نشرت صحيفة "
لاكروا" الفرنسية تقريرا، تحدثت من خلاله عن تراجع مكانة الدبلوماسيين الأمريكيين بشكل ملحوظ، وذلك على خلفية قرارات الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، قد طالته الشائعات المنتشرة حول دوره في تسيير السياسة الخارجية الأمريكية وإمكانية رحيله عن منصبه، مما أضعف موقفه الدبلوماسي بشكل كبير.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس السابق لشركة إكسون موبيل، اضطر مرة أخرى، خلال جولته الأوروبية، في مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر، لدحض الشائعات التي تفيد بأنه سيقع استبداله قريبا. كما توجب على تيلرسون، في الوقت ذاته، تحمل عواقب قرار كان قد عارضه منذ البداية، ألا وهو اعتراف
الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الأمر قد تواتر في العديد من المناسبات خلال العشر أشهر الأخيرة، حيث برزت الكثير من التناقضات بين مواقف دونالد ترامب ووزير خارجيته، فيما يتعلق بالعديد من المسائل انطلاقا من الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ وصولا إلى إدارة الأزمة الكورية الشمالية والصراع بين السعودية وقطر.
من جهته، اعترف ريكس تيلرسون بأنه قد لعب دورا ثانويا فيما يتعلق بقرار ترامب الذي من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على وزارته المسؤولة عن نقل السفارة الأمريكية في المستقبل من تل أبيب إلى القدس. والجدير بالذكر أن صهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر يعد المسؤول المباشر عن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، مع العلم أن نائب الرئيس، مايك بنس سيزور المنطقة انطلاقا من 17 إلى 19 من شهر كانون الأول/ ديسمبر.
وأفادت الصحيفة أن تراجع مكانة ريكس تيلرسون بالنسبة لنظرائه، قد دفعه للتظاهر بالتركيز على أولوياته، المتمثلة في مشروع إعادة تنظيم مختلف جوانب وزارة الخارجية الأمريكية، الذي من المرتقب أن يرى النور في وقت مبكر من السنة المقبلة. وفي هذا الصدد، اقترح وزير الخارجية الأمريكي خفض عدد موظفي إدارته بنسبة 8 بالمائة وميزانيتها بنسبة 31 بالمئة، أي إلى حوالي 37.6 مليار دولار. وقد برر تيلرسون ذلك بأنه أمر ضروري نظرا لأن الكثير من الصراعات في العالم سيقع بالفعل تسويتها قريبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيسة الرابطة الأمريكية للخدمة الخارجية، التي تعد بمثابة نقابة للدبلوماسيين، باربرا ستيفنسون، قد أطلقت مؤخرا ناقوس الخطر حول هجرة الأدمغة. فقد استقال حوالي 60 بالمائة من السفراء، و42 بالمائة من المفوضين و15 بالمائة من مستشاري الوزراء من مناصبهم منذ شهر كانون الثاني/ يناير.
وأفادت الصحيفة أن آخر المستقيلين كانت إليزابيث شاكلفورد، البالغة من العمر 38 سنة، التي تعتبر من أشهر الشخصيات في مجال
الدبلوماسية الأمريكية. وقد وجهت شاكلفورد رسالة إلى ريكس تيلرسون، في 7 من شهر كانون الأول/ ديسمبر، انتقدت من خلالها تخلي الوزارة عن تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية واستخفافها بعمل الدبلوماسيين.
ونقلت الصحيفة على لسان إليزابيث شاكلفورد، أن "وزارة الخارجية قد سلمت البنتاغون سلطة تنفيذ سياساتنا الخارجية، بناء على طلب البيت الأبيض ولكن على حساب أمتنا. ما فتئ عملنا يفقد قيمته يوما بعد يوم، مما أدى إلى مغادرة عدد متزايد من الموظفين ذوي الخبرة والموهوبين للقسم".
وأوضحت الصحيفة أن هذه الديبلوماسية، قد عملت في منصب مسؤولة سياسية عن البعثة الأمريكية إلى الصومال التي تتخذ من نيروبي مقرا لها. وقد انضمت إلى السلك الدبلوماسي في سنة 2010، بعد أن كانت تعمل لصالح شركة بوز آلن هاملتون الاستشارية.
وأفادت الصحيفة أن إليزابيث شاكلفورد، أشرفت، في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2013، على إجلاء ألف أمريكي والعديد من الرعايا الأجانب، حيث كانت تضطلع بمهمة القنصل الأمريكي في جوبا، جنوب السودان.
وأوضحت أن حجم الاستياء والحزن الذي أعربت عنه إليزابيث شاكلفورد في رسالتها الموجهة لتيلرسون، قد ساهم في انتشار موجة من الشكوك وخيبة الأمل في صفوف الدبلوماسيين الأميركيين المخضرمين، ليس فقط بشأن جدول أعمال الإصلاحي الذي اقترحه ريكس تيلرسون، ولكن أيضا إزاء توجهات السياسة الخارجية التي يتبناها دونالد ترامب.
وأوردت الصحيفة على لسان السفير الأمريكي السابق في أفريقيا الوسطى، جيفري هاوكينز، أن "هذا الأمر يحيل إلى أن البنتاغون الذي يموله الرئيس ترامب والذي يحظى باحترامه ودعمه، سيلعب في الغالب دورا أساسيا في تحديد النهج الأميركي في التعامل مع القضايا الخارجية المعقدة التي نادرا ما تكون حلولها غير عسكرية".