هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دخلت إعلامية بارزة، ومديرة صحيفة بالجزائر، في إضراب عن الطعام، احتجاجا على ما وصفته "التضييق الممنهج من طرف السلطة من خلال حرمان صحيفة الفجر من الإشهار الحكومي"، في وقت يشتكي الصحفيون الجزائريون من تضييق غير مسبوق على حرية الصحافة والتعبير.
وقالت الإعلامية حدة حزام في تصريح لـ"عربي21"، الثلاثاء، إن "صحيفة الفجر التي أديرها حرمت من الإشهار الحكومي منذ ثلاثة أشهر، مما أدخل الصحيفة في وضع متأزم وأضحت عاجزة عن تسديد رواتب موظفيها وصحفييها".
واتهمت حزام أطرافا بالسلطة، بالوقوف وراء "محاولة اغتيال الصحيفة بسبب كتاباتي ومواقفي السياسية"، مشيرة بذات التصريح، إلى أن "القطرة التي أفاضت الكأس محاولة هذه الأطراف الانتقام مني بعد مداخلتي بقناة "فرانس24" الفرنسية قبل أيام، حيث تطرقت إلى مسألة من يتحكم بمركز القرار في الجزائر؟".
وحظيت حدة حزام بحملة تضامن واسعة النطاق من طرف إعلاميين جزائريين وأجانب، وأيضا من طرف المعارضة السياسية في البلاد.
وقال وزير الاتصال الجزائري جمال كعوان، للصحفيين، تعليقا على دخول الإعلامية البارزة والمعارضة، حدة حزام، بإضراب عن الطعام، إن "حزام زميلتي وصديقتي وأكن لها كل الاحترام".
وتابع كعوان: "ليس هناك أي تسييس بالتعامل مع قضية صحيفة الفجر"، معتبرا أن الكثير من الصحف توقفت لأسباب مالية ناجمة عن سوء التسيير". وزاد عن ذلك قائلا: "تعرفون أن الأزمة الاقتصادية طالت الكثير من المؤسسات الإعلامية وكذلك قطاع الإعلانات".
قضية سياسية ..
غير أن الإعلامية حدة حزام، نفت كون "القضية غير سياسية"، كما أوضح الوزير كعوان، موضحة في تصريحها أن "وزير الاتصال في تصريحاته حول قضيتي يقول كلاما غير صحيح". وتابعت: "لم أتلق إلى حد الساعة، أي اتصال من أي جهة رسمية، على الرغم من إعلاني المسبق عن الإضراب عن الطعام.. هناك صمت مطبق من السلطات".
وتعيش الصحافة الجزائرية أسوأ مرحلة لها منذ سماح السلطة بتأسيس صحف خاصة بموجب الانفتاح الدستوري الذي أقر العام 1989، ولجأت عديد الصحف كما الفضائيات إلى الغلق بسبب شح المداخيل وانعدام الموارد الإعلانية، خاصة بعد الأزمة المالية التي تخنق الاقتصاد الجزائري منذ العام 2015، إثر تدهور أسعار النفط.
غير أن قطاعا واسعا من العائلة الإعلامية بالجزائر، يعتبرون أن "تحجج السلطة بتراجع مداخيل النفط على أنه سبب تراجع الصفحات الإعلانية للصحف والقنوات، لا أساس له من الصحة"، كما يعتقد الإعلامي المخضرم أحمد بنور في تصريح لـ"عربي21".
كيل بمكيالين!
ويتساءل بنور: "إذا كان الوضع على هذا النحو، لماذا لم تمس الأزمة المالية الصحف والقنوات الموالية للنظام؟". قبل أن يضيف: "لقد اتخذت السلطة من الأزمة المالية ذريعة لدفع الصحف والفضائيات الحرة والمستقلة إلى الاختناق الذاتي، والملاحظ أن هذا يحدث بالتوازي مع حملة تكميم الأفواه من خلال تهديد الصحفيين المستقلين بالسجن".
ودفعت سياسة الخنق التي تنتهجها السلطات بالجزائر، بحق الصحفيين، بحسب ملاحظين، العديد من الإعلاميين المستقلين إلى التعبير عن آراءهم عبر منصات التواصل الإجتماعي.
وقالت حدة حزام، المضربة عن الطعام: "لن أتراجع عن إضرابي ما لم تعد الحقوق للصحيفة التي أديرها.. أنا مؤمنة بأنها ستنتزع حقوقها، انطلاقا من قاعدة "ما ضاع حق وراءه طالب"".
وانقرض أكثر من 16 عنوانا صحفيا بالجزائر، منذ كانون الثاني/ يناير 2016، كما تواجه الصحف القائمة، وضعا خانقا والكثير منها لم يتلق موظفوها وصحفيوها رواتبهم.
وتشير إحصاءات قامت بها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، شهر أيلول/ سبتمبر، الماضين إلى أنه "لو استمر الوضع المأساوي الذي تعيشه الصحف سيتقلص عددها من 149 عنوانا إلى 10 عناوين فقط، إلى منتصف العام المقبل 2018".
وقرر مؤسسو الصحيفة العريقة "لاتربين" الناطقة بالفرنسية، شهر أكتوبر/ تشرين الأول، توقيفها عن الصدور بسبب العجز المالي، وقبلها توقفت جريدة "الجزائر نيوز"، بالإضافة إلى سبع صحف توقفت عن الصدور العام الماضي وهي "الأجواء" و"الوسيط المغاربي"، و"الحرية"، و"لا ناسيون"، الناطقة بالفرنسية وجريدة "الصحيفة" وجريدة "إيتي ماغ".
كما توقفت القناة الفضائية "الخبر تيفي" وقناة "الوطن" عن البث.
وشدد عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور، في تصريح لـ"عربي21"، على أن "هناك خطة مدروسة لغلق الصحف المستقلة و الحرة".
وشهدت المحاكم الجزائرية في الآونة الأخيرة محاكمات طالت صحفيين ومدونين بسبب منشوراتهم المعادية للسلطة وطالب قدور "بإطلاق سراح الإعلاميين والمدونين والمصورين المحتجزين والمسجونين على خلفية منشوراتهم"، معتبرا مطاردة الصحفيين "اعتداء صارخا على القوانين وأدنى حقوق المواطنة".
ودانت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في تقرير لها، خلال السداسي الأول من العام الجاري 2017 ما أسمته "تضييق السلطة بالجزائر على حرية الصحافة وكتابات الصحفيين"، وقالت إن "السلطة بالجزائر أصبحت ترهب الصحافة".