هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مازال الجدل حول شخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وتبنيه مشروعا معاديا للتيارات الإسلامية، دائما لا ينقطع، حيث أعاد الاحتفال بمئوية مولده تساؤلات عن أسباب معاداة الفكرة الناصرية للأخرى الإسلامية وأيهما استمر ومن منهما رحل.
ولماذا كان الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين والمفكر الإسلامي سيد قطب هما الكابوس الذي يقلق منام عبد الناصر، وهل خانت الفكرة الناصرية تطلعات الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية، وكيف رسخت الناصرية الانقلابات العسكرية طريقا واحدا للحكم.
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي تحدث مساء أمس الاثنين في كلمة متلفزة بثها التليفزيون المصري عن عبد الناصر مؤكدا أن تأثيره امتد لباقي الدول العربية وأنه ملتزم باستكمال مسيرته وخاصة في ما يتعلق بمصالح مصر وسلامة أراضيها، وهو ما علق عليه الكاتب الصحفي حسن البحيري لـ"عربي 21" مؤكدا أن كلا من عبد الناصر والسيسي وجهان لعملة واحدة في ما يتعلق بمحاربة الفكرة الإسلامية والقضاء علي تطلعات الشعوب في الحرية والتقدم.
وقال البحيري إن الاختلاف الجوهري بين عبد الناصر والسيسي هو أن الأول كان صاحب أيديولوجية وحقق من خلالها كثيرا من الإنجازات ووضع مصر في مكانة إقليمية ودولية كبيرة، وهو ما يخالفه السيسي علي الإطلاق، ولكنهما اتفقا علي الأخطر من ذلك وهو التنازل عن الأرض، فعبد الناصر تنازل عن السودان طواعية ثم سيناء وغزة بعد الاحتلال الإسرائيلي لهما في 1967، أما السيسي فقد تنازل طواعية عن تيران وصنافير لصالح السعودية.
اقرأ أيضا: نجل عبد الناصر يكشف عن "أهم" وصية تلقاها من والده (شاهد)
وأوضح أن القضية ليست في شخصية السيسي أو عبد الناصر وإنما في التوجهات الفكرية التي يحملها كل منهما ما يجعلهما امتدادا لبعضهما مع الاختلاف في الإمكانيات والقدرات والقبول وهي المواصفات التي تذهب دون عناء لصالح عبد الناصر.
وأضاف البحيري أن عبد الناصر طور فكرته من قومية إلي اشتراكية محاولا تقديم نظرية فكرية تواجه النظرية التي أسسها الشيخ حسن البنا من خلال جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك فقد وضع عبد الناصر نصب عينيه محاربة الإخوان باعتبارهم البديل لنظريته، واستطاع أن يحقق في طريق ذلك الكثير من الإنجازات طبقا لنظريته، حيث دعم حركات التحرر في البلدان العربية والأفريقية ومحاولة الاستفادة من تجارب شعوب أمريكا اللاتينية، ولذلك دعم التيارات التي لا تخالف فكرته وتتسق مع مبادئه وقدم دعما بدون حدود للانقلابات العسكرية في سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان، سواء تحت مزاعم مواجهة الاستعمار أو الانقلابات الداخلية المؤيدة لفكرته.
وتابع: "لكنها في النهاية ظلت انقلابات ليس لها بعد فكري تستطيع أن تستمر شعبيا، على عكس منهج الإخوان الذي تحرك فكريا ما أثر شعبيا".
وأردف: "ولذلك عندما جاءت الفرصة للشعوب لكي تقول كلمتها بعد الربيع العربي كان الاختيار هو الفكرة الإسلامية، وبالتالي عاد ظل عبد الناصر مرة أخرى من خلال الانقلابات التي جرت في مصر وليبيا ومساهمة جيش علي عبد الله صالح في بداية انقلاب الحوثيين في اليمن".
وأكد البحيري، أن الفكرة الناصرية فشلت في النهاية شعبيا ولذلك لجأت إلي ترسيخ الدولة الأمنية، لتمكين الحكم العسكري وتحويل الجيش ليكون عماد السلطة والمتحكم فيها.
سيطرة ناقصة
وقال الباحث السياسي أسامة أمجد لـ "عربي 21" إن التيار الناصري بالرغم من سيطرته طوال 68 عاما علي مختلف مناحي الثقافة والفكر في الوطن العربي، إلا أنه فشل في أول تجربة اختيار شعبي حقيقي، عندما صوتت دول الربيع العربي لصالح الإسلاميين في مصر وتونس واليمن وليبيا، وهو ما مثل صدمة كبيرة لأنصار هذا التيار.
وأضاف: "لذلك لم يكن غريبا أن يستعيدوا مرة أخري هوياتهم في الانقلابات العسكرية تحت مسميات مختلفة"، موضحا أنه لم يكن يسمح لعبد الناصر ولا لمن جاء بعده في الدول الأخرى بهذه المساحة السياسية والعسكرية إلا لأنهم مثلوا حائط صد ضد توسع الفكرة الإسلامية التي وقفت كخلفية شعبية وراء الحركات التحررية في الوطن العربي.
اقرأ أيضا: عمرو موسى: هذه حقيقة استيراد عبدالناصر غذاء من سويسرا (شاهد)
من جانبه رفض فاروق العشري أمين التثقيف السياسي في الحزب العربي الناصري ما يقال عن محاربة الفكرة الناصرية للفكرة الإسلامية، موضحا لـ"عربي 21" أن عبد الناصر لم يكن زعيما إسلاميا ولكنه زعيم قومي والقومية من وجهة نظره جزء من الفكرة الإسلامية.
وأشار العشري إلى أن أبناء التيار الناصري شكلوا منذ سنوات مع غيرهم من أبناء الحركة الإسلامية التجمع القومي الإسلامي وكان الهدف منه هو تقريب وجهات النظر في القضايا المشتركة مثل القضية الفلسطينية، ومحاربة الاستبداد والفساد، إلا أن الإسلاميين عندما أصبحوا في السلطة رفضوا مشاركة غيرهم ومن هنا كان الصدام السياسي وليس الفكري.
وأرجع العشري غياب الشعبية عن الفكرة الناصرية لرغبة الأنظمة التي جاءت بعد عبد الناصر في القضاء علي فكرته لأنها كانت تري فيها خطورة علي وجودها ولذلك حاربتها بكل قوة مثلما جرى مع الرئيس السادات.