كشف
استطلاع للرأي، أجرته في آب/ أغسطس الماضي شركة تجارية إقليمية رفيعة الشأن (ولا تعنى بالسياسة على الإطلاق)، أن غالبية الشعب
الإماراتي ترى أن الخطر الإيراني هو الأولى بالمواجهة من
قطر وجماعة
الإخوان المسلمين.
وبيّن الاستطلاع، الذي نشر نتائجه ديفيد بولوك، في تقرير له في معهد واشنطن، تناقضا صارخا، حيث تبدو المواقف الشعبية إزاء قطر وجماعة "الإخوان المسلمين" أكثر انقساما في كثير من المواقف تجاه إيران، "وهي بالتالي تمثل جزئيا نقطة اختلاف مع سياسة الحكومة الإماراتية"، وفق بولوك، الذي يعدّ من المعارضين للإسلام السياسي، ومعارضا لدولة قطر، وظهر في مؤتمر صحفي لمحمد فهمي لمهاجمة الجزيرة.
وكشف الاستطلاع أن غالبية الإماراتيين تعارض حصار قطر بنسبة 52%، مقابل 46 في المئة. وعوضا عن ذلك، تريد الأغلبية الساحقة (72 في المئة) التوصل إلى "تسوية تقدم فيها جميع الأطراف تنازلات إلى بعضها البعض؛ لبلوغ حل يرضي الجميع".
ويشير بولوك إلى أن التسوية مع قطر تحظى -على ما يبدو- بتأييد شعبي أكبر، ويمكن تطبيقها من الناحية السياسية أكثر من أي انفتاح إماراتي على جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة. وعلاوة على ذلك، فإن التوصل إلى حل وسط مع قطر قد يساعد على زيادة توافق آراء دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران. وفق بولوك.
ويعتقد بولوك أن الشعب الإماراتي ينقسم حول هذا السؤال الرئيسي: هل يحق لكل دولة عربية "أن تختار بنفسها أي جماعات سياسية ودينية تريد أن تؤويها وتدعمها، بصرف النظر عن آراء الآخرين؟" لا توافق أغلبية محدودة من الإماراتيين على هذا التصريح. لكن نحو نصفهم تقريبا (44 في المئة) يوافقون عليه، وينحازون في الواقع إلى قطر في ما يخص خلافها مع الإمارات وأقرب حلفائها العرب. على حد تعبيره.
وحول جماعة الإخوان المسلمين، قال ثلث الإماراتيين السنّة (الذين يشكلون نحو 90 في المئة من كافة المواطنين) إن نظرتهم "إيجابية نوعا ما" حيال جماعة "الإخوان المسلمين". ولم يتبدل هذا الرقم إلى حدّ كبير منذ الاستطلاع المماثل السابق، الذي أجري قبل عامين، على الرغم من حملة رسمية علنية ضد المنظمة. ويشير ذلك، وفق بولوك، إلى أن شكوكا داخلية لا تزال تساور أقلية لا يستهان بها إزاء موقف حكومتهم غير المتساهل في هذا الشأن. ونتيجة لذلك، لن تساهم أي تعديلات، سواء على صعيد السياسة أو الدبلوماسية العامة، في ضمان توافق عام حول هذه القضية، التي تبقى موضع جدال كبير.
وعندما سئل المستطلعون عن ترتيب الأولويات الأولى والثانية على صعيد سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أتت الإجابة على الشكل الآتي: "زيادة تصديها العملي لنفوذ إيران وأنشطتها في المنطقة". وقد حل "بذل المزيد من الجهود لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" في المرتبة الأخيرة، بعد مواجهة الإرهاب الجهادي أو معالجة أزمة اليمن. ولدى سؤالهم عن الخلاف الدائر بين قطر ودول "مجلس التعاون الخليجي"، قال ثلثا الإماراتيين إن "النقطة الأهم هي تحقيق القدر الأكبر الممكن من التعاون العربي ضد إيران".
وتجدر الإشارة إلى أنّ الاستطلاع أجري من خلال مقابلات وجها لوجه مع عيّنة تمثيلية شملت 1000 مواطن إماراتي، مع هامش خطأ إحصائي يقدّر بنسبة 3 في المئة. ونظرا إلى هذه المنهجية المهنية والضمانات الصارمة بالسرية، تعطي النتائج صورة غير اعتيادية وموثوقة إلى حدّ كبير عن الرأي العام في هذا المجتمع العربي المتميّز، الذي يُعدّ منفتحا نسبيا من الناحية الاجتماعية، إنما يصعب دخوله سياسيا. وفق بولوك.