هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حالة من التفاؤل سادت الأوساط الاقتصادية في لبنان، بعد إعلان سعد الحريري تعليق استقالته من منصبه كرئيس للحكومة، في خطوة يتوقع أن تعزز الثقة مرة أخرى في اقتصاد البلاد.
وأعلن الحريري الأربعاء، أنه سيتريث في تقديم استقالته، تجاوبا مع طلب من رئيس الجمهورية ميشال عون لإعطاء فرصة لمزيد من التشاور.
وفي 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أعلن الحريري استقالته، عبر خطاب متلفز من السعودية، مرجعا قراره إلى "مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله، من فرض أمر واقع بقوة سلاحه".
ومنذ إعلان الاستقالة، تصاعدت حدة التوترات في المنطقة وذهبت التكهنات إلى تأثيرات متوقعة قد تثقل كاهل الاقتصاد اللبناني الذي يعاني بالفعل ظروفاً وأوضاعاً صعبة.
تهدئة الأوضاع
الباحث في اقتصادات الدول العربية والمحلل المالي جمال عجيز، يرى أن عودة "الحريري" إلى البلاد ستؤدي إلى تهدئة الأوضاع وبالتالي سينعكس ذلك بشكل إيجابي على الاقتصاد اللبناني في المدى القصير، وبشكل مؤقت لحين اتضاح الرؤية بشكل كامل.
وأضاف: "رأينا صعودا قويا في جميع بورصات الخليج مع هدوء التوترات السياسية في المنطقة، بعد عودة الحريري وهو ما يعني أن الموضوع كان يمثل "أزمة حقيقية" ليس للبنان فقط ولكن للمنطقة كافة".
وأوضح أنه مع هدوء الأوضاع حاليا، يتوقع أن ترفع دول البحرين والسعودية تحذيراتها السابقة لرعاياها بالخروج من لبنان، وهو ما يعزز من زيادة الحركة السياحية في البلاد التي تعول كثيراً على السائح الخليجي.
ويرى أن استقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي وقت استقالة "الحريري"، كان مؤشراً جيداً يؤكد على استقرار الوضع المالي والنقدي في لبنان، رغم التحديات المحيطة، إضافة إلى الثقة في القطاع المصرفي اللبناني واستمرار عمل المؤسسات.
وفي أعقاب استقالة الحريري، توالت رسائل الطمأنه من الحكومة إذ أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، على استقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي، وعزا ذلك إلى ما سماها الهندسات والعمليات المالية الاستباقيّة التي أجراها مصرف لبنان.
ورغم التفاؤل بعودة "الحريري" إلى بلاده، لكن ما تزال هناك مخاوف دائرة من إقدام الدول الخليجية على سحب ودائعها من لبنان حال تجدد التوترات، وهو ما استبعده خبراء ومسؤولون.
توتر العلاقات
رئيس هيئة تنمية العلاقات الاستثمارية مع السعودية إيلي رزق، أكد أن حجم الاستثمارات والودائع الخليجية وخصوصا السعودية في بلاده، لا تتجاوز 1 بالمائة وهي نسبة ضئيلة لا تثير المخاوف حال توتر العلاقات.
وأضاف أن لبنان لن تتأثر حال سحب الودائع الخليجية بينما قد تتأثر جراء تراجع ودائع المغتربين اللبنانيين، التي تشكّل 80 بالمائة في مصارف البلاد.
وأوضح أنه كرئيس هيئة اقتصادية معنية بهذا الأمر، فقد ناقش الموضوع مع الطرف السعودي وطالب رئيس الجمهورية بوقف هجوم الإعلام اللبناني، لما في ذلك من تبعات سلبية وشيكة على الاقتصاد.
وأشار إلى أن استثمارات اللبنانيين في السعودية تصل حالياً إلى نحو 11 مليار دولار، مقابل مليار دولار حجم الاستثمار السعودي في الاقتصاد اللبناني، لذا سيكون الخاسر في كلا الحالتين هو لبنان.
سحب الودائع
أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح قال للأناضول، إن الأزمة السياسية مهما علا شأنها سيكون لها نهاية، وهي ليست المرة الأولى التي تهدد فيها دول الخليج بسحب ودائعها من لبنان بسبب حزب الله.
وأعرب فتوح عن آماله بعدم توتر الأوضاع الاقتصادية بين لبنان ودول الخليج، في ظل هذه الأزمات بين لبنان والسعودية.
وأضاف فتوح أن جميع التكهنات التي وردت في الصحف المحلية والعربية عن حجم ودائع الخليجيين في لبنان غير صحيحة، كون لا يمكن لأحد معرفة الرقم الرسمي نظراً لسرية الحسابات.
ولفت فتوح إلى أنه حسب المعطيات التي بحوزته، لا تشير إلى وجود ودائع خليجية عالية، مضيفا أن 90 بالمائة من مجموع المودعين هم لبنانيين، موزعين في القارة الأميركية والأوروبية وأستراليا وعدد من الدول العربية غير الخليج بينها الأردن والكويت.
وقال فتوح أن أول دولة خليجية تلعب دورا أساسيا في التحويلات المصرفية إلى لبنان، هي السعودية بـ 1.5 مليار دولار أميركي سنوياً، ثم الكويت ثم الإمارات ثم سلطنة عمان وبعدها قطر وهؤلاء جميعاً باستثناء السعودية، يبلغ عدد تحويلاتهم إلى لبنان حوالي مليار وربع المليار دولار أميركي.
الاقتصاد الموازي
الخبير والمحلل الاقتصادي غسان وزني، اعتبر أن التهديد الخليجي بسحب استثماراتهم من لبنان لا يشكّل أي أزمة على الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي، خاصة بعد إعلان جامعة الدول العربية ضرورة وقف حزب الله عند حدوده.
ولفت إلى أن اتهام جامعة الدول العربية حزب الله بأنه منظمة إرهابية ليس أمراً جديداً، وبالتالي لا يؤثر سلباً على وضع الاقتصاد المحلي خاصة أن الحزب خارج الاقتصاد الرسمي وهو ضمن الاقتصاد الموازي.
وأشار إلى أنّ العلاقات الاقتصادية بين لبنان والخليج في تراجع مستمر منذ العام 2012 لأسباب أمنية وسياسية بعد انخراط حزب الله في الحرب داخل سوريا.