هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعباء اقتصادية جديدة سيجري فرضها على المواطنين في قطاع غزة مطلع شباط/ فبراير القادم، في أعقاب قرار أصدره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يقضي بإعادة فرض ضريبة القيمة المضافة على قطاع غزة والتي توقفت منذ أحد عشر عاما بفعل أحداث الانقسام.
ويوجه القرار بحسب محللين اقتصاديين، ضربة إضافية للوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة، ويثقل كاهل المواطنين، الذين يرزحون تحت وطأة حصار إسرائيلي شامل ضرب معظم مناحي الحياة.
وأصدر رئيس السلطة محمود عباس قبل يومين مرسوماً يقضي بإعادة تفعيل تحصيل الضرائب على قطاع غزّة، ويأتي هذا المرسوم لإلغاء القرار الرئاسيّ رقم "18" الصادر في عام "2007"، والذي ينص على "إعفاء كافّة المواطنين في قطاع غزّة من دفع الضرائب والرسوم"، وإلغاء القرار الرئاسيّ رقم "10" لسنة "2017"، والذي ينص على "إعفاء المواطنين والمكلفين من دفع ضرائب ورسوم الخدمات". ما يعني عودة فرض الضريبة مجددا.
رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية محمد أبو جياب قال، إن فرض ضرائب جديدة، أو إعادة العمل بها بعد توقف سنوات يعتبر بمثابة صب مزيد من الزيت على نار الأوضاع الاقتصادية الملتهبة في قطاع غزة، باعتبار أن آثارها ستنعكس بشكل مباشر على واقع المواطن البسيط الذي يمكن وصفه بالمواطن "المسحوق" اقتصاديا.
وقال أبو جياب في حديث لـ"عربي21" إن الغزيين كانوا يأملون في أن تقدم الحكومة يد العون لهم، وتخفف عنهم كاهل الأعباء الاقتصادية الخانقة في ظل حصار مطبق، خلق واقعا اقتصاديا لا يطاق، وطال كل القطاعات.
واعتبر أن ما جاء في هذا القرار لا يلبي طموحات المواطنين من جانب، ولا يعكس تصريحات الحكومة بأنها ذاهبة باتجاه التخفيف عن كاهلهم.
اقرأ أيضا: "أنقذوا غزة".. حملة خيرية تعلن القطاع "منطقة منكوبة"
وتابع: "نشهد اليوم حرص حكومة التوافق على تعزيز الجباية المالية من قطاع غزة، مع استمرار الإمساك عن الإنفاق الحكومي على كافة المستويات، سواء تقليص رواتب الموظفين العموميين؛ أو الحد من الإنفاق العام في شتى القطاعات الحكومية والخدمية".
وعن حجم الضريبة أشار إلى أن "ضريبة القيمة المضافة أو ما تعرف بالمبيعات أو الاستهلاك بدأتها السلطة منذ نشاتها بنسبة واحد في المئة، وظلت تتدحرج إلى أن وصلت لـ 16 في المئة، وهو رقم كبير بالنسبة لاقتصاد متهالك، خاصة أنها ستنعكس بشكل ملحوظ على قطاع مهم هو قطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت، إلى جانب كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى".
من جهته حذر الباحث والمحلل الاقتصادي نهاد نشوان من خطورة فرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والبضائع والفواتير في قطاع غزة.
وأوضح في تصريحات متلفزة لفضائية الأقصى تابعتها "عربي21" أن ضريبة القيمة المضافة تفرض في دول العالم الأول لتترجم كخدمات مقابل جمعها في إطار تدوير خدماتي حكومي لتحسين حياة مواطني دول الرفاهية.
وقال نشوان: "لكن في حال لم يترجم ذلك لخدمات فإنه يصبح فسادا السلام، متسائلا: كيف إذا كانت السلطة تفرض عقوبات مالية على قطاع غزة المنكوب والمحاصر منذ 11 عاما؟".
وكشف نشوان أن الضريبة ستضاف على السلع الأساسية والإسمنت والفواتير والاتصالات خاصة المستوردة من الضفة الأمر ما سيؤدي بشكل مباشر إلى ارتفاع الأسعار.
وقال: "السلطة بإضافتها الضريبة تسعى لزيادة جبايتها من خلال الإجراءات على قطاع غزة "، محذرا من كارثة وانهيار حقيقي في قطاع غزة.
وفي السياق، حذر مركز حماية لحقوق الإنسان من عواقب إعادة فرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين في قطاع غزة.
وقال المركز في بيان له اطلعت عليه "عربي21": "إن هذا المرسوم يأتي في ظل تدهور اقتصادي شديد في قطاع غزة، يعد الأسوأ على مدار سنوات الحصار الإسرائيلي منذ ما يزيد عن عشر سنوات".
واعتبر المركز المرسوم الأخطر في سلسلة مراسيم رئاسية صدرت في إطار حالة الضرورة، مشيرا إلى أن المرسوم يؤكد أن الأزمة القائمة هي أزمة سياسية وليست قانونية أو دستورية وأن السبيل الوحيد لتجاوزها هو عبر الحوار السياسي، لا من خلال إصدار قرارات واتخاذ إجراءات لا تقود سوى للمزيد من الأزمات.
وشدد على أن القانون الأساسي لا يمنح الرئيس صلاحيات مطلقة، وأنه تضمن ما يكفل عدم تعسف السلطة التنفيذية ومنع سطوتها على السلطتين التشريعية والقضائية. وجدد المركز دعوته لحكومة الوفاق للعمل وفقاً لما تتطلبه مصلحة الوطن والمواطن.
اقرأ أيضا: إضراب تجاري شامل في غزة.. هذه أسبابه ومطالبه
يذكر أن نسبة الفقر في قطاع غزة بلغت نحو 80% منها 65% تحت خط الفقر المدقع، في حين وصلت نسبة البطالة إلى 50% نصفهم من الشباب وخريجي الجامعات.
وأطلق تجمع المؤسسات الخيرية في قطاع غزة، الخميس، حملة "أنقذوا غزة"، وقال إن الوضع وصل "حد الانهيار".
وأعلن التجمع في مؤتمر صحفي قطاع غزة "منطقة منكوبة إنسانيا" وقال: "نطلق نداءنا الأخير في وجه كل أحرار العالم وأصحاب الضمائر الحية للتحرك العاجل دون أي تأخير، ونعلن عن انطلاق حملة أنقذوا غزة للعمل على تحريك العالم لتوفير الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع".