هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسود مدينة عدن، جنوبي اليمن، حالة من الترقب والحذر؛ إثر الأزمة التي أشعلها وجود طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، في أحد المعسكرات التي تشرف عليها قوات التحالف العربي، وتحديدا القوات الإماراتية في المدينة مع قيادة المقاومة الشعبية الجنوبية.
وكانت المقاومة الجنوبية قد لوحت بالانتشار المسلح في عدن، على وقع هذا الخبر، وسط أنباء عن نشرها نقاطا أمنية على الطريق الممتد بين خور مكسر وحتى مقر قوات التحالف بمدينة البريقة شرقي عدن.
جاء ذلك في أعقاب رفض قيادة التحالف، وتحديدا القوات الإماراتية التي تتحكم بالملف الأمني هناك، إيضاح أسباب بقاء طارق في مقرها.
"نتابع عن قرب"
وفي هذا السياق، لوح القيادي في الحراك الجنوبي والمقاومة الشعبية الجنوبية، خالد مسعود، بخيارات أكثر جدية، في حال استمر "طارق محمد عبدالله صالح" الذي وصفه بـ"القاتل"، في مدينة عدن.
وقال، في حديث خاص لـ"عربي21"، إن انتقاله بطريقة سرية إلى عدن لا يعني علمنا بذلك، وبمن سهل وصوله إليها. معتبرا أن وجود طارق صالح في عدن يمثل خطرا، و"سنتخذ إجراءات حاسمة حيال ذلك"، على حد قوله.
وحول وقوف "أبوظبي" وراء دخوله إلى عدن، بدا أكثر حذرا من التعرض للإمارات، وقال إنه "لم يثبت أن التحالف وراء استقبال طارق".
لكنه لفت إلى أن موقف الإمارات غامض، ولم يصدر منها بيان رسمي، "لكننا نطالبها بتوضيح رسمي حول ذلك". ملوحا بمواقف مزلزلة في حال ثبت وقوفها وراء ذلك.
وبخصوص الجهود التي يبذلها رئيس ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" لاحتواء الموقف وتهدئه الأوضاع التي جاءت كردود فعل على وصول الجنرال طارق إلى مقر قوات التحالف في بريقة عدن، قال القيادي البارز في الحراك الجنوبي إن "مجلس عيدروس الزبيدي لا يمثل إلا نفسه، ولا نعترف به ممثلا للقضية الجنوبية كما يزعم".
وكان الزبيدي قد دعا، يوم الاثنين الماضي، إلى اجتماع لقيادات "المقاومة"؛ لبحث التطورات الأخيرة.
وأضاف القيادي الجنوبي أن ذلك المجلس لا يمثل سوى ثلة من الأشخاص. أما الحامل الرئيسي للقضية، فهو الحراك الجنوبي الذي انطلق في عام 2007.
واتهم المجلس، الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي، بالتورط في تقديم تسهيلات لدخول "طارق" إلى عدن. مؤكدا أن هاني بن بريك، وزير الدولة السابق والمحال للتحقيق، هو المسؤول الأول عن استقدام نجل شقيق صالح إلى عدن.
وابن بريك يشغل نائب رئيس المجلس الجنوبي، والقائد الفعلي لقوات ما تسمى "الحزام الأمني"، التي شكلتها وسلحتها أبوظبي في مدينة عدن، ويلعب دورا مثيرا ومضاد لأنشطة الحكومة اليمنية التي كان يوما وزيرا فيها، قبل أن يقيله الرئيس اليمني في نيسان/ أبريل 2017، ويحيله للتحقيق كأول وزير في تاريخ البلد يتخذ بحقه قرار الإحالة.
وبحسب القيادي "مسعود"، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي "هو عدونا الأول، كونه يمثل قوى خارجية كحزب الله وإيران وقوى إقليمية أخرى، والجنوبيون لن يقبلوا مثل هؤلاء".
وجدد القيادي في المقاومة الشعبية الجنوبية تحذيره من استمرار بقاء "طارق"، نجل شقيق صالح، في عدن، بالقول: "لدينا الإمكانيات لخوض أي معركة مقبلة أكثر من أي وقت مضي، ومثلما دحرنا الحوثيين وقوات صالح المتحالفة معهم من قبل، قادرون على إعادة الكرة من جديد".
ووفقا للقيادي "مسعود"، فإنهم "يتابعون الوضع عن قرب".
ويوم الاثنين الماضي، دعا بيان صادر عن قيادة المقاومة الشعبية في عدن "كافة الوحدات الأمنية والعسكرية ورجال المقاومة الجنوبية في كافة المحافظات الجنوبية، إلى رفع درجة الاستعداد القتالي العالي، والبقاء على أهبة الاستعداد؛ لتنفيذ التوجيهات ميدانيا".
ووجهت "المقاومة الجنوبية" تحذيرا شديد اللهجة لكافة الأطراف التي تسعى إلى تشجيع أو تقديم المساعدة والتسهيلات لتلك القوى العسكرية، التي سبق لمقاتلي المقاومة الجنوبية مواجهتها ودحرها من أراضي الجنوب، وقدمت تضحيات جساما".
وقالت إنها لن تقف صامتة أمام أي استهتار لتضحيات شعبنا الجنوبي من أي جهة كانت". وفقا للبيان.
تواجد مفروض
وكان القائم بأعمال حاكم مدينة عدن، أحمد سالمين، قد كشف تفاصيل مهمة حول نجل شقيق صالح، والجهة التي تقف وراء تواجده في المدينة الساحلية.
وقال سالمين، وهو نجل الرئيس الجنوبي الأسبق، "سالم ربيع علي"، إن وجود طارق في عدن فرض عليهم، ولم يخيروا فيه.
وأضاف في حسابه بموقع "تويتر" قبل أيام: "أقول ذلك بمرارة وأسف، ولا أتحمل الكتمان".
وأكد القائم بأعمال محافظ عدن في التغريدة ذاتها أنهم طلبوا منهم (في إشارة إلى طارق ورفاقه) الاعتراف بالشرعية الممثلة بالرئيس هادي، حتى تكون أرض اليمن أرضه وأرضنا سواسية من صعدة (المعقل الرئيس للحوثيين اقصى شمال البلاد) وحتى المهرة ( اقصى شرقي البلد)، لكنهم رفضوا.
وبين أنهم للأسف يريدون إعادة نموذج النظام السابق.
وكان أول ظهور لطارق محمد صالح في محافظة شبوة (جنوب شرق)، في 11 من كانون الثاني/ يناير الجاري، حيث دعا إلى إنهاء الحرب ورفع الحصار. معلنا في الوقت نفسه مد يده للتحالف لإعادة اليمن لمحيطه العربي.
ويعد طارق من أبرز القيادات العسكرية من عائلة صالح، وكان قائد الحرس الخاص لعمه.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تحول من حليف للحوثيين إلى خصم لهم، حيث قاد الاشتباكات ضدهم في العاصمة صنعاء، التي انتهت بمقتل عمه صالح، وفراره إلى محافظة مأرب (شمال شرق)، قبل أن ينتقل إلى شبوة، ومن ثم إلى عدن.
بموازاة ذلك، ما زال الجدل يسيطر على المشهد اليمني، على وقع الجهود الإماراتية الرامية لتشكيل قوة عسكرية تسمى "جيش الشمال"، تحت إمرة طارق صالح، تتخذ من المحافظات الجنوبية مقرا لها.
وهذا الأمر أثار حفيظة كل القوى اليمنية، ومنها المقاومة الجنوبية، التي رفضت وجود أي قوات شمالية في نطاقها الجغرافي.
وكما كان لحكومة "أبوظبي" دورها في دعم تشكيلات أمنية وعسكرية في المحافظات الجنوبية التي باتت في وضع أقرب للانفصال، وعدم تردد بعضها الاعتراف بالشرعية والوحدة مع الشمال، تسعى من جديد لتكرار السيناريو ذاته في الشمال؛ عبر عائلة صالح. وفقا لمراقبين.