هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع تصاعد الجدل الدائر حول روايات التفاوض بين وسطاء محليين أو أجانب، وجماعة الإخوان المسلمين أو ممثلين عنها، من أجل التوصل إلى حلول وسط قبل فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، علت موجة الاتهامات التي تحمل الإخوان مسؤولية المجازر التي ارتكبها العسكر بحق الشعب المصري، والخسائر المادية والبشرية التي ترتبت على ذلك.
فجر الجدل، وموجات الاتهامات للإخوان، حديث وزير الدفاع القطري، خالد العطية، خلال لقاء متلفز بثه تلفزيون قطر الرسمي، حول زيارته للقاهرة في الأسبوع الأول من أغسطس/ آب 2013 برفقة وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، استجابة لطلب من وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت، جون كيري، بغية التوصل إلى مخرج للأزمة المصرية، عقب انقلاب وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مدني منتخب لمصر، محمد مرسي.
وتحدث العطية في مستهل اللقاء المتلفز عن زيارته إلى مصر التي استمرت أربعة أيام قائلا إنها لم تكتمل، حتى يستطيع أن يقيم نتائجها، مشيرا إلى لقاءه مع نائب مرشد الإخوان المسلمين خيرت الشاطر في مكان اعتقاله لمدة ساعة ونصف عبّر خلالها الأخير عن أفكاره حيال الأزمة.
وقال إنه كان من المفترض أن يلتقي الرئيس المعزول محمد مرسي أثناء الزيارة، وأضاف أن من التقاهم في الزيارة هم نائب رئيس الجمهورية المؤقت محمد البرادعي وخيرت الشاطر وبعض الأطراف الأخرى المؤثرة.
وأوضح أن ترتيبات الزيارة تمت مع مكتب الرئيس المؤقت عدلي منصور، وكانت تتضمن إجراء لقاءات مع مرسي ومرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع والشاطر، لافتا إلى أن هذه اللقاءات لم تتم.
وكشفت مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين لـ "عربي21"، أن لقاء الوزير القطري بالشاطر، لم يكن اللقاء الوحيد للوسطاء مع قيادات من الجماعة، مشيرا إلى أن هناك عدة لقاءات أخرى تمت أيضا مع مرشد الإخوان الراحل محمد مهدي عاكف، ووزير التنمية المحلية، محمد على بشر، وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي.
وأكد المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن جميع قيادات الإخوان التي التقت الوسطاء، أحالت الأمر للرئيس المنتخب محمد مرسي، باعتباره الوحيد هو المخول به اتخاذ القرار في هذا الشأن.
اقرأ أيضا: العطية يروي تفاصيل مثيرة عن جذور الأزمة ويوجّه رسائل (شاهد)
وحول تناقض روايات التفاوض بين الوسطاء وجماعة الإخوان المسلمين، وعدم وجود رواية موحدة في هذا الصدد، قال المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي، إن جماعة الإخوان المسلمين موقفها ثابت وموحد بشأن هذه الروايات، وتم إعلانه عبر البيانات الرسمية للجماعة، ولا يوجد لدينا ما نخفيه"، لافتا إلى أن مصدر التناقض قد يفهم من رواية الوسطاء بحسب طبيعة البرامج المتلفزة والحوارات الصحفية محل الحديث عن الموضوع.
وأكد فهمي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن "موقف الإخوان الثابت كان يتلخص في أن الرئيس مرسي هو الوحيد المخول بالتفاوض، لأنه المنتخب من قبل الشعب".
وأضاف: "القضية لم تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين وحدها، وإنما هي قضية الشعب المصري كله، الذي يمثله الرئيس المنتخب محمد مرسي"، مؤكدا أن الإخوان المسلمين مع الحفاظ على الوطن وتقديم مصلحته العليا، ومع أي محاولة لجمع الصف الوطني والحفاظ على الدماء والحريات والحقوق وفي مقدمتها حقوق الشهداء والمصابين والمتضررين من جراء الانقلاب العسكري، في ظل احترام إرادة الشعب".
وتابع: "المهندس خيرت الشاطر تم اعتقاله منذ اللحظات الأولى لوقوع الانقلاب، وأن اللقاء الذي تم الإعلان عنه في حديث الوزير القطري، كان أثناء اعتقاله في سجن العقرب، وهو لم يكن يعلم بالزيارة ولا بالأفراد الحاضرين، وإنما فوجئ بفتح الزنزانه أثناء نومه، وأنه مطلوب لمقابلة في حجرة مأمور السجن، وحين دخل الحجرة وجد وزيرا الخارجية القطري والإماراتي ومساعد وزير الخارجية الأمريكي".
وأردف فهمي: "المهندس خيرت أوضح خلال المقابلة أن بإمكانه الحديث عما يخص جماعة الإخوان المسلمين، ولكن المخول بالحديث عن الشعب المصري هو الرئيس المنتخب محمد مرسي"، مشيرا إلي أن "وزير الخارجية الإماراتي هدد الشاطر أن الإخوان المسلمون سيظلون داخل السجن، فرد المهندس خيرت قائلا لقد قضيت حياتي في السجن ولا يوجد من يهددنا ويثنينا عن طريقنا، ولو أعلم أنك موجود في المقابلة ما قابلتك".
اقرأ أيضا: هكذا علق وزراء واعضاء بالمجلس العسكري على ما كشفه "العطية"
ومن ناحيته، علق عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي في عهد الرئيس محمد مرسي، على حديث العطية قائلا: "استغرقت تصريحات معالي الوزير خالد العطية نحو دقيقتين أو ثلاث دقائق ضمن الحديث الشامل، وبالتالي لم تكن لديه الفرصة كاملة لشرح ملابسات الموضوع حيث إن موضوع المقابلة كان متعلقا بالأساس بشأن آخر."
وقال دراج في تعقيب نشره "المركز المصري للدراسات": "شرفت بلقاء د. خالد بناء على طلبه يوم 6 أغسطس 2013، أي اليوم التالي للقائه المشار اليه في السجن مع م. خيرت الشاطر، وتكرم سيادته بإعطائي خلفية كاملة عن الموضوع، وشرح واف لكل ملابساته، فضلا عما كان لدي من معلومات باعتباري كنت مسئولا عن ملف التواصل مع الخارج في هذه الفترة الحرجة، مكلفا من التحالف الوطني لدعم الشرعية".
وأكد دراج أنه "لم تكن هناك أية عملية تفاوضية سياسية بالمعنى المفهوم بين القوى الداعمة للشرعية وبين الحكومة الانقلابية والمجلس العسكري في هذا الوقت، لا بشكل مباشر ولا عن طريق وسطاء، إنما كانت المباحثات تنصب أساساً على ما أُطلق عليه إجراءات بناء الثقة لتهيئة الأجواء بين الأطراف السياسية المختلفة، والتي لا تشمل الحكومة والمجلس العسكري كما كان يصر تحالف دعم الشرعية على الدوام، من أجل الحوار البناء للخروج من الأزمة وتجنيب الشعب المصري إراقة المزيد من الدماء".
وأوضح أن مضمون هذه الإجراءات كان بالأساس إطلاق سراح جميع المعتقلين (الذين لم يزد عددهم عن عشرين معتقلا في ذلك الوقت)، وإعادة فتح القنوات التليفزيونية التي تم إغلاقها، والتوقف عن التعرض للمعتصمين والمتظاهرين بالقمع والعنف تغولاً على حقهم الدستوري والقانوني.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: لماذا تثير حركة الإخوان الخوف رغم ضعفها؟
وأضاف: "اتضح بما لا يدع مجالا للشك الدور الإماراتي السعودي في الدفع والتخطيط للانقلاب العسكري والتمهيد للفض الدموي للاعتصامات، وذلك بالتظاهر بالمشاركة مع أطراف إقليمية ودولية أخرى للوصول إلى إجراءات بناء الثقة بينما كان الإعداد الحقيقي مع قيادات الانقلاب هو للفض الدموي للاعتصامات كما ظهر لاحقاً، وبأن لأطراف الأخرى قد تم استغلالها للإيحاء بأنه كانت هناك عملية تفاوض حقيقية ثم الادعاء، بالتواطؤ مع النظام الانقلابي، بأنها فشلت، وذلك لتبرير العنف الذي تم استخدامه فيما بعد، مما يؤكد أن جرائم الفض كانت مدبرة سلفاً كجريمة مع سبق الإصرار والترصد، كما أكد لاحقا التقرير الصادر عن منظمة هيومان رايتس ووتش في أغسطس 2014".
وأوضح أن "مرسي لم يستجب للضغوط الرهيبة التي مورست عليه للتنازل عن الحق الذي أعطاه له الشعب المصري في انتخابات حرة نزيهة كرئيس مدني منتخب" مؤكدا أن هذا الصمود المستمر حتى الآن هو الذي نزع، وسيظل ينزع، الشرعية عن النظام الانقلابي الدموي.
وأشار دراج إلى أن "جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في المهندس خيرت الشاطر لم ترض أن تدخل في أية تفاوضات أو تخضع لأية مساومات حول الحقوق المشروعة للمصريين، بل إن المهندس خيرت ذكر بوضوح أنه ليس الشخص المعني بالحديث عندما أتاه الوفد الرباعي الدولي بالسجن، وإنما عليهم الذهاب للرئيس مرسي الممثل الحقيقي الوحيد المنتخب للشعب المصري، وأن موقف جماعة الإخوان مع كل ما يحقن دماء المصريين مع استعادة حقوقهم كاملة".
وأكد دراج أن قطر "عندما أدركت المؤامرة التي كانت يتم حياكتها بقيادة دولة الإمارات، انسحبت على الفور من هذا المشهد العبثي حتى لا يتم استدراجها لشرعنة ما يأتي لاحقا من اجراءات"، مضيفا أن "هذا هو صلب ما أراد الوزير د. خالد العطية أن يُعبر عنه في حديثه مؤخرا".
وتابع: "وقد ذكر لي د. خالد عند مقابلته أنه اشترط لحضوره إلى مصر أن يقابل د. مرسي شخصياً ووعدوه بذلك، وعندما أدرك أنه لم تكن هناك نية لهذا الأمر، و أن الأمر شكلي بالأساس، غادر القاهرة على الفور".
وفيما يتعلق بالجانب الأمريكي، قال دراج: "رغم وضوح الرؤية عند الجانب الأمريكي، فإن الولايات المتحدة اكتفت بإجراءات هامشية غير مؤثرة للضغط الرقيق الشكلي على النظام المصري، وامتنعت عن ممارسة أي ضغط حقيقي، بل إنها أعطته قبلة الحياة، واستمرت في دعمه، بل والتحالف معه حتى يومنا هذا، رغم كل ما يرتكبه من جرائم، مما يكشف الدور الأمريكي في الترسيخ لاستقرار هذا الانقلاب، حتى لو لم تكن هناك مشاركة حقيقية في التخطيط والتنفيذ له كما يقول المسؤولون الأمريكيون".