هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة أ بي ثي الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الاتهامات التي وجهها المرشد الأعلى آية الله خامنئي لأعداء إيران، على غرار المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، بتورطهم في موجة الاحتجاجات الحالية المناهضة للحكومة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن موجة الاحتجاجات التي هزت إيران لمدة ستة أيام قد دخلت مرحلة شابها العنف والفوضى، حيث أدت الاشتباكات إلى وفاة ما لا يقل عن 20 شخصا وعدد من الجرحى في صفوف عناصر الشرطة، فضلا عن اعتقال أكثر من ألف شخص.
وقد أسفرت احتجاجات يوم الاثنين المنقضي عن مصرع تسعة أشخاص، وهي حصيلة ثلاث هجمات مختلفة، تم خلالها استخدام مجموعة من بنادق الصيد، وذلك وفقا لرواية المسؤولين. وتقع المدن الثلاث التي شهدت هذه التحركات في محافظة أصفهان، على بعد 350 كيلومترا جنوب طهران.
وبينت الصحيفة أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قد وجه بالأمس جملة من الاتهامات ضد أعداء إيران، معتبرا أن هذه الجهات تقف وراء الاحتجاجات التي تعيشها البلاد منذ الخميس الماضي. وفي هذا الصدد، أفاد خامنئي قائلا: "لقد تحالف أعداء إيران ضدنا في الأيام الأخيرة، في حين استخدموا جميع الوسائل التي يمتلكونها، بما في ذلك المال والأسلحة والسياسة وأجهزة الاستخبارات، وذلك بهدف خلق مشاكل في جمهورية إيران".
وأفادت الصحيفة بأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بادر بالرد عبر "تويتر"، مشيرا إلى أن الأموال التي قدمها أوباما إلى الإيرانيين في إطار إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد بعد الاتفاق النووي، قد انتهى بها المطاف في جيوب الإرهابيين والقادة السياسيين. من جانبه، أعرب بنيامين نتنياهو عن استهزائه من هذه الاتهامات.
وأوردت الصحيفة أن هذه الاحتجاجات الجديدة، التي تعد أكثر خطورة من تلك التي جدت في سنة 2009، إثر انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، قد أثارت أسئلة كثيرة في صفوف المراقبين فيما يتعلق بكيفية اندلاع أعمال الشغب هذه، وسبب انتشارها السريع وتأثيرها الإيجابي على مستقبل إيران.
وقد اندلعت الشرارة الأولى لهذه التحركات منذ 28 من كانون الأول/ ديسمبر في مدينة مشهد، التي تعد إحدى المناطق المعارضة للرئيس المعتدل حسن روحاني. وتشير بعض المعلومات إلى أن رجل الدين، إبراهيم رئيسي، المنافس الأبرز لروحاني، يعدّ المسؤول عن اندلاع فتيل الاحتجاجات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاضطرابات في الشوارع تفاقمت في غضون يوم واحد. من جهته، صرح محمد تقي كروبي، نجل أحد كبار قادة المعارضة الإيرانيين المعتقلين، بأنه "بدلا من إلقاء اللوم على القوى الأجنبية، يتعين على الحكومة الإيرانية الاعتراف بوجود أسباب تدعو للخروج في احتجاجات داخل البلاد".
والجدير بالذكر أن العديد من المحللين أكدوا أن فهم ما يحدث في إيران يتطلب المزيد من الوقت، على الرغم من أن الثورة الحالية تبدو أقرب إلى رد فعل من قبل الطبقة العاملة الأكثر تأثرا بالوضع الاقتصادي الصعب في البلاد. في المقابل، لا أحد يستبعد إمكانية وجود مصالح شخصية أخرى على الطاولة، فضلا عن وجود منافسات داخلية بين مختلف الفصائل.
وأضافت الصحيفة أن الشعور بالاستياء إزاء الوضع الاقتصادي في البلاد لا يمكن أن يخفي حقيقة أن مشاعر القومية قد اكتسحت صفوف عدد كبير من الإيرانيين، أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد انتخاب ترامب وجهوده الحثيثة لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، فضلا عن الهجمات العدوانية التي شنتها دول الخليج خلال هذه الأشهر.
والجدير بالذكر أن التنافس بين الشيعة في إيران والسنة في المملكة السعودية للسيطرة على المنطقة، يعتبر بلا شك أحد العوامل الأكثر أهمية عند تحليل ميزان القوى الحقيقي في الشرق الأوسط. وفي إطار البحث عن التفوق، شارك كلا البلدين في صراعات مختلفة من خلال دعم حلفائهم المحليين. في المقابل، نجحت إيران في فرض نفسها حتى الآن في سوريا والعراق واليمن ولبنان، في حين فشل السعوديون في محاولاتهم للتصدي لتأثير طهران في المنطقة.
وأبرزت الصحيفة أنه منذ بداية الحرب السورية، قدمت إيران مساعدات عسكرية للرئيس بشار الأسد، حيث برزت على اعتبارها طرفا مواليا لحزب الله الشيعي اللبناني، الذي يعد بدوره طرفا فاعلا في السياسة اللبنانية، والجماعة المسلحة الأقوى في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، كان لإيران دور فاعل في الحفاظ على توازن القوى في لبنان، الذي شهد العديد من المصاعب والعراقيل.
وأكدت الصحيفة أن بغداد باتت تحت السيطرة الفعلية لإيران. من جانب آخر، لم تتوان طهران عن إرسال جملة من الأسلحة والمستشارين العسكريين لصالح الحوثيين، كما هو الشأن بالنسبة للمعارضة في أفغانستان. إضافة إلى ذلك، فقد طالت يد إيران البحرين، حيث دعمت العديد من الجماعات المعارضة. وفي فلسطين، أعربت إيران عن دعمها لحركة حماس وحركات المقاومة ضد إسرائيل.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه من غير المرجح أن تتخلى إيران عن طموحاتها الإقليمية لصالح المملكة العربية السعودية، حتى لو كان تمويل سياساتها في الخارج يتطلب ميزانية ضخمة. في المقابل، وحسب المحللين، من الضروري أن يعمل النظام في إيران على النهوض بالاقتصاد وتوليد الاستثمار الأجنبي والمحلي في قطاعات مختلفة، وذلك إذا كان يرغب في تجنب الانقسامات والثورات.