، وعلى رأسها (صفقة القرن) المزمع تنفيذها، وتعهد السيسي في البيت الأبيض بأنه داعم قوي لتلك الصفقة".
وحول التناقض الأمريكي وظهور البيت الأبيض أمام شعبه، وهو راعي الديمقراطية بالعالم، ويغض الطرف عن أفعال السيسي، أوضح حمدان أن "الشعب الأمريكي لا تعنيه منطقة الشرق الأوسط، ولا الأوضاع المصرية، ولو بحثت في أي صحيفة أمريكية لن تجد اسم مصر بصفحتها الأولي"، مؤكدا أن "الاهتمام للمؤسسات والهيئات، لكن الشعب لدية قضايا أهم، منها الضرائب والتأمين الصحي".
وبشأن اعتبار الدعم الأمريكي للسيسي مرحلي ومرتبط بصفقة القرن، أم أنه قد يدوم عقودا كما كان مع مبارك، قال حمدان، إن "الإدارة الأمريكية بيدها أن تغير أنظمة، وهي ترى أن النظام الحالي هو الأنسب لتنفيذ سياساتها"، معتقدا أن "استدامة دعم واشنطن للسيسي مرتبط بتلك الصفقة، بدليل أنه جرى تخفيض رقم المعونة حينما استشعرت أمريكا تقصير في التطبيع مع إسرائيل".
للشعب الأمريكي
ويرى الكاتب الصحفي، محمد الصباغ، أن "تصريح الوزير الأمريكي هو للشعب الأمريكي، وحتى لا يقال إن الإدارة الأمريكية تشجع الديكتاتور المصري على خروقاته للديمقراطية".
الصباغ، أكد لـ"عربي21"، أن غض الطرف الأمريكي عما فعله السيسي بعنان وشفيق وغيرهما هو ضوء أخضر، ودعم غير مباشر له، مستدركا بقوله: "ولكن هذا هو رأي البيت الأبيض ورؤية الخارجية الأمريكية، لكن المخابرات الأمريكية لها تصور آخر لما يحدث في مصر".
وأوضح الصباغ أنه "في تصور المخابرات الأمريكية فإن السيسي يعد خطرا وغير مسيطر على الأوضاع، وفرصة حدوث الثورة الشعبية أو الانقلاب العسكري ضده قائمة".
بعلم صاحب المحل
عضو (برلمان الثورة 2012)، النائب محمد إبراهيم، قال: "لا شك أن كل ما يجري في مصر من خروقات حقوقية يتم بموافقة أمريكا (صاحب المحل)، والسيسي وبقية العصابة تنفذ ما يطلب منها ثم يتخلصون منهم إذا انتهت المهمة".
إبراهيم، أكد لـ"عربي21"، أن دعم الأمريكان للسيسي مرحلي ومرتبط بصفقة القرن، ولن يمتد لعقود كما كان الحال مع مبارك، مضيفا: "لا أظن أن يستمر كثيرا؛ لفشله في أمور كثيرة تضر بمصالح الآخرين بغبائه وطمعه".
وشدد إبراهيم على أهمية دور المعارضة المصرية بالخارج في كشف التناقض الأمريكي وزيف ادعاء أنها راعية للحريات والديمقراطية، بينما هي تدعم السيسي، مؤكدا أن العالم يعرف حقيقة ما جرى في مصر وما يجري الآن، ولكن علاقات الدول السياسية تغلب عليها المصالح.
شأن داخلي
وعلى الجانب الآخر، اعتبر مدير مركز طيبة للدراسات السياسية، الدكتور خالد رفعت، لـ"عربي21"، أن إعلان وزير الخارجية الأمريكي، عن أمله في أن تكون الانتخابات الرئاسية شفافة ونزيهة، خارج السياق، مؤكدا أن "الانتخابات الرئاسية المصرية شأن داخلي، ولا نسمح لأحد أن يتدخل فيه".