أثارت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإسرائيل تساؤلات كثيرة، حول تأثير هذه الزيارة على المبادرة العربية التي أطلقها ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز في عام 2002، وتبنتها جامعة الدول العربية مشترطة قبول إسرائيل ببنودها لأجل التطبيع الكامل للدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن اسمه، أن ولي العهد السعودي ابن سلمان هو الأمير السعودي الذي تحدثت تقارير إعلامية عن زيارته إلى إسرائيل سرا.
وتهدف المبادرة التي أطلقتها السعودية في القمة العربية في بيروت قبل 15 عاما، لإنجاح عملية السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، من خلال إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين البلدان العربية مع إسرائيل.
وحول مستقبل المبادرة العربية في ضوء هذا التطبيع وهذه الزيارات، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الدكتور عبد الستار قاسم: "إن العرب سيغيرون هذه المبادرة وسيقدمون تنازلات جديدة لإسرائيل"، متوقعا أن الموقف الإسرائيلي الرافض لها لن يتغير.
ويؤكد قاسم في حديث خاص لـ "عربي21" أن مثل هذه الزيارات تُمثل "تأهيلا للحكام الجدد لكسب الولاء الإسرائيلي والأمريكي قبل الحصول على أوراق اعتماد من القوى المتحكمة بالأنظمة العربية".
ويتفق المحلل السياسي هاني حبيب مع قاسم في "أن المبادرة العربية لفظت أنفاسها منذ وقت طويل".
ويشير حبيب لـ "عربي21" إلى هناك محاولات إسرائيلية لتعديل المبادرة، بحيث ينتقل بند التطبيع مع الاحتلال للبند الأول، مبينا أن "إسرائيل تسعى أن يكون أي استئناف للمفاوضات العربية أو الفلسطينية معها يبدأ بالتطبيع الكامل ومن ثم الشروع بالمفاوضات وليس العكس كما تصرحه المبادرة العربية بصيغتها الأولى".
ويؤكد حبيب بأنه "لا يوجد حديث عن المبادرة العربية وهناك بديل وتوافقات عربية للتطبيع مع إسرائيل على خلفية ما يسمى المؤتمرات الإقليمية، من أجل تنفيذ ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة الرياض"، مضيفا أن "هناك عملية استبدال للخصوم في المنطقة".
يذكر أن نتنياهو أعلن في السادس من أيلول/ سبتمبر أن "هناك تعاونا على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقات سلام"، موضحا أن هذه الاتصالات "تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقا من تلك التي جرت في أي حقبة سابقة من تاريخ إسرائيل".
ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح: "إسرائيل تراهن على أن العرب سيعودون إليها دون أي اشتراطات"، لافتا إلى أن مستقبل القضية الفلسطينية لن يتأثر نتيجة هذه الزيارات والتطبيع العربي حتى لو تطور الأمر لتطبيع وزيارات علنية، قائلا "العرب يتبعون ما يقوم به الفلسطينيون وليس العكس".
ويتابع قاسم: "إذا قرر الفلسطينيون التراجع فيما صنعوه منذ اتفاق أوسلو فحينها يمكن التنبؤ بشيء أفضل للقضية"، مردفا بقوله: "المبادرة العربية ليست في حسبانهم الآن والزعماء العرب يعملون لتقديم كل ما يرضي إسرائيل والزيارات تأتي من أجل التطبيع".
ويتفق المحلل السياسي حبيب على أن العرب لا يتحدثون عن المبادرة العربية وكل اهتمامهم الآن في الحديث عن المؤتمر الإقليمي المقرر برعاية الولايات المتحدة، منوها إلى أن هناك استثمارا لما يحدث في المنطقة العربية ليصبح الاحتلال الإسرائيلي حليفا، متوقعا في الوقت ذاته أن يؤدي ذلك لتراجع القضية الفلسطينية والداعمين المفترضين لها.