أكدت نقابات طبية وعاملون في المجال الصحي وأحزاب سياسية رفضهم لقانون
التأمين الصحي الجديد الذي أقره البرلمان
المصري مؤخرا، وقالوا إنه سيزيد من الأعباء الملقاة على عاتق المواطن البسيط، ولن يحسن من المنظومة الصحية في البلاد.
وكان مجلس النواب قد وافق على قانون التأمين الصحي يوم الأربعاء الماضي، مؤكدا أن القانون يهدف لتوفير الرعاية الصحية لكافة المواطنين ويرفع كفاءة الخدمات العلاجية المقدمة لهم.
لكن كثيرين شككوا في قدرة القانون الجديد على تغيير الأوضاع المزرية التي تشهدها المستشفيات الحكومية في مصر والتي تعاني من ضعف شديد في الميزانيات المخصصة لها وعجزها عن تقديم خدمات طبية مقبولة للمواطنين.
نكسة للصحة والفقراء
وأعلنت عدد من الأحزاب السياسية رفضها لقانون التأمين الصحي الجديد، مؤكدين أنه سيحرم ملايين المصريين من حقهم في العلاج، بانحيازه للقطاع الخاص على حساب القطاع الحكومي.
وقال القيادي بحزب التجمع حسين عبدالرازق، في تصريحات صحفية، أن القانون ينص على تحميل المريض كل أعباء العلاج مع إعفاء الفقراء من هذه الأعباء، دون تعريف واضح لمن هم هؤلاء الفقراء.
وأصدر حزب التحالف الشعبي بياناً يوم الخميس الماضي، قال فيه إن الحكومة نجحت في تمرير قانون التأمين الصحي الذي ظلت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة ونقابة الأطباء تقاوم صدوره لعدة سنوات، واصفا القانون بأنه "نكسة للصحة والفقراء في مصر" ويكرس تخلي الدولة عن دورها في توفير الصحة والعلاج.
لقاء عاجل مع السيسي
وبعد إقرار القانون، أعلن اتحاد المهن الطبية تعليق انعقاد الجمعية العمومية الطارئة للاتحاد، التي كان مقرراً لها أمس الجمعة اعتراضا على إقرار مجلس النواب للقانون، معلنا تحديد موعد لاحق طبقاً لمستجدات الأحداث.
كما قرر المجلس طلب لقاء عاجل مع رئاسة الجمهورية لعرض وجهة نظر الاتحاد ومطالبة الرئيس بعدم التصديق على القانون، وإعادته لمجلس النواب لإعادة مناقشته، مؤكدا احتواءه على العديد من البنود غير الدستورية.
وأوضح أمين عام نقابة الأطباء إيهاب طاهر أن القانون يزيد الأعباء على المواطنين الذين سيدفعون اشتراكات أكثر من المدفوعة حاليا، حيث يطلب من المواطن أن يدفع مصاريف تصل لـ10% على رسوم التحاليل والأدوية عند تلقيه الخدمة الطبية، بالرغم من أنه يخصم من راتبه شهريا اشتراكه في التأمين الصحي.
الاعتماد والجودة هي كلمة السر
وردا على هذه الانتقادات قال النائب أيمن أبو العلا، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إن كلمة السر لضبط هذه المنظومة والرد على كل هذه التساؤلات هو نص القانون على إنشاء "هيئة الاعتماد والجودة" لتكون هي الجهة المنوط بها منح الموافقات على دخول المستشفيات لمنظومة التأمين الصحي وفقا للاشتراطات العالمية لضمان جودة الخدمة الطبية وكفاءة الأطباء والأجهزة الطبية والتمريض.
وأوضح أبو العلا، في تصريحات صحفية، أن هذه الهيئة لن تكون تابعة لوزارة الصحة بل ستكون تابعة لرئاسة الجمهورية بشكل مباشر وتقدم تقاريرها للرئيس بشكل دوري كل 3 أشهر، مشيرا إلى أن القانون أجبر كافة المستشفيات الحكومية على الدخول ضمن تلك المنظومة والحصول على شهادة الاعتماد والجودة خلال 3 سنوات لضمان وجود عدد كاف من المستشفيات لخدمة المواطنين في كل المحافظات.
باب خلفي للخصخصة
وقال مدير برنامج الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية علاء غنام إن هذا القانون سيكون بابا خلفيا لخصخصة المستشفيات الحكومية، موضحا أن القانون لن يتم تطبيقه سوى على المستشفيات التي تتميز بمعايير جودة عالية ومطابقة للمواصفات الطبية والمهنية، ما يجعل 90% تقريبا من مستشفيات مصر خارج المنظومة الجديدة.
وأوضح غنام، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن المرحلة الأولى من تنفيذ القانون سيتم تطبيقها بعد 6 أشهر من الآن في محافظات ليس بها مشاكل صحية كبيرة مثل محافظات القناة، مشيرا إلى أن محافظة بورسعيد على سبيل المثال بها 8 مستشفيات حكومية واحد منها فقط هو الذي يطبق معايير الجودة التي يشترطها القانون.
وأضاف أن هذه المستشفيات ستحتاج لتوفير دعم مالي كبير لها من أجل تحقيق معايير الجودة وهذا غير متوفر في قطاعات الصحة الحكومية في الوقت الراهن، مؤكدا أن هذا سيجعل المستشفيات الحكومية تتجه نحو الخصخصة كتوجه عام من الدولة، لأن التأمين الصحي سيكون إلزاميا لجميع المستشفيات خلال 3 سنوات، والمستشفى الذي لا تتطابق مواصفاته مع القانون سيتم عرضه للبيع للمستثمرين.
ليس له قيمة
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية محمد السعيد إن القانون الجديد لن يكون له أي قيمة طالما ظلت ميزانية الصحة في الدولة كما هي، مشيرا إلى أن الدولة لا تلتزم بتخصيص 3 في المئة من الموازنة العامة للصحة كما ينص الدستور.
وأضاف السعيد، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن القانون له مزايا عديدة لكن تطبيقه على أرض الواقع صعب للغاية طالما استمر الإهمال الطبي في المستشفيات الحكومية وطالما ظل الأطباء يعانون من أوضاع معيشية صعبة ويتقاضون رواتب هزيلة.
وحول تفسيره لاعتراض
النقابات الطبية على القانون الجديد، قال محمد السعيد إن السبب هو أن القانون لم يتطرق إلى تحسين الظروف الوظيفية لآلاف الأطباء.