مع اشتعال المنافسة بين شركات إنتاج
الغاز العالمية، تعول
قطر على نجاح الكيان الجديد الناتج عن دمج شركتي "قطر غاز" و"رأس غاز"، في زيادة المنافسة عالمياً على صعيد إنتاج وبيع الغاز المسال.
وتعتبر الدوحة أكبر منتج ومصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال، وتواجه منافسة صعبة على الحصة السوقية حول العالم مع زيادة صادرات موردين جدد من أستراليا والولايات المتحدة.
ووسط مساع قطرية لدعم إنتاج الغاز وزيادة تنافسينها، أتمت مطلع كانون الثاني / يناير الجاري، دمج شركتي غاز قطر ورأس غاز مستهدفة بذلك تأسيس أكبر شركة عالمية لإنتاج الغاز المسال وتحمل اسم "قطر غاز".
ويبلغ إنتاج قطر حالياً من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا، فيما أعلنت في تموز / يوليو الماضي أنها تعتزم زيادة إنتاجها من هذا الوقود بنحو 30 بالمئة بحلول 2024.
وذهبت توقعات وكالة الطاقة الدولية، إلى نمو إنتاج الغاز العالمي بشكل أسرع عن
النفط والفحم في السنوات الخمس المقبلة بدعم انخفاض السعر ووفرة المعروض.
وذكرت الوكالة في تقريرها السنوي، أن طاقة التصدير العالمية للغاز المسال ستصل إلى 650 مليار متر مكعب سنويا بنهاية 2022 مقارنة مع أقل من 452 مليار متر مكعب سنويا في 2016.
وفرات مالية
وقال الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد الكعبي، إن اكتمال
الاندماج يساهم في تحقيق وفرات مالية تصل إلى ملياري ريال (549.4 مليون دولار) من التكلفة التشغيلية سنويا.
وتابع الكعبي في تصريحات صحفية: "أصبحت جميع المشاريع التي تديرها الشركتان تدار الآن من جانب شركة قطر غاز الجديدة، والتي هي نتيجة ضم هذين المركزين في صناعة الطاقة بقطر".
وزاد في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، أنه بانتهاء الدمج، تصبح قطر غاز الجديدة هي الشركة الوحيدة التي تصدر الغاز القطري المسال للعالم.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016، أعلنت قطر للبترول اعتزامها دمج أنشطة شركتي "قطر غاز" و"رأس غاز" تحت كيان واحد يدير جميع المشاريع والمنشآت التي تشغلها الشركتان.
وتأسست قطر غاز في 1984، وتعد الشركة الرائدة الأولى في مجال صناعة الغاز الطبيعي المسال في قطر.
وتملك قطر نحو 70 بالمائة من قطر غاز، فيما تساهم شل العالمية بنسبة 30 بالمائة وذلك قبل إقرار الدمج، فيما لم يتضح حتى الآن هيكلة الملكية الجديد بعد ضم رأس غاز.
خطوة صحيحة
وقال محمد الشطي، الخبير والمحلل النفطي، إن تراجع أسعار النفط شكل ضغطا كبيرا على العمليات التشغيلية، ما دفع إلى ظهور فكرة دمج الشركات لخفض التكاليف.
وزاد: "بالنظر لحجم الوفرات التشغيلية التي تقترب من 550 مليون دولار سنويا جراء الدمج، يتضح أنها خطوة اقتصادية صحيحة".
وأشار إلى الآثار الإيجابية المترتبة في تحسن جودة الأصول للكيان الجديد، إضافة لتوسع قاعدة رأس المال التي ستمكن من إنجاز أية توسعات مستقبلية داخليا وخارجيا.
وتمكنت قطر غاز قبل إتمام الدمج، من المساعدة في تشغيل أربع عشرة محطة استقبال للغاز الطبيعي المسال في الأمريكيتين وأوروبا وآسيا.
وتخطط قطر للغاز للاستثمار في بناء محطات استقبال للغاز الطبيعي المسال، وذلك لمساعدة المزيد من الدول في تشييد بنية تحتية تمكنها من استخدام الغاز الطبيعي المسال كأحد مصادر الطاقة لديهم.
قرار اقتصادي
يرى أحمد حسن كرم الخبير النفطي، أن قرار دمج الشركتين هو قرار اقتصادي "بحت" لا دخل له بالمقاطعة، فقد تم الإعلان عن السير في إجراءات الدمج نهاية 2016، قبل ظهور الخلافات العربية بنحو ستة أشهر.
وتعصف بالخليج أزمة بدأت في 5 حزيران / يونيو الماضي، إثر قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه قطر بشدة.
وفرضت تلك الدول مقاطعة، شملت إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران القطري والحدود البحرية والبرية، ما تسبب في إغلاق منافذ استيراد مهمة لقطر، البالغ عدد سكانها نحو 2.7 مليون نسمة.
وتوقع "كرم" أن تسهم عملية الدمج في تقوية الشركة، لتصبح من أكبر الشركات عالميا في إنتاج الغاز المسال، ما يزيد مساهمة قطاع الغاز في الناتج القومي القطري.
ويعتمد اقتصاد قطر بشكل رئيسي على الغاز والنفط ويشكل نحو 55 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي سنويا.
الأحداث الجيوسياسية
وبين كرم، أن الأحداث الجيوسياسية الأخيرة دفعت الشركات الأجنبية إلى التريث قبل ضخ استثمارات جديدة في المنطقة، مما يتطلب تدخل سيادي من دول الخليج لدعم قطاعاتها الرئيسية المنتجة.
وقد تحفز تلك الأحداث الحكومة القطرية إلى تملك زمام المبادرة لإتمام مشروعاتها الاستراتيجية دون انتظار ضخ استثمارات أجنبية مستعينة بصندوقها السيادي، بحسب ما قاله الخبير النفطي.
وتابع كرم: "ارتفاع أسعار النفط وثباتها فوق مستوى 60 دولارا للبرميل سيسهل القيام بالتوسعات المستقبلية في ظل توافر الفوائض المالية المطلوبة".