هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن التحالف الخفي بين إيران ومصر، على الرغم من سعي السيسي إلى طمأنة حليفته السعودية بنفي وجود علاقة بين القاهرة وطهران. وقد اتضحت مختلف جوانب هذا التحالف؛ من خلال العديد من المواقف الدبلوماسية التي تبنتها مصر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العلاقة بين مصر وإيران تتراوح بين العداوة والصداقة. ففي عهد جمال عبد الناصر اتسمت العلاقة بين البلدين بالعداء والخلاف، خاصة في عهد الشاه "خادم الأمريكيين"، لتعود إلى الاستقرار في عهد السادات.
وفي فترة حكم السادات، وقّعت مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل، تعرف باتفاقيات "كامب ديفيد"، الأمر الذي كلف السادات كثيرا، حيث عزمت الدول العربية على نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات المصرية الإيرانية تميزت بالاستفزاز والتهكم، فعلى خلفية استضافة الرئيس أنور السادات لمحمد رضا بهلوي، الذي كان على علاقة جيدة معه؛ لاستفزاز طهران والسخرية منها، عمدت إيران إلى تسمية شارع باسم قاتل السادات، خالد الإسلامبولي. وطيلة ثلاثة عقود، ظلت العلاقة بين إيران والسعودية خلال فترة حكم حسني مبارك متوترة، ما أدى إلى انقسام الشرق الأوسط إلى تيارين؛ سني وشيعي.
وذكرت الصحيفة أنه بعد الإطاحة بحسني مبارك في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، بدأت تلوح في الأفق احتمالات بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين إيران ومصر بعد عقود من القطيعة. ولقد كان ذلك خلال فترة حكم الإخوان، عند أول زيارة قام بها مرسي لطهران، علما بأنها كانت أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى إيران منذ سنة 2012. كما يبذل السيسي جهودا لإعادة تحسين هذه العلاقة، حيث عمد إلى انتهاج سياسة جديدة مخالفة لسياسة مبارك، ما جعل من مصر منبرا يدعو إلى خلق توازن في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن المواقف الدبلوماسية التي تبنتها مصر تؤكد وجود تحالف يربطها بإيران، خاصة بعد إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية معها في بداية الأزمة بين طهران والرياض، التي تعدّ المورد الرئيسي للنفط في مصر. لتشهد بذلك العلاقة نوعا من التحسن من خلال زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القاهرة سنة 2013، وهي أول زيارة يؤديها رئيس إيراني لمصر.
ونوهت الصحيفة بأنه من بين المواقف التي تدل على تناقض مواقف مصر مع الغرب، رفضها التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بإدانة الغارات الروسية السورية على حلب. كما رحب وزير الخارجية المصري بالتواجد الروسي في سوريا. أما بالنسبة لإيران، بطلة الحرب السورية، فهي المستفيد الوحيد من اقتراح مصر كوسيط لمحادثات السلام للأزمة السورية.
وأوضحت الصحيفة أن أهم مظاهر التحالف الخفي بين إيران ومصر تتجلى في الحرب السورية، خاصة أن الحلفاء القدامى لمصر رفعوا أسلحتهم في وجه دمشق سنة 2011.
في الواقع، إن فكرة نشأة تحالف بين مصر وإيران وروسيا وسوريا تثير قلق الغرب. فلطالما كانت العلاقات بين إيران وروسيا من جهة ومصر وروسيا من جهة أخرى طيبة منذ القدم، حيث سعى عمالقة الشرق الأوسط إلى التقرب من موسكو؛ لخلق توازن في ظل توتر العلاقات مع إسرائيل والغرب.
وبناء على ذلك، يمكن أن يُنتج التحالف بين مصر وإيران سيناريوهات لم يسبق لها مثيل، ليتمكن بذلك هذان البلدان من تجاوز الصراع السني الشيعي، وإعطاء حياة جديدة للمواجهة الجيوسياسية بين الرياض وطهران.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن إيران تجني ثمار عشرين عاما من الإرهاب المسلط عليها من قبل التيارات السنية، والتي عمدت إلى إقصائها من الساحة الدولية. وكنتيجة لذلك، عمدت طهران إلى إنشاء تحالف مع موسكو في الحرب السورية. وفي نهاية المطاف، تعتبر مصر إيران عملاقا ديمغرافيا، وتمثلان -بعد إسرائيل- القوى العسكرية الكبرى في الشرق الأوسط.