هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشهد الشارع الليبي الآن حراكا واسعا؛ استعدادا للعملية الانتخابية المزمع إجراؤها العام الجاري وفق خطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة.
ومن بين هذا الحراك، ما يقوم به المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، من عقد عدة اجتماعات؛ بهدف إجراء تعديلات وزارية على حكومة الوفاق، وسط رفض من البعض لهذه الخطوة؛ كونه لا يحق للمجلس ذلك وفق الاتفاق السياسي.
"فلول" القذافي
لكن الحدث الأبرز الآن، هو الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية بمصراتة (غربي ليبيا)، الذي يقضي بالإعدام رميا بالرصاص لأحد جنود نظام القذافي، ويدعى النقيب عطية القذافي؛ لإدانته بعدة تهم أثناء اندلاع ثورة 17 شباط/ فبراير 2011.
ورأى مراقبون أن تحركات الرئاسي الليبي، وكذلك أحكام الإعدام الأخيرة بحق بعض فلول القذافي، هي محاولات لإقصاء بعض الأطراف من العملية الانتخابية المنتظرة، كون رئيس المجلس فائز السراج يريد إزاحة البعض ممن يرفضون الانتخابات، وتلك الأحكام هي تخويف لأتباع القذافي.
وطرحت هذه الأحداث عدة تساؤلات وتكهنات حول الهدف منها الآن، خاصة حكم الإعدام، الذي يعد تصعيدا كبيرا ضد أتباع الرئيس السابق معمر القذافي، فهل سيتم الحكم على كل قياداته قبل الاستحقاق الانتخابي، أم هي مجرد "عين حمراء" لمنعهم من الترشح؟
أهداف "السراج"
ورأى المحلل السياسي الليبي، محمد فؤاد، أنه "لا تعليق بالنسبة لحكم الإعدام، فهو حكم قضائي، وليس لها أي أبعاد سياسية أو دلالات، لكن التعديل الحكومي الذي سيقوم به السراج هو الأهم الآن".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "غسان سلامة التقى بقضاة المحكمة العليا في ليبيا، الذين سيحكمون غدا في قضية مشروع الدستور، وأفهمهم أنه لا حلول أخرى لديه، وأعتقد أن الانتخابات من المستحيل إجراؤها، ولن يكون هناك توافق بين مجلس الدولة والبرلمان، وسلامة وصل إلى طريق مسدود"، حسب كلامه.
وتابع: "وبخصوص تعديلات الرئاسي، فالسراج فهم أنه سيبقى لمدة طويلة في الحكم، ليس أقل من سنتين، ولذلك يقوم بتعديلات حكومية؛ بهدف إحكام سيطرته من ناحية، وإرضاء البعض من ناحية أخرى، وكذلك إبعاد وزير الدفاع المهدي البرغثي من ناحية ثالثة"، كما قال.
لا للإعدام
وقال الناشط السياسي الليبي، فرج فركاش، إنه "يرفض حكم الإعدام ضد من نختلف معه سياسيا، إلا إذا كان الجرم ثبت أنه كان عن سبق إصرار وترصد. وبخصوص عطية القذافي، كنت أتمنى بعد أسفه، وأيضا الظروف التي كانت بها البلاد، وكونه جنديا مأمورا، أن يخفف الحكم إلى المؤبد أو القبول بالدية".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "نتمنى ألا تكون هذه الحادثة سابقة لأحكام إعدام أخرى لجرائم قد حدثت في الظروف ذاتها، فالمصالحة الوطنية والعفو عند المقدرة هما الطريق الصحيح لبناء ليبيا الجديدة، وهكذا أحكام قد تزيد من الأحقاد والنعرات القبلية"، وفق رأيه.
"ترضية"
وأكد الباحث الليبي من مصراتة، علي أبو زيد، أنه "فيما يخص الحكم الصادر، فهو ليس حكما مستعجلا، بل صدر وفق التراتب القضائي المعمول به في المحاكم الليبية، والقضية منظورة في منذ 2012، لذلك فهي بعيدة عن أي تسييس".
وتابع: "أما فيما يخصّ التعديل الوزاري، فأعتقد أن الهدف الواضح من توسعة الوزارة هو رفع مستوى الخدمات وتحسين الأداء، وكذلك يمكن من خلاله ترضية بعد الأطراف المتعنتة، وقد يمثل مناسبة لتمرير الاتفاق السياسي"، كما قال لـ"عربي21".
..رسالة لمن؟
مدير منظمة "تبادل" الليبية المستقلة، إبراهيم الأصيفر، رأى من جانبه أن "الحكم لا يحمل رسالة إلى أنصار القذافي، لكنه يوجه رسالة إلى منتهكي حقوق الإنسان، ومن يثبت إدانته أنه لا فرار من سلطة القانون في ليبيا الجديدة، سواء من أنصار القذافي أو الثورة".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "جميع أنصار القذافي تم الحكم عليهم، ومن أنهى مدته أو لم يثبت في حقه أي دليل تم إخلاء سبيلهم. أما من تمت إدانته أو لا تزال لدية قضايا لم يتم البت فيها، فلا يزال في السجن، ومنهم سيف الإسلام القذافي".
وبخصوص التعديلات الوزارية المزمع إجراؤها على حكومة الوفاق، قال الأصيفر: "هي تمهيد لتمطيط العملية السياسية والأمن، الذي يستوجب تحسين أداء الحكومة، ولا تهدف إلى إقصاء أي طرف"، حسب تقديره.