نشرت صحيفة "
تاغس تسايتونغ" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى مستقبل مدينة
الرقة بعد انسحاب
تنظيم الدولة منها.
وقالت: "في الغالب، لن تنعم المدينة بالهدوء في ظل تواصل التجاذبات السياسية وبقائها دون حل، مع العلم أن مسرح المعركة سيتحول إلى شرق
سوريا".
وأوردت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن صراعا يلوح في الأفق بين العرب والأكراد حول مدينة الرقة بعد انسحاب تنظيم الدولة منها، وذلك على الرغم من محاولة القوات الأمريكية المنتصبة هناك الحفاظ على وحدة
التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
ومن المرجح أن القوات الأمريكية ستفشل في الحفاظ على لحمة التحالف الدولي، لا سيما، وأنه قد انهار بعد هزيمة التنظيم في العراق.
وأكدت الصحيفة أنه رغم خسارة تنظيم الدولة جزءا كبيرا من مناطق نفوذه في كل من العراق وسوريا، إلا أن المنطقة لن تنعم بالهدوء في ظل تواصل وجود مليشيات تنظيم الدولة في كل من نهر الفرات ومدينة دير الزور في شرق سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن التنظيم سيعمد إلى استغلال التجاذبات السياسية التي تعاني منها البلاد حتى يتمكن من الإبقاء على نفوذه، في حين سيعمل على استقطاب المزيد من المقاتلين.
في الأثناء، ظهرت بوادر معارك حول مناطق نفوذ تنظيم الدولة، في ظل تقدم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه شرق سوريا، قادمة من شمال سوريا من ناحية، وتحرك جيش النظام السوري وحلفائه القادمين من الجنوب للوصول للمنطقة ذاتها، من ناحية أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن الصراع العربي الكردي تحول إلى مدينة كركوك النفطية في شمال العراق.
وقالت: "في الحقيقة، كشفت العمليات في مدينتي كركوك وسنجار خلال الأيام الماضية أن التحالف ضد تنظيم الدولة بين العرب والأكراد قد انهار، في حين أنه قد تفكك أيضا في صفوف الأكراد في حد ذاتهم".
وبينت الصحيفة أن سياسة التقسيم التي اعتمدتها الحكومة المركزية في بغداد بعد ثلاثة أسابيع من إجراء الاستفتاء الكردي قد آتت أكلها في صلب إقليم كردستان العراق الذي يعاني من هشاشة مؤسساته.
فضلا عن ذلك، بقي الإقليم حبيس الخلافات التقليدية بين البارزانيين الذين يسيطرون على مدينتي أربيل ودهوك إلى جانب غرب الإقليم والطالبانيين، الذين يبسطون نفوذهم على مدينة السليمانية وشرق الإقليم.
وأوردت الصحيفة أن البارزانيين حاولوا منذ ثلاثة أسابيع وضع يدهم على جُل إقليم كردستان العراق عن طريق الاستفتاء الذي شارك فيه الطالبانيون على مضض، نظرا لأنهم لا يريدون الظهور في ثوب اللاوطنيين.
وذكرت الصحيفة أن البارزانيين يرغبون في الاستقلال عن بغداد، بينما يراهن الطالبانيون على فكرة الانفصال عن البارزانيين بالتنسيق مع الحكومة العراقية، مع العلم أن هذا التحالف بين الطالبانيين والحكومة العراقية أسفر عن الاتفاق القاضي بانسحابهم من مدينة كركوك.
وفي ظل هذه الوضعية، يعد كل من البارزانيين والطالبانيين الطرف الخاسر.
وفي الأثناء، ستحاول الأطراف المتطرفة على غرار حزب العمال الكردستاني والسلفيين استغلال الفراغ السياسي للسيطرة على شمال العراق.
وأفادت الصحيفة أن الحكومة العراقية ستستفيد للغاية من هذه الوضعية خاصة وأن القوات الكردية قد انسحبت خلال الأيام الماضية من كركوك وسنجار.
في المقابل، يجب على الحكومة أن تتعامل بحذر مع هذه الوضعية، وأن لا تبالغ في الاحتفال بالنصر خشية توحيد الأكراد لصفوفهم.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن منطقة الشرق الأوسط لن تنعم بالاستقرار بعد انهيار تنظيم الدولة، بل ستزداد الأوضاع تعقيدا في كامل المنطقة.
عموما، يبدو أن الشرق الأوسط مقبل على تجدد الخلافات التي اعتبرها الكثيرون من الماضي.