اقتصاد عربي

هل تتعافى الصناعات السودانية من كبوتها بعد رفع العقوبات؟

يقدر عدد المصانع في السودان بنحو 6660 مصنعا- جيتي
يقدر عدد المصانع في السودان بنحو 6660 مصنعا- جيتي

خلت عقود على السودانيين، كانوا خلالها يستمتعون بصوت ماكينات المصانع، وصافرات التوقيت التي تهز المناطق الصناعية في أرجاء البلاد.


و"راحت" أيام كانت أثناءها المصنوعات السودانية "تستطيع" منافسة وصيفاتها في الأسواق العالمية؛ وأصاب التدهور الصناعات في مقتل.


ما تزال ذاكرة المواطنين في البلد الإفريقي، مثقلة بما كانت تنتجه مصانع الغزل والنسيج، لتغذي به الأسواق العالمية في سبعينات القرن الماضي، وما تزال تحتفظ بسيرة مصانع شهيرة مثل "ألبان بابنوسة، ومناسج أنزارا".


معظمها، صناعات تحويلية بسيطة، لكن دوران ماكيناتها، كان يعني للناس الكثير، ويمنح المنتجات السودانية "قيمة مضافة"، لكنها توقفت لأسباب اقتصادية وسياسية، و"أجهزت" العقوبات الأمريكية والحصار الاقتصادي على معظمها.


أرقام كبيرة

 
يقدر الخبراء عدد المصانع في البلاد بنحو 6660 مصنعاً، تنتج سلعاً مختلفة، أبرزها: "السكر، والإسمنت، والمواد الغذائية، وصهر الحديد، إضافة إلى صناعة الزيوت والتغليف، والجلود، وبعض الصناعات الهندسية".


لكن نسبة كبيرة منها توقفت؛ وتقول تقارير حكومية إن نسبتها 30 بالمائة من المصانع العاملة، لكن بحوثا ودراسات "مستقلة" تشير إلى أن عدد المصانع التي همدت ماكيناتها تتعدى نسبتها 80 بالمائة.


وتعترف الحكومة السودانية بوجود عوائق، تعترض طريق الصناعة السودانية، وتقف أمام تقدمها وتطورها، تتمثل في قلة الموارد، وصعوبات تمويلية، وتقنية واجتماعية تتعلق بملكية المصانع في البلاد.


ويساهم القطاع الصناعي، في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 20 بالمائة من جملة مساهمات القطاعات الإنتاجية الأخرى.


رغم هذه الصعوبات، فإن وزارة الصناعة متفائلة بأن يكون رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد فجراً جديداً للصناعة السودانية.


وكان وزير الدولة بالصناعة عبده داوود، قد ذكر في تصريحات سابقة، أن قرار رفع العقوبات، سيحل المشكلات التمويلية والتقنية، التي كانت تقف حجر عثرة أمام المصانع.


ويوضح أن عودة السودان إلى السوق العالمية، تتيح تمويل المصانع، ويمكنها من استيراد الماكينات الحديثة، وقطع الغيار اللازمة للمصانع المتوقفة.


ورفعت الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات الاقتصادية عن السودان في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد أن فرضتها عليه منذ 1997 تحت مزاعم دعمه للإرهاب.


وتقول دراسة حديثة أعدتها وزارة الصناعة واتحاد الغرف الصناعية السودانية، إن عدد المصانع المتوقفة عن العمل يصل إلى 1480 مصنعاً معظمها تقع بالعاصمة الخرطوم.


صناعة الغزل الأسوأ

 
وتمثل صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، النسبة الأعلى بين المصانع المتوقفة، وتصل إلى 46 بالمائة.


ويوضح مدير مصنع الشركة العربية للغزل والنسيج المتوقف عن العمل، نجيب الفكي، أن صناعة النسيج في البلاد تدهورت أسوة بغيرها من الصناعات، بيد أنه يصف التدهور فيها بأنه الأسوأ بين الصناعات الأخرى.


ويحصر الفكي أسباب تدهور صناعة الغزل والنسيج، بعدم وجود مصادر تمويلية للصناعة، وعدم مواكبة المصانع الحالية للتقنيات الحديثة، علاوة على عدم وجود كوادر مؤهلة.


وشكا من اعتماد البلاد في السنوات الأخيرة، على استيراد الملابس الجاهزة، رغم توفر الموارد التي من شأنها جعل صناعة الغزل والنسيج المحلية رائدة في تصنيع الملابس.


وتعطلت 13 مصنعاً للغزل والنسيج من جملة 17 مصنعاً، وتراجع الإنتاج من 63.540 ألف طن، إلى نحو 38.826 ألف طن.


دعم الصناعة

 
يشدد الفكي على أهمية دعم الحكومة للصناعات، سيما صناعة النسيج، والتي من الممكن أن تسد الحاجة المحلية، وتصدر الفائض، بعد ارتفاع إنتاجية القطن في الأعوام الماضية، ودعا لعدم تصدير القطن خاماً، طالما يمكن تصنيعه محلياً.


وقال نائب رئيس دائرة الصناعة بمؤسسة سودان فاونديشن، هيثم محمد فتحي: "الإشكالات التي تواجه القطاع الصناعي، تتمثل في ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج".


ويضيف أن عددا كبيرا من المصانع خرجت من الخدمة، بسبب عدم توفر مصادر الطاقة والوقود، سيما مصانع الإسمنت التي تعتمد على وقود الفيرنس.


ويشير فتحي إلى ما يسميه "تعدد الرسوم والجبايات" التي تفرضها الحكومة على المصانع، فتؤدي لارتفاع كلفة إنتاج المنتجات، وبالتالي تفقد قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.


كان اتحاد الغرف الصناعية قد دعا في توصيات دفع بها للحكومة الأسبوع الماضي، إلى تبني سياسات تشجيعية للصناعات التحويلية، وتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره في القطاع الصناعي.


وشددت التوصيات على مراجعة بعض القوانين السارية وتعديلها، لاسيما تلك الخاصة بالضرائب ورسوم من المصانع.


وينتظر الكثير من أصحاب المصانع المتوقفة، إعمال وتطبيق الحلول التي دفع بها اتحاد الغرف الصناعية. وينظرون إلى متخذ القرار بعين الأمل لإصلاح القطاع الصناعي، لتدور ماكينات المصانع بعد توقف دام طويلاً.

التعليقات (0)