هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عندما نفذ محمد بن سلمان الانقلاب في المملكة العربية السعودية، وأطاح بمنافسه السياسي في شهر حزيران/يونيو، نسب الرئيس دونالد ترامب في حديث خاص الفضل لنفسه في ذلك، بحسب ما يسرده مايكل وولف في كتابه الذي سيصدر قريبا بعنوان "النار والغضب: داخل البيت الأبيض في عهد ترامب"، حيث ينقل عن ترامب قوله بحضور مجموعة من الأصدقاء: "لقد وضعنا رجلنا على رأس الهرم".
وأطاح الملك سلمان بابن أخيه محمد بن نايف من منصب ولي العهد واستبدله بابنه محمد بن سلمان البالغ من العمر واحدا وثلاثين عاما، محدثا ما يشبه الزلزال ومخالفا بذلك عرفا استمر لعقود داخل العائلة الملكية الحاكمة فيما يتعلق بآلية وراثة الملك فيها.
وكان قد أعلن عن تلك الحركة في الساعات الأخيرة من الليل، ومثلت خطوة أخرى في صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم خلال السنوات الأخيرة.
وأصدر الملك أمرا بإقالة محمد بن نايف من منصبه كوزير للداخلية، حيث كان لحين من الزمن يتربع على عرش أقوى الأجهزة الأمنية في المملكة.
وكان ترامب قبل ذلك بشهر فقط قد زار المملكة العربية السعودية في أول رحلة له خارج البلاد، حيث التقى الزعماء من مختلف أرجاء الشرق الأوسط ووقع مع قادة المملكة صفقة سلاح طموحة قدرت قيمتها بما يقرب من 110 مليار دولار. وعندما نصب محمد بن سلمان وليا للعهد اتصل به ترامب وهنأه على "ترقيته الأخيرة".
ويصف وولف رحلة ترامب إلى المملكة العربية السعودية "بالفرج الإلهي"، حيث إنها كانت بمنزلة الهروب من واشنطن بعد فترة قصيرة من طرد الرئيس لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الإف بي آي جيمس كومي.
ويقول وولف: "لم يكن هناك وقت أفضل لتصدر عناوين الأخبار بعيدا عن واشنطن، حيث يمكن لرحلة من هذا النوع أن تغير كل شيء".
ويعتمد الكتاب على مقابلات أجراها المؤلف على مدى ثمانية عشر شهرا مع مقربين من ترامب وكبار موظفيه.
إلا أن وولف مشهور عنه انعدام صدقية رواياته، وقد أثيرت شكوك حول كثير من مزاعمه. أما ترامب، فقد اشتط غضبا بسبب ما ورد في الكتاب الذي يحتوي على مقاطع تدينه وتدين عائلته نسبها المؤلف إلى مستشاره السابق للشؤون الاستراتيجية ستيف بانون، لدرجة أن محامي الرئيس طالب وولف ودار النشر المكلفة بكتابه بالامتناع عن نشر الكتاب.
وكان بانون، في كلمة ألقاها في أحد مراكز البحث والتفكير بواشنطن في شهر أكتوبر، قد ربط بين زيارة ترامب إلى المملكة العربية السعودية والتغيير الذي طرأ على ولاية العهد فيما بعد.
وقال: "إذا ما نظرت إلى المملكة العربية السعودية، فستجد أنهم أحدثوا تغييرا أساسيا كبيرا منذ القمة. فولي ولي العهد أصبح الآن وليا للعهد.
أعتقد أن ألفا من رجال الدين ألقي القبض عليهم أو وضعوا تحت الإقامة الجبرية قبل أسبوعين أو قبل ثلاثة أسابيع، أو شيء من هذا القبيل. أنا على علم بأن الحزب المعارض في صحيفة نيويورك تايمز يشير إلى معظم هؤلاء بوصفهم "علماء ليبراليين".
دعا ترامب محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض في شهر آذار/ مارس، فيما وصفه وولف "بالدبلوماسية الهجومية".
ومنذ ذلك الحين لم يتوقف محمد بن سلمان عن استغلال "احتضان ترامب له كجزء من سعيه لإحكام قبضته على مقاليد الأمور في المملكة. وما كان من البيت الأبيض وساكنه ترامب، الذي ما فتئ ينكر ذلك، إلا أن يسر له السبيل".
ويقول وولف في كتابه إن محمد بن سلمان تقدم "في المقابل بعرض سلة من الصفقات والإعلانات التي تصادفت مع" زيارة ترامب إلى المملكة العربية السعودية، مانحا بذلك الرئيس "نجاحا" في مهمته.
ويقال إن صهر الرئيس ومستشاره الذي يحظى بثقته جاريد كوشنر مقرب جدا من محمد بن سلمان.
وكان كوشنر قد زار المملكة العربية السعودية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، حيث كان هو وولي العهد يسهران حتى الرابعة فجرا على مدى عدة ليال متتابعة "يتبادلان الحكايات ويضعان الاستراتيجيات"، كما ورد في تقرير لصحيفة الواشنطن بوست. بعد أيام قليلة فقط أمر محمد بن سلمان بإلقاء القبض على العشرات من أعضاء النخبة السعودية الحاكمة.
وقبل أسابيع فقط من استلامه لمنصب ولي العهد، أقدم محمد بن سلمان على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض الحصار عليها. فما كان من ترامب إلا أن نسب الفضل في ذلك إلى نفسه قائلا: "خلال زيارتي إلى الشرق الأوسط صرحت بأنه لن يسمح بتمويل العقيدة المتطرفة. فأشار الزعماء إلى قطر وقالوا انظر".
ولعب محمد بن سلمان دورا رائدا في الحرب التي تشنها المملكة منذ أكثر من عامين على اليمن، وشن منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر حملة على منافسيه السياسيين، وغير ذلك من النخب السعودية الذين أمر باحتجازهم، ومازالوا معتقلين في فندق ريتز كارلتون بالرياض من ذلك الوقت.
وتعليقا على ذلك، غرّد ترامب قائلا: "لدي ثقة عظيمة بالملك سلمان وبولي عهده في المملكة العربية السعودية، وهم يعرفون بالضبط ما الذي يقومون به".
(عن صحيفة ذي "إنترسيبت"، مترجم خصيصا لـ"عربي21")