هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي والناشط بن وايت، يقول فيه إن عدم زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبريطانيا رسميا مبرر؛ بسبب حجم المعارضة الذي ستلاقيه مثل هذه الزيارة.
ويقول وايت إن "ترامب رجل قاد حملة انتخابات عنصرية، وأتى بالقوميين اليمينيين المتطرفين إلى سدة الحكم، الذين يعادون بشكل علني مؤسسات مثل الأمم المتحدة".
ويستدرك الكاتب بأن "رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قابلت في لندن هذا الأسبوع زعيما عالميا آخر، يمكن وصفه بالأوصاف السابقة ذاتها، بل وأسوأ منها: إنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
ويشير وايت في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها نتنياهو لندن هذا العام، وزيارته هذه المرة هي بهدف الاحتفال بمرور مئة عام على وعد بلفور، وهي وثيقة اختصرها جدعون ليفي بالقول: (إمبراطورية وعدت بأرض لم تغزوها، لأناس لا يعيشون فيها، دون سؤال سكانها)".
ويتساءل الكاتب قائلا: "لكن، وإن كان التركيز على التاريخ، لماذا يرحب بنتنياهو، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يحصل على الأرض اليوم؟ فزعيم حزب الليكود يرأس حكومة تكثف عملية الاستيطان في أنحاء الضفة الغربية، وتهدف إلى بناء 12 ألف وحدة استيطانية هذا العام".
ويبين وايت أن "التحريض ضد الفلسطينين ورفضهم أمر روتيني بالنسبة للسياسيين الإسرائيليين الكبار، كما أشار إلى ذلك تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية: (يعارض أعضاء بارزون في تحالف نتنياهو الحاكم فكرة دولة فلسطينية، ويدعون إلى ضم معظم الضفة الغربية)".
ويلفت الكاتب إلى أن إسرائيل صادقت منذ وقت قريب على توسيع كبير لمستوطنة في حي فلسطيني في القدس الشرقية، وكذلك بناء أول بيوت استيطانية في الخليل منذ 15 عاما، مشيرا إلى أن مسودة القانون تتضمن "التحرك العملي الأول" لضم أراض من الضفة الغربية منذ عام 1967، في الوقت الذي يعلن فيه قانون آخر بأن اليهود فقط لهم الحق في تقرير المصير في إسرائيل، وليس "الإسرائيليين".
ويؤكد وايت أن "الفلسطينيين يواجهون تمييزا عنصريا ممنهجا في النقب، والمجتمع في أم الحيران مهدد بالدمار الكامل؛ ليتم إقامة مجتمع يهودي مكانه، وهناك مصير مشابه ينتظر خان الأحمر في الضفة الغربية".
ويورد الكاتب أنه بحسب الأمم المتحدة، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت منذ بداية عام 2017، 46 فلسطينيا، وجرحت 3445 آخرين، وهدمت 374 مبنى "مشردة 588"، بالإضافة إلى أنه كان هناك 55 توغلا إسرائيليا في غزة هذا العام فقط، ويقول وايت: "أنا أعلم أنكم ربما لم تسمعوا بها".
ويفيد وايت بأن "نتنياهو يرأس نظاما يقوم بإغلاق وسائل الإعلام، ويعتقل الصحافيين، ويسجن الناشطين الفلسطينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، دون توجيه تهمة لهم، ودون محاكمتهم، ويحاكم الأطفال في المحاكم العسكرية، التي تصل نسبة الإدانة فيها إلى 99%".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا (جزء قليل) من واقع الفلسطينيين اليومي على أيدي السلطات الإسرائيلية، ومع ذلك يرحب بنتنياهو بصدر مفتوح من الحكومة البريطانية".
ويتساءل وايت قائلا: "ما الذي يجب على بريطانيا فعله؟ فالتعبير عن دعم (السلام) والتصريحات الشكلية والانتقادات ليست كافية، بالإضافة إلى أنه لا جدوى من انتظار أن ينتخب الإسرائيليون حكومة جديدة -كما كتبت الأسبوع الماضي- فإن المعارضة الإسرائيلية تريد فقط نظام أبارثايد (أكثر ذكاء)، والانتقاد السري و(التفاعل البناء) أثبتا أيضا عدم فاعليتهما، كما يظهر من قضية الأطفال الفلسطينيين في سجون الجيش الإسرائيلي".
ويوضح الكاتب أن إسرائيل قامت العام الماضي بإلغاء زيارة كانت مقررة لوفد متابعة من كبار المحامين البريطانيين، الذين كتبوا تقريرا عام 2012، حول "الأطفال في معتقلات الجيش"، مشيرا إلى أنه بعد خمس سنوات، لا تزال إسرائيل لم تطبق التوصيات التي وردت في التقرير، و"دون أي تبعات".
ويقول وايت: "ما نحن بحاجة ماسة له هو الفعل والمساءلة، وعلى السياسة البريطانية أن تعكس عدم تماثل الطرفين (المحتل والواقع عليه الاحتلال)، وأهمية القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان بصفتهما مرجعية، والمساءلة على الانتهاكات لذلك القانون ولتلك الاتفاقيات".
ويذهب الكاتب إلى أن "هناك إجراءات عملية يمكن للحكومة البريطانية أن تتخذها، بما في ذلك التوقف عن منح رخص تصدير السلاح للجيش الإسرائيلي، وحظر على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، والاستفادة من تحذيرات مفوضية الجمعيات الخيرية (مؤسسة حكومية مسؤولة عن تسجيل ومراقبة الجمعيات الخيرية)، بأن تقديم المنح للمستوطنات الإسرائيلية قد يشكل انتهاكا للقانون".
ويقول وايت: "على الممكلة المتحدة أن تجعل علاقاتها الثنائية مع الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك ما يتعلق بالترتيبات التجارية، مشروطة باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "العالمة والناشطة الفلسطينية البريطانية يارا حواري كتبت في حزيران/ يونيو: (الماضي ليس في الماضي.. حيث تستمر بريطانيا في التواطؤ في معاناة الفلسطينيين، من خلال علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل) إنهاء هذا التواطؤ سيشكل أفضل صيغة للاعتذار".