تعرض ضريح الإمام
المهدي السنوسي، والد ملك
ليبيا السابق إدريس السنوسي، للنبش والتهديم من قبل كتيبة سلفية تتبع
قوات اللواء خليفة
حفتر، في مدينة الكفرة جنوب شرق ليبيا.
وذكرت مصادر في المدينة أن "كتيبة تتبع التيار المدخلي ومكونة من أكثر من 40 مسلحا قامت باقتحام الضريح وهدمه وسرقة الجثمان ونقله إلى مكان مجهول حتى الآن، ثم غادروا المكان".
طمس
من جهته، أكد ناصر صفي الدين السنوسي، أحد أفراد العائلة السنوسية أن "نبش
القبر لم يكن الحالة الأولى، حيث سبق للنظام السابق أن أصدر قرارا في تشرين الثاني/ نوفمبر 1984 بنبش قبور الزاوية السنوسية في الجغبوب والعبث برفات الموجودين فيها".
وأوضح ناصر عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، أن "ما حدث لم يكن مفاجأة بالنسبة له، وأنه يؤكد ثقافة الطمس المتأصلة منذ عهد النظام السابق، والذي هيأ لها بيئتها المناسبة من تجهيل وإنكار وكره لتلك الرموز التي كان لها أياديها البيضاء في بناء الوطن ولملمة شتاته"، وفق قوله.
وطرح الحدث تساؤلات وتكهنات حول تحرك العائلة السنوسية قضائيا ضد القوات التابعة لحفتر في الجنوب؟ وهل بدأ الصدام بين مسلحي المداخلة وبين دعاة العودة للملكية؟
جريمة نكراء
وأشار الكاتب والمؤرخ الليبي، شكري السنكي، إلى أن "ما حدث محرم شرعا وجريمة نكراء يعاقب عليها القانون، وهو أمر لا يمكن قبوله عموما، فما بالك أنه طال آل البيت حيث إن "السيد" المهدي ثابت النسب إِلى آل البيت"، حسب كلامه.
وأضاف أنه "ليس صحيحا أن هذه الأضرحة تعبد من دون الله حيث لا تعدو كونها نوعا من أنواع التكريم وتذكير الناس بعطاءات الأولين، وليست بهذه الطريقة تبنى دولة ليبيا التي حلمنا بها طويلا وحرمنا القذافي عقودا من الوصول إليها، أما هؤلاء المعتدين سيطالهم العقاب الدنيوي هم والمتعاونين معهم في الدولة ومن يمنحونهم الغطاء".
جرائم "المداخلة"
وقالت رئيسة منبر المرأة الليبية من أجل السلام، الزهراء لنقي، إن "المداخلة ليست ظاهرة جديدة في ليبيا بل زرعها القذافي وعمد أن تنتشر بين أعضاء الأمن الداخلي ليضمن ولاءهم له، خاصة أن جوهر عقيدة
المدخلية التبعية لولاة الأمور بغض النظر عن جورهم وطغيانهم".
وأشارت في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إلى أن "بعض قيادات المداخلة من خارج ليبيا زاروا أماكن في ليبيا ومنها زيارة أسامة العتيبي العام الماضي للشرق الليبي تحت رعاية "القائد العام للجيش"، خليفة حفتر"، حسب قولها.
واستبعدت لنقي، وهي من مؤيدي العودة للملكية الدستورية، أن تقوم "عائلة السنوسي بأي تحركات ضد من قاموا بنبش قبر المهدي السنوسي"، مضيفة: "ماذا في وسعهم أن يفعلوا إلا الاحتساب عند الله كما فعلوا عدة مرات من قبل عندما فعلها القذافي ونبش 19 قبرا من أسرتهم".
محاكم دولية
الناشط من الشرق الليبي، أحمد الشركسي، رأى من جانبه؛ أن "نبش القبر يؤكد تغول المليشيات ذات التوجه السلفي في القيادة العسكرية للجيش"، مضيفا لـ"
عربي21": "ولا يوجد لدعاة الملكية سلاح ليتواجهوا به مع مجرمي السلفية، لكن سيتوجه فيما أظن أبناء السنوسية للمحاكم الدولية".
وأشار الصحفي الليبي، محمد العرفي، إلى أن "التيار السلفي ليس له بُعد سياسي في مثل هذه الأفعال، لأنهم إن كانت لهم خصومة فهي مع القبور فلا علاقة لهم بما يفسده الأحياء سياسيا بل هو تيار يجيد الاعتذار على الفاسدين سياسيا".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "هذا الفعل المسيء لن يقابل بردة فعل رافضة من قبل السادة السنوسية فحسب، بل من كل الوطنيين كافة"، وفق تعبيره.
علاقة "حفتر"
وتساءل الناشط الحقوقي الليبي، أحمد التواتي، عن مدى اتباع هذه الجماعات المسلحة لتعليمات حفتر، خاصة أن الضريح يقع في أحد المعسكرات التابعة لقواته، ما يعني أن من قام بهدمه إما مجموعات تابعة له أو بمعرفتها"، حسب كلامه.
وعن تأثير هذا الحدث على علاقة حفتر بدعاة الملكية، قال التواتي: "سيؤثر هذا الفعل على علاقة حفتر بعموم الشعب، كون السنوسية لها تأثير وجداني في نفوسهم، وشعبية حفتر بدأت تتآكل بسبب تصرفات أتباعه سواء الدينية أو الإجرامية، ويبدو أنه غير قادر على مواجهتهم".
وتواصلت "
عربي21"، مع المكتب الإعلامي لقوات حفتر للتعليق على الأمر، لكنها لم تتلق أي رد.
من هو المهدي السنوسي؟
هو ابن الإمام محمد بن علي السنوسي مُؤسس الطريقة السنوسية الصوفية، ووالد الملك إدريس السنوسي، آخر ملوك الدولة الليبية، والذي قام القذافي بالانقلاب عليه في 1969.
والمهدي من أبرز الدعاة الذين ساهموا في دخول الدين الإسلامي إلى مناطق نائية في قارة أفريقيا، وشارك في تحرير مئات الأفارقة من قبضة عصابات أوروبية، وجهاده ضد المستعمر الفرنسي في تشاد، والمستعمر البريطاني في السودان.
ويقع ضريح المهدي السنوسي في زاوية (التاج) بمدينة الكفرة، وقد تم الاعتداء عليه مرتين، الأولى في عام 2012 وتم سرقة جثمانه وإخفائه في مكان مجهول، لكن تمكن أهالي الكفرة من إيجاده وإرجاعه للزاوية، والثانية هي التي حدثت منذ يومين.