هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال بيان لمجلس الوزراء المصري، إن الدولة تدرس الإجراءات اللازم اتخاذها بعد فشل المفاوضات الفنية مع السودان وأثيوبيا حول سد النهضة، مؤكدا أن مصر تدرس الوضع على كافة الأصعدة، باعتبار أن الأمن المائي من العناصر الجوهرية للأمن القومي المصري.
ولم يوضح البيان الذي صدر أمس، طبيعة هذه الإجراءات التي قد تلجأ إليها مصر، لكن خبراء وسياسيون يطالبون بتدويل القضية وتوجه النظام إلى مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وتقديم شكوى ضد السودان وإثيوبيا، فيما طالب بعض أنصار النظام باللجوء للخيار العسكري، ومن بينهم الناشط السياسي المقرب من دوائر السلطة إبراهيم الجارحي.
وكانت مصر قد أعلنت يوم الاثنين الماضي، رسميا، ولأول مرة، فشل مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، وسط تحذيرات من الخبراء من تعرض البلاد لكارثة مائية قريبا.
ويقول مراقبون إن هذا البيان يعد أحدث دليل على نفاذ صبر مصر إزاء المماطلة الأثيوبية، حيث كان من المفترض صدور التقرير النهائي للمكاتب الاستشارية لسد النهضة في آب/ أغسطس الماضي، لكن التقرير الأولي له لم يصدر حتى الآن، في وقت لم تتوقف فيه أديس أبابا عن استكمال أعمال الإنشاءات بالسد، ما يعني أن أي تعديلات تطلبها المكاتب الاستشارية على المشروع ستكون غير قابلة للتنفيذ.
لدينا خطة
وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري أشرف سلطان، في تصريحات تلفزيونية مساء الأربعاء، إن الفترة القادمة ستشهد سيناريوهات مختلفة في التعامل مع ملف سد النهضة تتمثل في خيارات وبدائل وأسلوب تعامل مختلف، كاشفا عن وجود خطة تحرك واضحة وبدائل مختلفة لحل الأزمة.
اقرأ أيضا: بعد توقف مباحثات لسد النهضة هل أضاع السيسي نهر النيل؟
وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد إن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيلتقي رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، مشيرا إلى تواصل الاتصالات السياسية المباشرة بين البلدين حول هذه القضية.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري في مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن الموقف الحالي لمفاوضات سد النهضة يدعو للقلق، محذرا من أن الأمن المائي مكون رئيسي للأمن القومي المصري ولا تسمح بالمساس به.
وكان وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبدالعاطي قد أكد يوم الثلاثاء الماضي أن مفاوضات سد النهضة قد فشلت، مؤكدا أن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 تشرين الثاني /نوفمبر بمشاركة وزراء الموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا لم يتوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة.
السياسة ما زالت ممكنة
الخبير في الشأن الأفريقي محمد شوقي استبعد احتمال لجوء مصر إلى التدخل العسكري لحل الأزمة، مؤكدا أن الأمور لن تتطور إلى هذا الحد.
وأضاف شوقي، في تصريحات لـ "عربي21"، أنه حتى الآن ما زال أمام مصر فرصة للتوصل لحل دبلوماسي خصوصا وأن أكبر ممول للسد ومشروعاته هو أحد الأمراء السعوديين المحتجزين حاليا، وإذا استطاع النظام ممارسة بعض الضغوط عليه من خلال علاقات السيسي الجيدة بالنظام السعودي فإن إثيوبيا قد تعاود التفاوض مرة أخرى مع مصر.
اقرأ أيضا: هل يموت نهر النيل؟ خبراء يجيبون ويطرحون البديل
وأشار إلى أن مصر وقعت مع إثيوبيا والسودان اتفاق مبادئ ثلاثيا حول سد النهضة، لكن المشكلة أن هذا الاتفاق لم يتم تفعيله حتى الآن بسبب الكارثة الكبرى التي تضمنها وهي أنه اتفاق خالٍ من أي ضمانات لتنفيذه، ما يعني أنه لا يمثل أي ورقة ضغط حقيقية على إثيوبيا.
وأضاف أنه لو وصل الأمر إلى تقديم شكاوى ضد إثيوبيا في مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية فهذا أمر جيد، لافتا إلى أن الإدارة المصرية يجب أن تمارس كل الضغوط والتصعيد في إطار مساعيها لحل أزمة السد قبل أن تقبل البلاد على مستقبل مجهول.
حل عسكري أو مخابراتي
من جانبه قال خبير الموارد المائية نادر نور الدين إن إعلان الحكومة فشل المفاوضات الفنية رسميا يعني أن الطرق الودية قد انتهت إلى الأبد.
وأضاف نور الدين لـ "عربي21"، أنه لم يعد أمام مصر حلول كثيرة سوى إجبار الإثيوبيين على سماع وجهة النظر المصرية حتى لو وصل الأمر إلى استعمال القوة العسكرية، موضحا أن وزارة الري والخارجية أدارتا أزمة سد النهضة بطريقة سيئة للغاية، حتى وصلنا إلى هذه الكارثة، ولابد من يكون هناك تدخل عسكري أو عمل مخابراتي لحل هذه الأزمة.
وحذر من أنه لو استمر بناء سد النهضة فإن خزانه سيستحوذ على كل المياه الخارجة من المنبع أي أكثر من 200 مليار متر مكعب، في حين أن مصر كانت تأخذ 55 مليار متر مكعب هي قيمة حصتها السنوية من المياه، لذلك يجب أن تتمسك مصر بحقوقها التاريخية وحصتها من المياه، محذرا من أنه لو قلت هذه الحصة فإن مصر ستواجه جفافا مائيا شديدا بسبب محدودية مواردها المائية.