نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتبة شافية قاضي، حول دراسة كشفت عن أثر الثقافة
الغربية والاستعمار في انتشار معدلات
البدانة في دول
العالم النامي.
وتقول الكاتبة إن الإحصائيات الجديدة تكشف عن مدى انتشار وباء السمنة بين الأطفال، بزيادة النسبة عشرة أضعاف في العقود الأربعة الأخيرة، مشيرة إلى أنه في الوقت ذاته، فإن معدلات السمنة المفرطة بين الأطفال في الولايات المتحدة وبريطانيا وصلت إلى أعلى مستوياتها.
وتجد قاضي في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "السبب في هذه الزيادة هو ثقافة
الوجبات السريعة: البطاطا المقلية والبرغر والبيتزا والمشروبات الغازية، التي أصبحت جزءا مهما من حياة الأطفال، وأصبحت عادة شراء البطاطا المقلية بعد انتهاء اليوم الدراسي جزءا من حياة الأطفال، وليس من الصعب الحصول على وجبات سريعة ورخيصة في بريطانيا".
وتشير الكاتبة إلى أن "هذه المنتجات وجدت طريقها للعالم الثالث، ونقلت معها الدافعية للبحث عن المنتجات الرخيصة والغنية بالسعرات الحرارية والدهنيات، ومن المناطق الأكثر تأثرا بهذه الظاهرة، الصين والهند وبولونيزيا وميكروسينيا في المحيط الهادئ، وبالنسبة للدولة الأخيرة فإن نصف سكانها من الأطفال، إما أنهم يعانون من زيادة في الوزن أو يعانون من السمنة المفرطة، ورغم تراجع نسبة الأطفال الذين يعانون من الهزال، إلا أنها زادت على الجانب الآخر من الميزان، حيث زادت السمنة بين الأطفال".
وتلفت قاضي إلى أن "بريطانيا شهدت في العقود الماضية موجة من السمنة، إلا أن الوضع استقر، ومع ذلك فإن هناك طفلا من بين خمسة أطفال في السنة الأولى من المدرسة يعد إما سمينا أو لديه زيادة في الوزن، وتزيد الأرقام إلى نسبة 26% في المناطق المحرومة، مقارنة مع نسبة 12% في المناطق الراقية، بشكل يظهر أن الفقر والسمنة عاملان مترابطان".
وتبين الكاتبة أنه "لهذا، فليس من المفاجئ مشاهدة ظاهرة السمنة تنتشر في الدول الفقيرة، والغرب يتحمل في هذه الحالة جزءا من المسؤولية، حيث أصبحت مصر في قائمة الدول العشرين التي تنتشر فيها السمنة بشكل كبير، وتعد نسبة 35% من الشباب، إما من أصحاب الوزن الزائد أو البدانة المفرطة، حيث يعيش 22 مليون نسمة في حالة من الفقر المدقع، ففي قلب مصر، في مدينة القاهرة، يعمل الناس ساعات طويلة ويحصلون على أجور متدنية، وفي سموا (الجزيرة الجنة) في المحيط الهادئ لوحظت زيادة نسبية في البدانة، بنسبة 95%، وذلك منذ بداية استيراد السكان المنتجات الغربية والمواد الغذائية المعلبة، وقاد هذا إلى زيادة في حالات مرض السكري ومرض النوم".
وتنوه قاضي إلى أن "الدول النامية أصبحت عرضة لتأثيرات الطعام السريع القادم من أوروبا وأمريكا، حيث خططت سلسلة (كي أف سي) لتوسيع شبكة مطاعمها في الصين، بإضافة 600 فرع لها، وكذلك ماكدونالدز بإضافة ألف فرع خلال السنوات الخمس المقبلة، وسيصبح واحد من كل أربعة أطفال في سن السابعة أو ما فوق من أصحاب الوزن الثقيل بحلول عام 2030، ورغم التطور الذي حدث في الصين في نهاية القرن العشرين، إلا أن هناك الملايين الذين لا يزالون يعيشون في حالة من الفقر المدقع".
وتذهب الكاتبة إلى أن "معظم الدول التي تشهد معدلات بدانة عالية عانت من الاستعمار، بشكل قاد البعض إلى تكوين فكرة خاطئة بأن الحياة في بلد الدولة المستعمرة أفضل، ولمن يعيشون في حالات من الفقر المدقع فإنهم تخيلوا الغنى والثروة في بلاد الاستعمار، وربما كان تبني أسلوب حياة يقلد الغربيين طريقة من السكان للوصول إلى حياة قريبة من المستعمرين وطريقة حياتهم".
وتقول قاضي إنها شاهدت في زياراتها للدول النامية، بما فيها مصر، هوسا بالغرب والإعجاب به، وفي نقاشاتها مع الكثير من المصريين فإنهم عبروا عن إعجابهم ببريطانيا، واصفين الحياة فيها بأنها مثل "الجنة".
ووتفيد الكاتبة بأن "هذه الظاهرة تتجاوز الطعام السريع، لتشمل الموسيقى والتلفاز والأزياء، ففرق (وان دايركشن) و(إد شيرن) و(ذا فامب) مشهورة في هذه الدول، وفي الشهر المقبل سيتوقف (إد شيران) في أندونيسيا ويحيي فيها حفلة موسيقية، وفي الصين يتابع السكان هناك مسلسلات شهيرة، مثل (لعبة العروش) و(بيغ باند ثيوري) و(بركينغ باد)، وفي عالم الأزياء هناك منتجات (زارا) و(أتش أند أم) و(نيو لوك)، التي لها متاجر في جميع أنحاء العالم النامي، بما في ذلك مصر والمغرب وأندونيسيا، والكثير من الدول التي تعاني مشكلات بدانة تقلد الثقافة الغربية في الطعام؛ لأنها تعبير عن الغنى والثروة والحلم الغربي".
وتختم قاضي مقالها بالقول إن "موجة البدانة الغربية تعبر المحيطات إلى الدول النامية، التي تتعامل مع منتجات الغرب، وأصبحت تؤثر على صحة أبنائها".