تهبط طائرة نائب الرئيس الأمريكي، مايكل
بنس، في عمان، السبت القادم، حاملا في حقيبته ملفات عديدة؛ لبحثها مع العاهل
الأردني، الملك عبد الله الثاني، صباح الأحد، من أبرزها تطمينات أمريكية أن "لا
قطع للمساعدات المالية الأمريكية" على خلفية موقف المملكة من قرار الرئيس
الأمريكي نقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة، حسب ما أفادت به مصادر أردنية
لصحيفة "
عربي21".
وتتلقى المملكة مساعدات أمريكية في مجالات
عديدة، أهمها الدعم العسكري والدعم المباشر لخزينة الدولة، بلغت خلال 2017، 1.3
مليار دولار، لوحت واشنطن بوقفها عندما صوتت دول، ومن بينها الأردن، لصالح مشروع مناهض في الجمعية العامة للأمم
المتحدة ضد قرار ترامب بشأن القدس.
اقرأ أيضا:
هل ينفذ ترامب تهديده ويقطع المساعدات عن
الأردن؟
في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأردني
(المعتمد على المنح الخارجية) من أزمة خانقة، وصلت إلى فرض ضرائب على كافة السلع
والخدمات؛ في محاولة لتطبيق شعار رفعته الحكومة الأردنية (الاعتماد على الذات)؛ لتلافي أي قرار مستقبلي بوقف تلك المنح.
اقرأ أيضا:
الأردن.. الغلاء يضرب في كافة الاتجاهات
والمواطنون في مأزق
وتأتي زيارة بنس إلى المنطقة في ظل توتر
العلاقات الأردنية الأمريكية، على خلفية نقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة، الأمر
الذي تعتبره الأردن مساسا بالوصاية الهاشمية على المقدسات، وتغييرا في الوضع
التاريخي القائم للقدس، وانتهاكا للقرارات الدولية التي تصنف القدس كمدينة محتلة.
يرى الخبير الاستراتيجي، د.عامر السبايلة، أن "أهمية الزيارة تأتي كي يعبر الأردن عن مخاوفه للإدارة الأمريكية من طبيعة
تعاطيها مع ملفات المنطقة، بصفة الأردن حليفا أساسيا للولايات المتحدة، وسينقل الأردن
مخاوفه من اعتبار الإدارة الأمريكية قرار ترامب بخصوص القدس نقطة لانطلاق عملية
السلام، وستوضح المملكة التداعيات السلبية لذلك".
أما بخصوص المساعدات الأمريكية للأردن،
يقول السبايلة لـ"
عربي21"، إنه "لا تغيير كبيرا سيطرأ على حجم
المساعدات الأمريكية المقدمة للأردن، على اعتبار أن بنس يهدف لتدعيم محور الولايات المتحدة في المنطقة، إذ يبدو أن عام 2018 عام أزمات وليس حلول بالنسبة لأمريكا في المنطقة، وهي بحاجة
لوضع حلفائها بصور استراتيجيتها، خصوصا في مواجهة إيران، بعدة مناطق بالشرق الأوسط،
وهذا على رأس أولوياتها".
معتقدا أن الزيارة "فرصة للأردن
لتثبيت كثير من النقاط مع أمريكا: كالمساعدات وطبيعة دور المملكة في عملية السلام
ومكافحة الإرهاب، والتعاطي الأردني مع تداعيات نقل السفارة بالاعتراف بالقدس عاصمة
لإسرائيل".
اقرأ أيضا:
الوصاية الهاشمية على القدس.. ما أساساتها
الدينية والقانونية؟
واستبق ناشطون أردنيون زيارة بنس إلى
الأردن بتنفيذ سلسلة بشرية أمام السفارة الأمريكية في عمان؛ رفضا للزيارة، إذ نظم الائتلاف
الشعبي من أجل القدس سلسلة بشرية أمام السفارة الأمريكية في عمان. رافعين لافتات
ترفض القرارات الأمريكيةَ المنحازة للاحتلالِ وزيارة نائبِ الرئيس الأمريكي مايك
بنس إلى المنطقة.
يقول أسامة مروان، عضو الائتلاف،
لـ"
عربي21"، إن "الفعالية ترفض زيارة مايك بنس، الذي لعب دورا مهما
في قرار ترامب الأخير بخصوص القدس، كما تهدف السلسلة للتأكيد على موقف الشارع
الأردني المعتصم منذ 46 يوما أمام السفارة؛ لرفض الانحياز الأمريكي للعدو الصهيوني،
والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان".
إلا أن أصواتا أخرى تدعو لفتح الحوار وإعطاء
الدبلوماسية دورا في "حلحلة" القضايا العالقة بين الولايات المتحدة الأمريكية
والأردن، مع تشديدها أن الحلف (الأمريكي، الأردني) حلف قديم وأساسي في المنطقة.
يقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب
الأردني، رائد الخزاعلة: "أنا مع فتح باب الحوار؛ لتغيير وجهات النظر، وتذويب
الجمود، نحن نشتغل سياسة ودبلوماسية لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف، الزيارة مهمة
لحلحلة الأجواء المشحونة، هناك أصوات ترفض استقبال بنس، هذا لا ينفع في عالم الدبلوماسية
والسياسة، ونحن نأمل أن تتغير هذه القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية".
مضيفا، لـ"
عربي21": "أمريكا
حليف رئيسي للأردن، والعكس صحيح، وهذه العلاقات ليست وليدة اللحظة، وللطرفين مصالح
لا يمكن الاستغناء عنها، فالأردن بالنسبة لأمريكا حليف معتدل ومتزن قادر أن يلعب أدوارا
أساسية في منطقة متقلبة تشتعل بالحروب، بينما يرى الأردن أمريكا حليفا قويا ومستمرا،
فالشراكة ضرورية، ويجب أن تستمر".
بدأ الموقف الأردني
والفلسطيني يلين تجاه الإدارة الأمريكية، بعد أن رفض الطرفان استقبال نائب الرئيس
الأمريكي في الأشهر الماضية، وتحاول المملكة أن تحصل على مكاسب وتطمينات بخصوص
الموقف من الوصاية الهاشمية، والتمسك بحل الدولتين كأساس لعملية السلام، ووقف
تداعيات القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس، واستمرار المساعدات الأمريكية
للأردن والأونروا.