فتح فقدان إقليم
كردستان سيطرته على مدينة
كركوك ومدن أخرى متنازع عليها في
العراق كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة الكردية، باب التساؤل واسعا حول مصير الحلم الكردي في إقامة دولتهم، الذي كان من المفترض أن يكون الخطوة الثانية عقب إجراء استفتاء للانفصال عن العراق.
واستعادت القوات العراقية، السيطرة على كركوك ومدن أخرى كانت تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية في محافظات ديالى وصلاح الدين والموصل، ضمن عمليات عسكرية أطلقها رئيس الحكومة، حيدر العبادي، أمس الاثنين.
وأدت تلك العمليات إلى إحداث شرخ في العلاقة بين الحزبين الكرديين، وهما الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود
البارزاني، والاتحاد الوطني، الذي تديره هيرو أحمد زوجة زعيمه السابق جلال الطالباني، حيث تبادل الجانبان اتهامات بـ"الخيانة".
مصير الاستفتاء
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي يحيى الكبيسي إن "حلم
الدولة الكردية سيبقى قائما، لكن سيبقى حلما، لكن المشكلة تبينت أنها في إقليم كردستان نفسه".
ولفت إلى أن "العلاقة بين السليمانية وأربيل لم تعد علاقة قادرة على الاستمرار وأغلب الظن سيكون لدينا إقليمان، وهما إقليما أربيل والسليمانية".
والأهم من ذلك، بحسب حديث الكبيسي لـ"
عربي21"، فإنه "لا يعرف حتى الآن ما هي الصفقة التي أنجزها قاسم سليماني مع جناح عائلة جلال الطالباني، وما مكاسبهم في مقابل هذه الصفقة، وهل ستكون لهم السيطرة على كركوك بوجود القوات الاتحادية".
وأشار إلى أن "أربيل بدأت تتمدد في الفترة الأخيرة داخل كركوك، وهذا يشكل نوعا من التشكيك بمصالح العائلة الطالبانية، وبالتالي علينا أن ننتظر قليلا حتى تهدأ هذه الزوبعة لنكتشف ما هي حدود الصفة والمكتسبات التي يتعود على عائلة الطالباني؟".
وبخصوص مصير الاستفتاء، قال الكبيسي: "لا نستطيع أن نلغي النتائج، لكن بالإمكان أن نتجاوز النتائج وهذه الورقة التي سيستخدمها المتشددون داخل إقليم كردستان ورقة ضغط للانفصال كون أن 92 بالمائة من الكرد صوتوا لصالحه".
واستدرك قائلا إن "حلم الدولة الكردية سيبقى قائما، لأنه ليس وليد اليوم وإنما هو يعود إلى بدايات القرن العشرين وتحديدا 1915 كان هناك حديثا لإقامة دولة كردية، لكن ليست ثمة شروط حقيقة موضوعية لإقامة هذه الدولة وهذا هو المعوق الأساسي".
وبشأن توجيه القوات العراقية في المرحلة المقبلة، قال الكبيسي إنه "ربما ستقف عند الخط الأزرق (حدود ما قبل عام 2003) أو أقل من ذلك، وهذا ما حصل من اتفاق ببقاء قوات البيشمركة التابعة لحزب الطالباني في جلولاء بمحافظة ديالى".
إعلان الدولة
من جهته، قال نائب عن التحالف الكردستاني إن "الأحداث التي جرت في كركوك أحدثت اضطرابا داخل إقليم كردستان وفي العراق بشكل عام، وأيضا على المستوى الإقليمي، وربما إقامة دولة كردية سيتأخر لأن الوقت غير مناسب".
وقال مثنى أمين في حديث لـ"
عربي21" إن إقليم كردستان العراق لم يكن يهدف بالأساس من إقامة استفتاء إلى إعلان دولة، وإنما من أجل إحداث نوع من الحوار، لكن الأحداث في كركوك ربما ستؤخر المسألة هذه".
وأضاف أن "الأحدث التي جرت في كركوك، قد تغير بعض المواقع وسيكون هناك وقائع جديدة على الأرض، قد تؤدي إلى الاستقرار أو عكس ذلك"، مشيرا إلى أن "الأمر يحتاج إلى الحكمة لمعالجتها، وأنا أعتقد أن الطرفين يفتقدان للحكمة (أربيل وبغداد)".
ولم يستبعد النائب الكردستاني، من أن "ما جرى من عملية استفتاء وما تبعها من تداعيات لاسيما في كركوك، أن تكون مرسومة مسبقا لاستدراج الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني، وأن العملية تشير إلى أن فيها إحراجا أكثر للبارزاني".
ولفت مثنى إلى أن "الإحراج كذلك للحكومة العراقية، لأن الشرطة الاتحادية أحرقت العشرات من البيوت وروعت مئات الآلاف في كركوك، وقضاء طوزخرماتو في صلاح الدين، لأن الأمر لم يتم بسلاسة وحكمة، وبعيدا عن دماء الناس".
وبخصوص تبني أطراف داخلية عراقية وإقليمية مبادرة للحوار، قال النائب إن "هناك جهودا في هذه الاتجاه، لكنها في ظل هذا التوقيت والظروف لن تكون مناسبة، وربما يحتاج الأمر إلى بعض الوقت حتى تتبين الأمور ومقاصد الأطراف جميعا".