اختتمت يوم الخميس الماضي
انتخابات اتحادات الطلاب في
الجامعات المصرية، التي شهدت ظاهرة جديدة حيث حسمت
التزكية والتعيين معظم المقاعد.
ففي أكبر ثلاث جامعات حكومية في مصر، فاز رؤساء اتحادات طلاب القاهرة وعين شمس وحلوان ونوابهم بالتزكية بسبب عدم ترشح أي منافسين لهم من زملائهم على تلك المقاعد.
وكان آخر عام جامعي شهد انتخابات طلابية عام 2014، حينما فاز طلاب معارضون للانقلاب بمعظم المقاعد، وحينها تم إلغاء الانتخابات، والإعلان عن إعداد لائحة طلابية جديدة تنظم العمل الجامعي وكيفية إجراء الانتخابات داخل الجامعات.
وبعد نحو ثلاثة أعوام من المماطلة أعلنت الحكومة إعداد اللائحة الطلابية الجديدة، وتم تنظيم أول انتخابات العام الحالي وسط سيطرة أمنية تامة، بحسب مراقبين.
الأضعف في تاريخ الجامعات
وشهدت الانتخابات الطلابية الأخيرة أقل عدد من المرشحين والناخبين في تاريخ الجامعات حيث أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات الطلابية بجامعة القاهرة، فوز الطلاب في ثمانية كليات بالتزكية، فيما فشلت أربع كليات في إكمال النصاب القانوني بها، ما أدى إلى
تعيين اللجنة لأعضاء الاتحاد بهذه الكليات.
وأجريت الانتخابات الطلابية طوال الأيام الماضية وسط هدوء تام في الجامعات كافة، حتى إن غالبية الطلاب لم يعرفوا أن هناك انتخابات يتم إجراؤها.
واختفت تماما الحركات الطلابية التي استحوذت على الاتحادات الطلابية طوال العقود الأربعة السابقة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والاشتراكيين الثوريين والناصريين و6 إبريل وغيرهم من المنافسة الانتخابية، بينما حصل الطلاب المؤيدون للنظام على المقاعد كافة.
اختيارات متوافقة مع النظام
وتعليقا على هذه الانتخابات، قال رئيس جامعة القاهرة محمد عثمان الخشت، إن الطلاب استطاعوا أن يديروا المعركة الانتخابية بحكمة، مؤكدا أن الديمقراطية ليست فوضى أو فرض إرادة سياسية على الطلاب، بل هي احترام القواعد والعمل وفقا للنظام الذى ارتضاه الجميع بعيدا عن الشعارات الجوفاء، على حد قوله.
وشدد الخشت، في تصريحات صحفية، على أن الجامعة غير مسيسة وأن أي طالب يريد المشاركة في العمل السياسي عليه العمل خارج أسوار الجامعة.
وقال مسؤول رعاية الشباب في جامعة عين شمس هشام الخضري، في تصريحات صحفية، إن الانتخابات لم تشهد منافسة فعلية بعد حسم أغلب المقاعد بالتعيين والتزكية، مشيرا إلى أن توقيت عقد الانتخابات قبل امتحانات نصف العام بنحو أسبوعين فقط أثر بشكل سلبي على انتظامها.
الخوف من القمع
الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع قال إن النظام أدرك جيدا أهمية انتخابات الجامعات، حينما اكتسحت قائمة الشباب المحسوبين علي ثورة كانون الثاني/ يناير أو انتخابات طلابية بعد أحداث تموز/ يوليو 2013، وجاء وزير التعليم العالي وقتها وألغى النتيجة، وتم وقف الانتخابات لأكثر من ثلاثة أعوام.
وأضاف ربيع، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن الأمن عمل جاهدا داخل الجامعات خلال الأعوام الأربعة الماضية للسيطرة على الحركة الطلابية، ودفع بكوادر شباب تابعين لحزب "مستقبل وطن" المقرب من النظام، الذين نشطوا بشكل مكثف خلال الفترة الماضية ونجح عدد كبير منهم في الانتخابات الأخيرة، إما بالتزكية أو بانتخابات شكلية.
وأكد أنه لم يعد أحد في مصر من يهتم بالانتخابات بشكل عام، سواء داخل الجامعة أو خارجها، موضحا أن الحالة السياسية في البلاد الآن تعاني من ركود شديد بسبب القمع الأمني الذي يطال كل من يعبر عن رأيه، وخاصة الشباب الذي يتم القبض عليه لمجرد التحدث في السياسة.
وتابع عمرو هاشم ربيع: "النظام قمع كل معارضيه ومنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن كل هذا جعل هناك تخوفا كبيرا لدى الغالبية العظمى من الطلاب من فكرة المشاركة في انتخابات الجامعات، خاصة أصحاب التوجهات السياسية، حفاظا على أمنهم الشخصي.
صورة مصغرة من الحياة السياسية
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية أحمد رشدي، إن الحالة العامة في مصر وما تشهده من قتل لكافة أشكال التعددية السياسية، وما يشهده المناخ السياسي من قمع يتكرر بصورة مصغرة داخل الجامعات، حيث يتم تجريف الحياة السياسية وإجهاض كل سبل التعبير السلمي عن الرأي بداعي محاربة الاٍرهاب.
وأوضح رشدي، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن معظم المقاعد داخل الاتحاد الطلابية حسمت بالتزكية بعدما عزف الطلاب عن الترشح تماما كما حدث في انتخابات الرئاسة الماضية حينما لم يترشح أمام عبد الفتاح السيسي سوى شخص واحد فقط هو حمدين صباحي وفشل في الحصول على أي أصوات تذكر.
وأضاف أن الحركة الطلابية كانت من أكبر التحديات التي تواجه الأنظمة لما لها من حماس وقدرة على الحشد الجماهيري وتنفيذ الفعاليات السياسية المختلفة، وكانت تمثل ضغطا كبيرا على كل الأنظمة السياسية منذ سنوات السبعينيات.