نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية
تقريرا تحدثت فيه عن الفوضى التي أحدثها دونالد
ترامب منذ دخوله البيت الأبيض،
والتغييرات العميقة التي شملت كلا من الإدارة الأمريكية، والاقتصاد، والعدل،
والبيئة، والسياسة الخارجية.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته
"
عربي21"، إنه رغم مرور سنة على تولي دونالد ترامب للسلطة داخل البيت
الأبيض، مازالت الآراء متباينة حول مدى قدرة تاجر العقارات السابق على إدارة
الولايات المتحدة. فقد جعل ترامب الديمقراطية الأمريكية في أزمة بسبب تغريداته المتطرفة،
التي تطرح العديد من الاستفسارات حول صحته العقلية.
ووفقا لاستطلاع رأي أجرته صحيفة "وول
ستريت جورنال"، فإن شعبية دونالد ترامب قد انخفضت كثيرا ولم تتجاوز نسبة 38
بالمائة، إلا أن 80 بالمائة من الجمهوريين يؤيدون قراراته، مقابل 10 بالمائة فقط
من الديمقراطيين.
وذكرت الصحيفة أن المستشار
"الإستراتيجي" المقال، ستيف بانون، كان قد حذر من وكلاء "الدولة
العميقة"، مشيرا إلى أنهم "لن يتركوا البلاد دون قتال". كما أن
العمل على الحد من نفوذ الحكومة الفيدرالية لطالما مثل طموحا جمهوريا قديما.
كما أفاد المتحدث باسم البيت الأبيض، راج شاه،
بأن دونالد ترامب قد عزم على "التخلص من الفوضى والمناصب المزدوجة، لتركيز
الموارد على الأولويات مثل الأمن وحماية الأراضي". في هذا الإطار، دعت
ميزانيته المقترحة للتقليص في عدد المناصب، خاصة في مجال البيئة والدبلوماسية، مع
ثلاثة استثناءات: الدفاع والأمن الداخلي والمحاربين القدامى.
وأوضحت الصحيفة أنه، بعد تسجيل 71.285 حالة
مغادرة، شهد عدد موظفي الخدمة المدنية انخفاضا كبير بلغ 16 ألف موظف من أصل 1.94
مليون موظف مدني. ووفقا للشراكة من أجل الخدمة العامة، فإن 295 منصبا إداريا
قياديا من أصل 626 لا يزال شاغرا، بينما 47 بالمائة فقط من المديرين يشغلون
مناصبهم المقررة، مقابل أكثر من 70 بالمائة خلال نفس المرحلة من حكم الرؤساء
الثلاثة الذي سبقوا ترامب.
وبعد أسبوع من توليه لمنصب الرئاسة، أمر ترامب
الحكومة برفع بعض القيود عن المتطلبات الإدارية الجديدة. ووفقا للبيت الأبيض، فقد
تم إجراء 67 عملية "رفع للضوابط" مقابل إنشاء ثلاث لوائح جديدة. كما شمل
هذا المجموع إلغاء التوجيهات، وتخفيض الإجراءات الشكلية. بالإضافة إلى ذلك، وقع
العمل على إلغاء 1579 قاعدة وضعت خلال حكم أوباما، أو "تحييدها" أو
تعطيلها قبل أن تصبح سارية المفعول.
وأوضحت الصحيفة أنه بحسب ما ذكرته إدارة البيت
الأبيض، فإن رفع بعض الضوابط يوفر للشركات حوالي 570 مليون دولار سنويا. وحسب ما
ذكرته المسؤولة نيومي راو فإن هذه العملية "تحفز النمو وتحافظ على تفاؤل
الوكلاء الاقتصاديين، الذين لم يعودوا يخشون التدخل الحكومي المستمر في شؤونهم".
كما أفاد ريتش لوري بأن "الاقتصاد ينمو بوتيرة جيدة ولم تظهر أي علامات قلق
حول إمكانية تدمير الجمهورية على يد حاكم مجنون".
وفيما يخص العدل، فقد سعى ترامب جاهدا لتعيين
القضاة المحافظين في المحاكم الاتحادية لأنه يدرك مدى أهمية ذلك ومدى تأثيره على
البلاد، خاصة وأن تعيين القضاة الفدراليين يكون مدى الحياة. وقد ذكر ترامب أن
اختياره يستند على ثلاثة معايير: العمر أي
بين الأربعينات أو الخمسينات، أصولهم المحافظة، والتفسير الحرفي للقانون. كما أفاد
المدير التنفيذي للجمعية الفيدرالية، ليونارد ليو، بأن "القضاة سيحكمون لمدة
ثلاثين أو أربعين عاما، وهم يمثلون أحد إنجازات ترامب الأكثر دواما".
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطة القضائية قد
أظهرت قوتها لترامب عندما تسببت قراراته في مشاكل مع المحاكم، على غرار النسخ
الثلاث من حظر التأشيرة لمواطني الدول الإسلامية. وبالتالي، فإن القصد من تعيين
ترامب للقضاة هو الحد من خيبات الأمل. لذلك، عليهم أن يؤيدوا النظام الاجتماعي
والاقتصادي التقليدي، والحق في حمل السلاح، و"قدسية الحياة" بدلا من
حرية الإجهاض، وتسليط مراقبة أكثر صرامة على الهجرة.
أما بالنسبة للعلاقات الخارجية، فقد صرح ترامب
في شهر تموز/ يوليو الماضي، خلال جلسة مع البنتاغون، بأن النظام الدولي الذي أسس
بعد الحرب العالمية الثانية "لا يعمل بشكل جيد" ولا يخدم مصالح الولايات
المتحدة. كما يعتبر ترامب أن الأمم المتحدة لن تكون مفيدة، إلا إذا سلطت الضغط على
كوريا الشمالية أو إيران. وحسب رأيه، يتوجب على الأوروبيين، أن يدفعوا المزيد
مقابل الحماية التي يقدمها حلف الناتو. أما مصر وباكستان والفلسطينيون، فيتم
ابتزازهم عن طريق المساعدات المدنية أو العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن ممثل إحدى دول الشرق الأوسط
أن الولايات المتحدة تفرض إرادتها دائما، ولكن الفرق هو أن "ترامب لا يدعي
حتى أنه يهتم بمصالحنا". ووفقا لدبلوماسي آخر فإن ترامب "يدمر كل ما
حققه أوباما، ولكن قراراته لا تسبب ضررا لا يمكن إصلاحه، على غرار هجومه على
الاتفاق النووي الإيراني، والقدس، وكوبا أو اتفاق باريس حول المناخ".
وفيما يتعلق بالديمقراطية، بين المحلل والناقد
السياسي، ديفيد جيرجن، أنه "إذا كان دونالد ترامب يترأس أي مؤسسة أخرى في هذا
البلد، لتمت إقالته منذ فترة طويلة ". ويعتقد النائب الجمهوري السابق، جو
سكاربورو، بأنه "إذا كان المس من هيبة الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم
هو الذي يثير القلق، فإن تقويض القيم الديمقراطية هو الذي يشكل أكبر خطر على
دستورنا وبلدنا. لقد توقع الآباء المؤسسون إمكانية وجود رئيس طاغية، لكنهم لم
يتصوروا أبدا أن يكون الكونغرس خاضعا له".