أثارت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين إلى
سوريا صبيحة أمس الاثنين، تساؤلات عدة من النشطاء السوريين، ليس فقط عن سريتها ومفاجأتها فحسب، بل عن دوافع اختيار بوتين "قاعدة حميميم" في الساحل السوري، مكانا لزيارته الأولى إلى سوريا.
والأمر بدا غريبا بالنسبة لكثيرين، خصوصا أن مكان الزيارة لم يكن العاصمة دمشق، المكان المخصص لاستقبال الشخصيات الرسمية.
وعلى الرغم من احتفاء النظام السوري وإعلامه بالزيارة، التي تعد أول زيارة لرئيس دولة أجنبية إلى سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، رأى نشطاء أن مكان الزيارة وطريقة استدعاء
الأسد إلى القاعدة العسكرية يشير إلى "رغبة روسية بإرسال رسائل إلى أطراف عدة على رأسها النظام السوري".
وضمن رؤيته وتفسيره للزيارة، قال الكاتب الصحفي السوري رائد جبر، إن "بوتين أراد أن يقول للجميع إنه هو السيد الآمر والناهي في سوريا، وهو سبب ذهابه إلى قاعدة روسية، ويستقبله رئيس سوريا ووزير الدفاع الروسي".
وقال لـ"
عربي21": "شكر بوتين للجنود الروس، وإعلان نهاية العملية العسكرية النشطة، وبدء سحب القوات من سوريا، وبحث ذلك مع العسكريين الروس وليس مع الرئيس السوري، يعطي دلالات واضحة ليس من الصعب التقاطها".
وبحسب جبر، فإنه يجب التوقف مطولا عند تذكير بوتين في كلمته بأن روسيا هي صاحبة القرار، أثناء حديثه عن العملية السياسية.
وأضاف أن "روسيا أعلنت عن نهاية الأعمال العسكرية النشطة، لكن بطبيعة الحال فإنها تحاول ترجمة الإنجاز العسكري الميداني الكبير الذي تحقق خلال العامين الماضيين سياسيا من خلال سوتشي".
وذهب جبر إلى أنه من اللافت "عدم ذكر بوتين لمسار جنيف، وإنما تحدث عن عملية سياسية من خلال الدعوة إلى مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي".
وقرأ ذلك على أنه "مرحلة جديدة بكل المقاييس، والأمر في سوريا على أعتاب استحقاقات أكبر من الماضي على المستوى السياسي، ستفرض فيه روسيا تقديم تنازلات على النظام والمعارضة في آن".
من جهته، رأى الباحث بالشؤون التركية والروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أن طريقة الزيارة تحمل رسائل متعلقة بداخل روسيا وخارجها.
وأوضح الباحث لـ"
عربي21" أنه "بالنسبة للداخل، فبوتين يؤكد أن روسيا أدت مهمتها، وسيعود جيشها منتصرا إلى بلاده، وأنه هو الزعيم الوحيد الذي أعاد أمجاد روسيا القديمة".
وأضاف: "أما خارجيا، فأراد من خلال زيارته القاعدة أن يقول للجميع وعلى رأسهم النظام إنه هو صاحب الذراع الطويلة في سوريا".
وأشار الحاج جاسم، إلى "حرص بوتين على أن يظهر زيارته لسوريا بأنها لم تكن لزيارة النظام، وإنما زيارة للجنود الروس أولا، ومن ثم إجراء لقاء هامشي مع الأسد".
وبجسب جاسم، فإن زيارة بوتين إلى حميميم تعيد للأذهان الزيارات التي كان يجريها المسوؤلون الأمريكان لقواعدهم العسكرية في العراق، بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين.
وقال: "هذا لا يلغي احتمال أن سبب اختيار حميميم بدلا عن دمشق هو عدم وجود الظروف المناسبة".
والأمر الذي لا بد من التركيز عليه من وجهة نظر جاسم، هي الزيارات اللاحقة التي يجريها بوتين لكل من القاهرة وأنقرة، وبهذا المعنى يعتقد بأن الملف السوري سيكون أولوية في جولة الرئيس الروسي.
واختتم حديثه قائلا: "روسيا ترى أنها عملت ما يكفي لتحويل النتائج العسكرية إلى حل سياسي تجلب له كل الأطراف".
يشار إلى أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، كان قد قام بزيارة إلى موسكو، في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واجتمع مع بوتين، حيث كانت أول زيارة له خارج البلاد منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا في عام 2011.